تتفاعل أزمة المهاجرين العالقين على حدود الاتحاد الأوروبي، وسط اتهامات متبادلة بين مختلف الدول، وكان آخرها توجيه بريطانيا اتهامات لفرنسا بـ"التقاعس في منع المهاجرين من الوصول إليها عبر بحر المانش"، انطلاقاً من مدينة كاليه الحدودية الفرنسية. وردّ وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان بحزم، اليوم الإثنين، على البريطانيين، بقوله خلال مقابلة على قناة "سي نيوز" إنه "لا يحق لبريطانيا أن تملي علينا الدروس حول إدارتنا لأزمة المهاجرين الذين يريدون الوصول إليها".
وجاء كلام دارمانان قبل ساعات من لقاء سيجمعه مع نظيرته البريطانية بريتي باتيل، التي ستزور باريس لبحث هذا الملف مع السلطات. واعتبر وزير الداخلية الفرنسي أن هذا الحال هو بسبب تصرفات حكومة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، مطالباً البريطانيين "بالتوقف عن استخدامنا لحل مشكلاتهم الداخلية. نحن لسنا معاونين لهم ولا مساعدين".
هذه الحدة في تصريحات دارمانان تأتي في إطار ملفات خلافية كثيرة فتحت بين البلدين، بدأت عقب اتهامات وجهها وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان لبريطانيا، بأن مسؤوليها من "الطابور الخامس" غداة انضمامها إلى تحالف "أوكوس" الأمني مع الولايات المتحدة وأستراليا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ في 15 سبتمبر/أيلول الماضي. ثم توسع حجم الخلاف ليشمل جوانب اقتصادية، مثل الصيد في المياه المشتركة بين البلدين، إذ سحبت بريطانيا تراخيص لصيادين فرنسيين، لتردّ فرنسا بمنع سفن صيد بريطانية من تفريغ حمولتها في الموانئ الفرنسية والتهديد بقطع إمدادات الطاقة عن بريطانيا.
دارمانان: لا يحق لبريطانيا أن تملي علينا الدروس حول إدارتنا لأزمة المهاجرين
ونهاية الأسبوع الماضي، عبر نحو ألف مهاجر من كاليه إلى بريطانيا على متن قوارب صغيرة، وهو رقم قياسي يسجل لأول مرة منذ سنوات، بعدما هدمت السلطات الفرنسية مخيمات مؤقتة أنشئت في المدينة. كما منعت جمعيات ومؤسسات تعنى بشؤون اللاجئين من تقديم المساعدة للمهاجرين العالقين على الحدود، الأمر الذي اعتبرته بريطانيا استغلالاً فرنسياً للأزمة من أجل تصفية حسابات سياسية مع بريطانيا.
في هذا الشأن، قال متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية إن "البريطانيين شاهدوا ما يكفي من الناس وهم يموتون في المانش، بينما تستفيد عصابات إجرامية لا رحمة لديها من مأساتهم"، مضيفاً بأن التغييرات التي تخطط لها الحكومة في قوانين الهجرة "ستصلح المنظومة المعطلة".
ملف المهاجرين سيكون أحدث التوترات بين لندن وباريس، وهذا يظهر جلياً من كلام دارمانان الذي أضاف خلال مقابلته: "سوف أذكّر نظيرتي البريطانية بأن المنظمات غير الحكومية التي تمنع الشرطة والدرك من العمل، هي إلى حد كبير منظمات غير حكومية بريطانية مع مواطنين بريطانيين على الأراضي الفرنسية ويقومون بأنشطة دعائية". وأضاف أن "الكثير من المهربين الذين ينظمون الشبكات ويستغلون النساء والأطفال موجودون في بريطانيا".
وانتقد دارمانان "سوق العمل في بريطانيا الذي يعتمد إلى حد كبير على جيش احتياطي، كما يقول كارل ماركس، وهم الأشخاص غير النظاميين الذين يمكنهم العمل بأجر منخفض". وشدد على أنه "إذا غيّر البريطانيون تشريعاتهم بدرجة كبيرة، لقد فعلوا ذلك، ولكن ليس بما يكفي، فلن يبقى أحد في كاليه أو دنكيرك". وقال أيضاً "نحن من يتحمل تبعات السياسة البريطانية. يجب ألا نعكس الأدوار".
بريطانيا: فرنسا تستغلّ أزمة اللاجئين لتصفية حسابات سياسية
وجاءت مشاهد آلاف المهاجرين العالقين بين بولندا وبيلاروسيا على حدود الاتحاد الأوروبي، في الوقت المناسب بالنسبة لسياسيي اليمين الفرنسي المتطرف، إذ اعتبرت المرشحة للانتخابات الرئاسية، زعيمة "التجمع الوطني" مارين لوبان أنه "لا ينبغي بأي حال من الأحوال فتح حدود الاتحاد الأوروبي بين بولندا وبيلاروسيا وألا نستسلم للابتزاز". وأضافت في مقابلة على قناة "فرانس إنفو"، اليوم الإثنين، أن أوروبا اليوم "محاصرة من قبل مهاجرين يتم استغلالهم كسلاح". وأوضحت "هؤلاء الآلاف من المهاجرين الذين يعسكرون في بيلاروسيا بالقرب من الحدود البولندية والذين يأملون في العبور إلى الاتحاد الأوروبي هم نتيجة أخطاء الماضي، والتي تمثلت في الاستسلام لابتزاز تركيا. استسلمت السيدة (المستشارة الألمانية أنجيلا) ميركل وأوروبا لتهديدات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان".