آلاف الجثث انتشلت من تحت أنقاض الموصل منذ 2017.. وإرادات سياسية تعرقل التحقيق

22 ديسمبر 2021
تتواصل عمليات العثور على ضحايا تحت الركام (Getty)
+ الخط -

كشفت مصادر عراقية لـ"العربي الجديد"، أنّ "إرادات سياسية" تحول دون فتح تحقيق في ملف آلاف الجثث العائدة لمدنيين والتي يتم انتشالها من تحت الركام في الموصل منذ انتهاء العمليات العسكرية عام 2017 لطرد مسلحي تنظيم "داعش" من المدينة، على يد قوات عراقية مشتركة مدعومة بغطاء جوي من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.

يأتي ذلك بعدما أكدت مصادر رسمية وحقوقية انتشال أكثر من 6 آلاف جثة من تحت أنقاض الموصل، فيما لا يستبعد أن يكون الرقم أكبر من ذلك بأضعاف، نتيجة المجازر التي وقعت.

وقال مسؤول محلي في ديوان محافظة نينوى في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إنّ أغلب الضحايا قضوا بالقصف الجوي والصاروخي على المدينة، وهناك مسؤولية أخلاقية في فتح تحقيق بالملف، لكن إرادات سياسية معروفة تحول دون ذلك. وأضاف المسؤول طالبا عدم ذكر اسمه، أنّ "المتوقع وجود مئات الضحايا الآخرين حتى الآن تحت المباني المدمرة، خاصة بمناطق (الشهوان والميدان والفاروق وباب لكش والقليعات) في الموصل القديمة"، كاشفا أن رفات كثيرين يتم استخراجه وقد قضوا تحت أسقف المنازل بسبب القصف وهناك طرق بدائية متبعة من قبل فرق الدفاع المدني مثل قياس طول عظم الفخذ لمعرفة ما إذا كان الضحية طفلا أو بالغا، وكذلك الملابس للتمييز بين الأنثى والذكر".

وأوضح أن" المنازل التي دُمّرت بفعل القصف الجوي لطيران التحالف والطيران العراقي تسببت بسقوط أغلب الضحايا".

وأكد ضياع رفات كثيرين بسبب عمليات تجريف ورفع أنقاض سحقت فيها عظام تحت الجرافات وعربات النقل، وهذا سبب قوي في كون الموصل القديمة في صدارة الأشخاص مجهولي المصير".

بدوره شكّك الناشط الحقوقي في مدينة الموصل، علي الحمداني، بالرقم المعلن وهو 6 آلاف جثة تم انتشالها من قبل فرق الدفاع المدني منذ عام 2017، وقال لـ"العربي الجديد"، إنّ الفرق التطوعية من أهالي الموصل انتشلت المئات من جثامين الضحايا ورفاتهم وتم نقلها إلى المقابر خارج المدينة لإكرامها ودفنها، دون أي تنسيق من قبل فرق الدفاع المدني، لذا فإن الحصيلة أكبر من 6 آلاف مدني.

وتساءل الحمداني، عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، وهل فتحت تحقيقاً في هذا العدد المهول من الضحايا؟ والشيء الأهم هو استمرار المراوغة واعتبار القتلى ضحايا تنظيم "داعش"، في حين أن كثيرا منهم قضوا نتيجة القصف الجوي والصاروخي.

من جهته، قال المتحدث باسم مرصد "أفاد"، المعني بالقضايا الحقوقية والإنسانية في العراق، زياد السنجري لـ"العربي الجديد"، "إنّ الأرقام المعلنة بخصوص انتشال 6 آلاف جثة غير دقيقة، إذ لا توجد إحصاءات رسمية لأن الملف لم يغلق لهذه اللحظة وهناك عدد عند وزارة الصحة، هو 13 ألف جثة ونعتقد أيضا أنه أقل من الواقع، لأنّ مجزرة واحدة في الموصل الجديدة أدت لدفن 400 مدني بقصف جوي بالطائرات على عدة منازل.

وطالب السنجري السلطات "بفتح تحقيق رسمي للوصول إلى الأعداد الحقيقية والمتسببين بالمجازر، وإغلاق ملف شهداء مدينة الموصل وتعويض ذويهم".

وفي وقت سابق من هذا العام نشر مرصد "أفاد"، تقريرا ميدانيا قال فيه إن فريق الرصد الخاص به جمع شهادات وأدلة تؤكد أن ما بين 700 إلى 1000 جثة لمدنيين، ما زالت تحت الأنقاض لغاية الآن وهي الجثث المعلومة، لكن قد يرتفع العدد إلى الضعفين في حال رفع أنقاض المنازل والمباني الأخرى التي ما زالت جاثمة لغاية الآن.

وبين أن المدينة القديمة في الموصل تحتوي على أكبر عدد من جثث الضحايا، والكثير منهم عوائل كاملة استشهدت في منازلها بفعل القصف الجوي والصاروخي الذي شهدته الموصل خلال معارك طرد تنظيم "داعش" منها.

وكانت صحيفة الصباح الحكومية قد نقلت اليوم عن مسؤول الإعلام في قوة الدفاع المدني بمحافظة نينوى شمالي العراق، المقدم سعد حمادي الخطابي، قوله إن الجثث التي تم انتشالها من تحت ركام مباني الموصل، بلغت نحو 6 آلاف جثة تعود لمدنيين، موضحاً أنّ العدد المعلن يشمل الفترة منذ عام 2017 ولغاية الآن، دون أن يكشف عن تفاصيل بشأن الضحايا والإجراءات القانونية والتحقيقات التي يفترض بالسلطات اتخاذها جراء ذلك.

يأتي هذا بعد يوم واحد فقط من الإعلان عن انتشال 6 هياكل عظمية تعود لمدنيين من تحت أحد المباني المدمرة يُعتقد أنها تعود لعائلة كاملة قضت في القصف، إذ تظهر ملابس سيدة وأطفال وبقايا شعر.

وخصّصت السلطات العراقية مقبرة خارج مدينة الموصل لدفن الرفات الذي يُعثر عليه بين وقت وآخر تحت أنقاض المدينة، وتتواصل عمليات العثور على ضحايا رغم مرور نحو 5 سنوات على استعادة السيطرة عليها عقب المعارك التي استمرت أكثر من سبعة أشهر.

وسيطر تنظيم "داعش" على مدينة الموصل في العاشر من يونيو/ حزيران عام 2014، ولأكثر من عامين قبل إطلاق التحالف الدولي والحكومة العراقية حملة واسعة استمرت لأكثر من 7 أشهر لطرد مسلحي التنظيم منها، وشاركت بها القوات العراقية النظامية ووحدات البشمركة وفصائل مسلحة تتبع "الحشد الشعبي" بغطاء جوي أميركي وبريطاني على وجه التحديد، وأعلن عن انتهاء المعارك في يوليو/تموز 2017، وتسببت المعارك بمقتل وإصابة ما لا يقل عن 40 ألف من المدنيين، فضلا عن دمار هائل قدرت وزارة التخطيط العراقية بأنه طاول أكثر من 56 ألف منزل، ويعتقد أن نحو ألف منزل منها قصفت وكانت تضمّ مدنيين.

المساهمون