"يديعوت أحرونوت": إسرائيل تعهدت أمام سوليفان بعدم شنّ حرب على إيران

24 ديسمبر 2021
تأمل اسرائيل أن تكون واشنطن مستعدة لفرض مزيد من العقوبات الشديدة على إيران (الأناضول)
+ الخط -

في الوقت الذي أطلق فيه قائد سلاح الجو القادم لجيش الاحتلال الجنرال تومر بار، في مقابلة مع "يديعوت أحرونوت" نشرت مقتطفات منها الأربعاء، تصريحات عن أن سلاح الجو الإسرائيلي يستعد خلال ولايته ليشنّ عمليات في العمق الإيراني، قال تقرير لمحرر الشؤون الدولية في القناة "13" الإسرائيلية نداف أيال، نشره في الملحق الأسبوعي للصحيفة، اليوم الجمعة، إنّ الرسالة الإسرائيلية لمستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، الذي زار إسرائيل هذا الأسبوع، هي أنه حتى في حال فشل المفاوضات مع إيران في فيينا، فإنّ إسرائيل لن تقوم بشنّ هجوم يؤدي للانزلاق نحو حرب إقليمية، في حال لم تسارع إيران للتقدم نحو بناء قنبلة نووية.

وبحسب أيال، فإنّ الرسالة الإسرائيلية الجديدة تقوم على اعتماد تكتيك جديد في المفاوضات والمحادثات بين الطرفين. ويقول أيال إنّ حكومة نفتالي بينت تحاول إقناع الأميركيين أنه حتى في حال انهيار المفاوضات، فإنّ هذا لا يعني بالضرورة تدهور الأوضاع إلى حرب إقليمية.

ويأتي هذا التوجه لاعتقاد إسرائيل أنّ الأميركيين يظنون أنه إذا لم يتوصلوا لاتفاق مع إيران، مهما كان هذا الاتفاق، فإنّ ذلك سيشعر الإسرائيليين بحرية أكبر في تصعيد الرد تجاه الملف النووي الإيراني، والردّ إلى حدّ شنّ هجوم قد يقود إلى تدهور الإقليم إلى حرب. وبحسب التقرير، فإنّ إسرائيل تعتقد أنه إذا كان هذا هو منطق التحرك الأميركي، فإنّه سيدفع بهم إلى السعي الدائم للوصول إلى حلّ مع إيران، لأنّ البديل من وجهة نظرهم فظيع.

ويخلص أيال إلى القول إنّ الرسالة التي نقلها الإسرائيليون لسوليفان كانت بسيطة: "إذا لم يصب الإيرانيون بالجنون، (أي اتجاههم لتطوير قنبلة نووية)، فإنّ حرب الظلال بين إيران وإسرائيل ستستمرّ، ولكن إسرائيل لن تذهب لشنّ عمليات حربية".

ووفق ما قاله، فإنّ تصريحات القائد القادم لسلاح الجو، التي نشرت الأربعاء، شكلت صدمة للمستوى السياسي، الذي يحاول حالياً تسويق موقف جديد، لكن تصريحات الجنرالات بشأن شنّ هجوم على إيران تتواصل، وقد طلب رئيس الحكومة من قيادة الجيش الاهتمام بألا تتكرر تصريحات من هذا النوع في الفترة القريبة.

ذهول إسرائيلي من نجاح إيران في المفاوضات

وفي السياق نفسه، ولكن باتجاه مغاير كلياً، اعتبر محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، أنّ الإسرائيليين يذهلون كل مرة من جديد من نجاح الإيرانيين في تحقيق مكاسب والتمسك بخط تفاوضي متشدد، واستخدامهم أوراقاً يعتقد كل من رئيس الحكومة نفتالي بينت ووزير الأمن بني غانتس، أنها ليست قوية.

لكن هرئيل يضيف أنّ إسرائيل تدرك اليوم و"تعترف، بأنّ حجم التأثير المحتمل لها على مواقف الإدارة الأميركية وباقي الدول العظمى في المفاوضات محدود"، فقد تغير جدول أعمال وأولويات إدارة بايدن بشكل لا يخدم مصالح إسرائيل، بعد أن أضيفت إلى سلسلة القضايا التي على أجندة إدارته، من قضايا المناخ والصراع مع الصين، والأزمة الأوكرانية – الروسية.

وخلافاً للمروجين لتصريحات قائد سلاح الجو الإسرائيلي، فقد اعتبر هرئيل هذه التصريحات جزءاً من "طوفان" لا لزوم له من التصريحات القتالية بشأن خيار عسكري من الواضح أنه "غير واقعي".

وبحسب هرئيل، فإنّ ما تراهن عليه إسرائيل وتأمله، هو أن "يقضي التشدد الإيراني إلى استعداد أميركي لفرض مزيد من العقوبات الشديدة" على طهران.

ويشير هرئيل إلى مقال للمسؤول الإسرائيلي السابق في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" الذي ترأس طاقم الحرب المالية ضد إيران، أودي ليفي، على موقع مركز القدس للدراسات الاستراتيجية والأمنية، والذي يبدي فيه الأخير عدم تفاؤله بشأن فاعلية هذه العقوبات، إذ يقول إنه على الرغم من الوضع الاقتصادي الصعب في إيران، لم تنجح العقوبات الدولية بأن تفرض على إيران تسوية بشأن مشروعها النووي.

ووفق ليفي، فإنّ أهداف هذه العقوبات لم تحدَّد لغاية اليوم، وهل هي موجهة لإسقاط النظام أم لإرغامه على تقديم تنازلات في المفاوضات، وهو يعتقد أنّ هناك تراجعاً في القدرة على فرض العقوبات التي تفقد فاعليتها وتأثيرها شيئاً فشيئاً.

ووفق ما قاله، فإنه في ظل التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة من جهة، والصين وروسيا من جهة ثانية، فقد تحوّلت الصين لطوق نجاة لإيران في مواجهة الأخيرة للعقوبات.

ووفقاً لليفي، فإنّ قادة إيران "تعلّموا كيفية ملاءمة أنفسهم مع نظام العقوبات، من خلال بناء "اقتصاد داخل اقتصاد". ففي الوقت الذي تعاني فيه الدولة والمجتمع الإيراني من هذه العقوبات، فإنّ الحرس الثوري يزدهر أكثر فأكثر عبر تسخير قسم كبير من قدرات الاقتصاد الإيرانية المتراجعة لاحتياجاته".

ويصل ليفي إلى القول إنه لا يوجد بتقديره أي "أمل بأن تستجيب الولايات المتحدة الأميركية لمطالب إسرائيل بفرض مزيد من العقوبات على إيران".

ويقترح على الإدارة الأميركية تركيز العقوبات بشكل شخصي على قياديين إيرانيين، مع ذلك تبقى نقطة الضعف الأميركية حالياً نابعة من الأزمة مع روسيا والصين، وهي الأزمة التي لا تتيح تنسيق سياسة دولية متفق عليها ضد إيران. لكنه مع ذلك، يقول إنّ الصين قد تصل إلى تفاهم مع الولايات المتحدة "تضحي من أجله بعلاقاتها مع إيران".

زيارة سوليفان تتويج للتقارب الأميركي-الإسرائيلي بعد الخلاف

من جهته، اعتبر محلل الشؤون الأمنية في موقع "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي، أن زيارة سوليفان لإسرائيل، والتصريحات الصادرة عنه وعن المسؤولين في إسرائيل، سواء تهديدات قائد سلاح الجو الحالي أميكام نوركين، والقائد القادم لسلاح الجو تومر بار، بشأن بناء الخيار العسكري الإسرائيلي، والقدرة على شنّ هجوم على إيران، أو تصريحات المستوى السياسي، وعلى رأسه نفتالي بينت، تمثل في واقع الحال تحولاً إيجابياً في الجهد الأميركي الإسرائيلي المشترك حيال إيران.

ووفق ما قاله، فإن هذه التحركات تقوم عملياً على نبذ الخلافات، وتراشق التصريحات بين واشنطن وتل أبيب، لصالح تنسيق العمل، بهدف تكثيف الضغوط الموجهة لإيران لإبداء مرونة في المفاوضات، والنزول "عن الشجرة العالية التي تسلقتها".

ووفقاً لرون بن يشاي، فإن زيارة سوليفان، من جهة، وتصريحات الجنرال تومر بار من جهة ثانية، يشكلان المركبين الرئيسيّين في التحرك الأميركي - الإسرائيلي. ويسعى هذا التحرك إلى إقناع إيران بإعادة رسم مسارها التفاوضي من جديد، والقبول بتحديد سقف منخفض لتخصيب اليورانيوم، والموافقة على تشديد المراقبة الدولية على منشآتها، مقابل موافقة أميركية على رفع العقوبات التي فرضها الرئيس دونالدد ترامب على إيران عند انسحابه من الاتفاق النووي عام 2018.

ويعتمد التحرك الجديد الأسلوب الكلاسيكي في التحقيقات، في تقاسم الأدوار بين شرطي جيد وشرطي سيئ، وبطبيعة الحال، خصّص لإسرائيل دور الشرطي السيئ، الذي يهدّد باللجوء للقوة، فيما تُركت الدبلوماسية للجانب الأميركي. مع ذلك، يلفت بن يشاي إلى أن سوليفان حرص على إطلاق تصريحات تحمل عملياً تهديداً لإيران، عندما قال إن إدارة بايدن اتخذت قراراً في الغرف المغلقة متى ستنسحب الولايات المتحدة من مفاوضات فيينا، وتزيد من العقوبات المفروضة على طهران.

وحدّد سوليفان هذه المدة "بعدة أسابيع"، في حال أصرّت إيران على عدم إبداء مرونة في مواقفها.

إلى ذلك، لفت بن يشاي إلى عبارة استخدمها سوليفان في مقابلات صحافية في الردّ على سؤال بشأن إمكانية قيام إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية لإيران، عندما قال إن "إسرائيل دولة ذات سيادة".

واعتبر بن يشاي أن هذا التصريح الدبلوماسي يعني عملياً أن إسرائيل تملك حالياً على الأقل، ضوءاً أصفر واضحاً من الولايات المتحدة لفعل ما تراه ضرورياً، ومتى تعتقد ذلك ضرورياً. مع ذلك، هذا لا يعني أن هناك قراراً أميركياً بمنح إسرائيل ضوءاً أخضر لمهاجمة إيران، أو أن هناك تفاهماً بأن واشنطن ستساعد في هجوم يهدف لتدمير خطة الذرة الإيرانية.

المساهمون