ذكرى يوم الأرض والزحف الفلسطيني

01 ابريل 2019
+ الخط -
استقبل الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة، وفي الشتات وأماكن وجوده، الذكرى 43 ليوم الأرض، أرض الآباء والأجداد، الأرض التي لا أرض سواها، ولا بديل لها إلا هي، الأرض التي اقتُلع أصحابها منها بقوة السلاح وهُجّر أهلها الأصليون من بيوتهم بعد ارتكاب أبشع المجازر بحقهم على أيدي عصابات صهيونية لقيطة.
وحلّت الذكرى وسط تصعيد خطير في الهجمة على البيوت العربية في الداخل الفلسطيني، وممارسة شتى أصناف القهر والاستبداد، وسنّ قوانين وأوامر صهيونية بتدمير البيوت وتجريم من يسكن فيها، من خلال غرامات مالية باهظة وابتلاع للأراضي، وتوسيع مخططاتهم الاحتلالية والإحلالية، وبناء المستوطنات، بل وتبنّي سياسة الإقصاء ممثلة بقانون الأبارتهايد المسمّى "قانون القومية"، وممارسة الإرهاب بعينه على الشعب الفلسطيني، وقصف قطاع غزة، وبناء المستوطنات في الضفة الغربية، وتهويد القدس العربية، وانتهاك حرمة المسجد الأقصى. وأخيراً ضمّ الجولان، والتضييق على الأسرى في سجون الاحتلال، وبناء الأمجاد الصهيونية على حساب الشعب الفلسطيني.
وتحيي الجماهير الفلسطينية ذكرى يوم الأرض الخالد، فيما تتزايد شراسة العدوّ الصهيوني، وتوظف الإدارة الأميركية في مسعاها هذا، واقع التمزق الفلسطيني - الفلسطيني، والعربي - العربي ومحاولة استمالة اللوبي الصهيوني النافذ في واشنطن لصالح ترامب، ولصالح الحزب الجمهوري. ولعل قرار ترامب إعلان الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، يتمثل بمقاربة إدارته للصراع العربي الإسرائيلي عموماً، وفي صلبه الموضوع الفلسطيني، فقد بات واضحاً أن إدارة ترامب تسعى إلى إعادة رسم ملامح الصراع، ووضع محددات جديدة له، بتبني مفاهيم اليمين الإسرائيلي وتصوراته وأهدافه على حساب الفلسطينيين والعرب، التي أصبحت أيضاً تشكل خطراً كبيراً على الأمن والسلم الدوليين، وعلى الأعراف والقوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن.
في الإطار العام، تقوم مقاربة إدارة ترامب كما في موضوع القدس، وقطع المساعدات عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، في سبتمبر/ أيلول 2018، على تحييد ما تعتبره عقبات على طريق حل الصراع العربي مع إسرائيل، وذلك ليس بحل القضية الفلسطينية بل بإلغائها، وليس بتلبية المطالب العربية العادلة بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، بل بتجاوزها.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فسّر من قبل مسألة اعترافه بالقدس عاصمة (لإسرائيل) ونقل السفارة الأميركية إليها، بأنه "شيء جيد قمت به، ذلك أننا أزلنا هذه العقبة من طاولة المفاوضات، في كل مرة، كانت هناك محادثات سلام، فإنهم لم يتمكّنوا أبداً من تجاوز أن تكون القدس هي العاصمة، ولذلك قلت فلنزحها عن الطاولة". وضمن المنطق نفسه، كانت مسألة حق العودة عقبة أخرى في طريق السلام، وجبت إزاحتها من طاولة المفاوضات، عبر وقف تمويل "أونروا"، ومن ثمّ تسهيل التوصل إلى اتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
تقوم مقاربة إدارة ترامب لما تعرف بـ"صفقة القرن"، على إجبار العرب على الاعتراف بالأمر الواقع الذي فرضته إسرائيل، وتفريغ الحقوق الفلسطينية والعربية من القضايا الجوهرية والمركزية، بحجة صعوبة التوصل إلى حلول توافقية لها، ومن ثمّ لا يبقى قضايا حساسة يمكن أن تفجر خلافات تفاوضية!
لقد أصبح واضحاً أن الانحياز الأميركي لإسرائيل تحول في عهد ترامب إلى نهج جديد، يتلخص بتبعية أميركية كاملة لليمين الإسرائيلي في قضايا الصراع العربي، الإسرائيلي عموماً وقضية فلسطين خصوصاً.
لذلك، جاءت الدعوة إلى إحياء يوم الأرض في ذكراه الـ 43، لجعل هذا اليوم يوم الوحدة الوطنية، ويوم الزحف في مسيرات العودة وتكاتف الكل الفلسطيني في المعركة الجامعة ضد الممارسات الصهيونية، وضد التسلّط والعنجهية الأميركية، ومن أجل دحر قانون القومية وكل السياسات الصهيونية العنصرية، ومن أجل الأرض والمسكن والعيش الكريم، والتمسك بالأرض والبقاء فيها والدفاع عنها وعن الحقوق الوطنية الفلسطينية، وحماية مستقبل الأجيال القادمة وانتصار قرار الشعب الفلسطيني على قرار الاحتلال والعنصرية وعودة الحقوق إلى أصحابها.
73503916-AE86-4467-9685-E4E3F3B13B2F
73503916-AE86-4467-9685-E4E3F3B13B2F
ظاهر صالح
كاتب فلسطيني.
ظاهر صالح