رفض مسؤول في وزارة الخارجية المصرية، التعليق على إعلان وزارة العدل الأميركية، اعتقال رجل مصري يحمل الجنسية الأميركية ويسكن في مانهاتن، بتهمة جمع معلومات استخباراتية عن معارضي نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في نيويورك.
وقال المصدر، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، إن "الخارجية المصرية تقوم بإعداد رد عن مزاعم المدّعي العام الأميركي"، مضيفاً أن "العلاقات المصرية الأميركية راسخة ولن تتأثر بقضايا مثل تلك".
وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي في ولاية نيويورك الأميركية قد أعلن، يوم الخميس، اعتقال بيير جرجس، الحامل للجنسية الأميركية من أصل مصري، وذلك بتهمة التجسس على المعارضين المصريين في الولايات المتحدة، لحساب أجهزة استخبارات مصرية منذ عام 2014.
وكشف مكتب التحقيقات عن لائحة اتهام جرجس، وهي التصرف والتآمر للعمل في الولايات المتحدة كوكيل غير مسجل لجمهورية مصر العربية، مشيراً إلى أنه جرى اعتقاله في وقت سابق من يوم الخميس، تمهيداً لعرضه أمام القاضي الأميركي روبرت دبليو ليربرغر.
وقال المدعي الأميركي داميان ويليامز، "فشل جرجس في التسجيل كوكيل أجنبي في الولايات المتحدة، بناءً على طلب من المسؤولين المصريين؛ وتضمن السلوك المحظور له محاولة جمع معلومات استخبارية غير عامة سراً، حول أنشطة المعارضين السياسيين للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والوصول إلى المسؤولين الأجانب لحضور تدريبات لإنفاذ القانون في مانهاتن".
وأضاف ويليامز "مكتب التحقيقات الفيدرالي سيواصل التطبيق الصارم لقوانين تسجيل الوكلاء الأجانب، والتي تظل بالغة الأهمية لضمان عدم تأثر الحكومة الأميركية سراً بالحكومات الأجنبية".
بدوره، قال مساعد المدعي العام ماثيو جي أولسن "لن تسمح وزارة العدل الأميركية لوكلاء الحكومات الأجنبية بالعمل في الولايات المتحدة، بغرض ملاحقة وجمع المعلومات عن منتقدي تلك الحكومات"، موضحاً أن "جرجس عمل بتوجيه من الحكومة المصرية على استهداف منتقدي الرئيس المصري من المقيمين في الولايات المتحدة؛ بما يتعارض مع القوانين والقيم الأميركية".
من جانبه، قال مساعد المدير المسؤول لمكتب التحقيقات الفيدرالي مايكل دريسكول "يُطلب من وكلاء الدول الأجنبية التسجيل لدى حكومتنا لسبب وجيه، فهم غالباً ما يتصرفون لصالح بلدانهم الأم، وضد مصالح الولايات المتحدة"، مضيفاً "نزعم أن جرجس أرسل معلومات غير عامة إلى القاهرة لصالح الحكومة المصرية، ومخالفته قوانيننا، وعلينا تحميله المسؤولية".
استفاد جرجس من اتصالاته مع ضباط إنفاذ القانون الأميركيين المحليين، لجمع معلومات غير عامة عن المعارضين
ووفقاً للادعاءات الواردة في لائحة الاتهام بمحكمة مانهاتن الفيدرالية والبيانات التي تم الإدلاء بها أثناء إجراءات المحكمة؛ فإن جرجس عمل كوكيل للحكومة المصرية خلال الفترة من عام 2014 حتى عام 2019 على الأقل، من دون إخطار المدعي العام الأميركي كما يقتضي القانون.
وعمل جرجس بتوجيهات وسيطرة العديد من المسؤولين في الحكومة المصرية، في محاولة لتعزيز مصالح القاهرة داخل الولايات المتحدة. وبناءً على توجيهات المسؤولين الحكوميين المصريين، حصل جرجس على معلومات بشأن المعارضين السياسيين للسيسي.
واستفاد جرجس أيضاً من اتصالاته مع ضباط إنفاذ القانون الأميركيين المحليين، لجمع معلومات غير عامة عن المعارضين، بتوجيه من المسؤولين المصريين؛ وترتيب مزايا للمسؤولين المصريين الذين كانوا يزورون مانهاتن، وعقد اجتماعات منسقة بين سلطات إنفاذ القانون الأميركية والمصرية في الولايات المتحدة، بما في ذلك ترتيب حضور المسؤولين المصريين تدريبات الشرطة، حسب لائحة الاتهام.
وفي 7 مايو/أيار 2018، ناقش جرجس وضعه كوكيل للحكومة المصرية مع مسؤول مصري باستخدام تطبيق مراسلة مشفر. وخلال المحادثة، أعرب المسؤول المصري عن إحباطه بشأن تواصل جرجس مع موظفين من وكالة حكومية مصرية مختلفة، مطالباً إياه بـ"عدم التواصل مع جميع الوكالات المصرية الأخرى".
وفي تبادل لاحق للرسائل، نصح المسؤول المصري جرجس بأن الوكالات الحكومية المصرية الأخرى "تريد المصادر الخاصة به لنفسها"، بعدما أصبح مصدراً مهماً لهم لجمع المعلومات. ما رد عليه جرجس، بالقول: "أنا أعرف وأرى وأتعلم منك"، ثم أبلغ المسؤول المصري بأنه "لن يكرر هذا الأمر مرة أخرى".
يواجه جرجس تهمتين تصل عقوبة إحداهما إلى السجن 5 سنوات وأخرى إلى السجن 10 سنوات كحد أقصى
وبعد حوالي عام واحد، وفي سياق عمليات جرجس المستمرة كوكيل مصري؛ ناقش والمسؤول المصري رحلة قادمة لبعض المسؤولين المصريين إلى الولايات المتحدة. وخلال المحادثة الهاتفية، قال جرجس: "أخبرني ماذا تريد مني أن أفعله"، ورد المسؤول المصري بالاستفسار عن علاقته مع ضابط تنفيذ قانون أميركي معين.
وأشارت لائحة الاتهام إلى إصدار المسؤول المصري تعليمات إلى جرجس بأن يطلب من ضابط إنفاذ القانون الأميركي شيئاً ما، قائلاً "نريدك أن تعرف ما إذا كانت هناك أي تدريبات للشرطة ستجري في مانهاتن خلال الأيام المقبلة؛ وإذا كان الأمر كذلك، فمن هم المسؤولون عن هذه التدريبات؟ لأننا نود الحضور".
وأفادت وزارة العدل الأميركية بأن جرجس يبلغ من العمر 39 عاماً، وهو من سكان مانهاتن، ومتهم بـ"التآمر للعمل كوكيل لحكومة أجنبية من دون إخطار النائب العام، والتي تصل عقوبتها القصوى إلى السجن لمدة خمس سنوات، إضافة إلى تهمة التصرف كوكيل لحكومة أجنبية من دون إخطار المحامي العام، وتصل عقوبتها القصوى إلى السجن 10 سنوات؛ على أن يتم تحديد الحد الأقصى للعقوبات المحتملة من قبل مجلس النواب (الكونغرس)".
وأشاد ويليامز بالعمل الاستقصائي المتميز الذي قام به مكتب التحقيقات الفيدرالي، ومكتبه الميداني في نيويورك (قسم مكافحة التجسس)، موجهاً الشكر إلى قسم الأمن القومي التابع لوزارة العدل، وقسم مكافحة التجسس ومراقبة الصادرات، على مساعدتهم في هذا العمل.
وتعهّد وليامز بأن مكتبه سوف يستمر في تنفيذ قانون تسجيل العملاء الأجانب بصرامة، والذي يظل ضمانة هامة بشأن عدم التأثير على الحكومة الأميركية من أي حكومات أجنبية.
وختمت وزارة العدل الأميركية في بيان لها بالقول إن "توجيه الاتهام إلى جرجس مجرد ادعاء، وجميع المتهمين يعتبرون أبرياء حتى تثبت إدانتهم، بما لا يدع مجالاً للشك أمام المحكمة".