يتجه حزب "العدالة والتنمية" المغربي إلى تأجيل انعقاد مؤتمره الوطني العادي المقرر السنة المقبلة، لمدة سنة كاملة، بعد أن أقر المجلس الوطني للحزب، مساء السبت، مشروع قرار قدمته الأمانة العامة بهذا الخصوص، في وقت يسود فيه جدل داخل الحزب بخصوص مطلب التأجيل.
وكشفت مصادر من "العدالة والتنمية " المعارض أن الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني (برلمان الحزب)، المنعقدة مساء السبت، انتهت إلى المصادقة على مشروع قرار بتأجيل المؤتمر الوطني التاسع العادي، لمدة سنة كامل، على أن يتم الحسم بشكل نهائي في المشروع خلال المؤتمر الاستثنائي، الذي سيُعقد في 30 و31 من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
وبحسب المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن قرار تأجيل المؤتمر العادي لسنة كاملة أملته ضرورة فتح المجال أمام القيادة الجديدة التي سينتخبها المؤتمر الاستثنائي لإعداد أوراق المؤتمر العادي، ولملمة صفوف الحزب بعد الهزيمة المدوية، التي كان قد مني بها في انتخابات الثامن من سبتمبر/ أيلول الماضي، وجعلته يتقهقر إلى المرتبة الثامنة، بعد أن ظل طيلة 10 سنوات يتصدر المشهد الحزبي في البلاد.
ويأتي قرار تأجيل المؤتمر العادي لمدة سنة مخرجاً للجدل المثار داخل الحزب، حول توقيت عقده، إذ اعتبر البعض، ومن أبرزهم الأمين العام السابق عبد الإله بنكيران، أن عقده في موعده السنة المقبلة، وبعد محطة المؤتمر الاستثنائي المقررة نهاية الأسبوع المقبل، سيكون "تشويشاً وتضييقاً على الأمانة العامة الجديدة التي ستنتخب خلال المؤتمر الاستثنائي".
من جهة أخرى، أقرّ برلمان الحزب الإسلامي مسطرة ترشيح الأمين العام، والتي طاولها تغيير واحد يتمثل في اضطلاع المجلس الوطني المنتخب خلال المؤتمر بتشكيل لجنة ترشيح الأمين العام، خلافاً لما كان عليه الأمر في محطات سابقة، حيث كان أعضاء المجلس الوطني القديم وأعضاء المجلس الوطني الذي يفرزه المؤتمر هم من يضطلعون بمهمة تشكيل اللجنة.
وكانت الأمانة العامة للحزب قد قررت، في التاسع من سبتمبر/ أيلول الماضي، الدعوة إلى انعقاد مؤتمر استثنائي لانتخاب قيادة جديدة بعد الاندحار الانتخابي الذي سجّله الحزب خلال الانتخابات المحلية والبرلمانية. كذلك حدّدت الأمانة العامة، في 12 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، موعد عقد المؤتمر الاستثنائي في 30 و31 من الشهر نفسه، لانتخاب قيادة جديدة.
ويقف الحزب الإسلامي على مفترق طرق مفصلي قد يؤدي إلى إعادة النظر في الكثير من مرجعياته، ويجعل مشروعه السياسي ككل محل تساؤل، وذلك بالتزامن مع مخاوف من تصدع داخلي في ظل تباين المواقف في صفوفه بخصوص من يتحمل مسؤولية ما حصل من هزيمة انتخابية مدوية.
وخلال الأيام الماضية، عاش الحزب الإسلامي جدلاً واسعاً داخل صفوفه بعد دعوة صادرة عن عبد العالي حامي الدين، نائب رئيس المجلس الوطني (ثاني أعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر الوطني)، إلى استبعاد "جيل التأسيس" من المرحلة المقبلة، وفك الارتباط مع الحركات الدعوية (حركة التوحيد والإصلاح التي تعدّ الخزان الانتخابي للحزب) لإنقاذ الحزب بعد النتائج الكارثية التي حققها. وهي الدعوة التي لاقت معارضة من قياديين آخرين اعتبروا أنّ ما يطرحه حامي الدين رسالة مباشرة غُلِّفت بالكثير من الكلام، عنوانها الرئيس "لا لعودة الأمين العام السابق عبد الإله بنكيران لقيادة العدالة والتنمية".
وبقدر ما كان الجدل الذي أثير حول عودة الأمين العام السابق لقيادة الحزب كأحد الخيارات المطروحة لتجاوز الزلزال الانتخابي وارتداداته دليلاً على الانقسام الحاصل داخل البيت الداخلي؛ فإن الثابت وسط مرحلة الارتباك هذه أنّ التوتر التنظيمي الذي أحدثه السقوط المدوي في الانتخابات لن يتوقف، وأن ما قبل هذه المرحلة ليس كما بعدها بالنسبة إلى الحزب الإسلامي، الذي سيجد نفسه مقبلاً على مرحلة جديدة، في ظل مطالبة قيادات داخله بصياغة مرجعية فكرية جديدة وعدم الارتكان إلى الجيل المؤسس.