عندما يفوز الحمار في الانتخابات

08 يناير 2015
+ الخط -

دخل الليث الضرغام إلى البيت، صعوداً على الدرج، لأنّ الكهرباء مقطوعة، وقد حلق لبدته على "الصفر"، فشهقت زوجته اللبوة القسور من منظر زوجها المضحك، وقالت، ويدها على خصرها: لازم يكتبوا عليك أسد حتى لا يخلطوا بينك وبين الهرّة، ممكن تشرح لي لمَ عملت نفسك عظاية؟ فقال: خائف أن يتهموني "إخوان".
قالت اللبوة ساخرةً: إخوان؟ أنت حلقت اللبدة، واللبدة على اليافوخ، وليس لحية على الذقن يا... سيد الغابات؟
فقال، وهو يتناول الريموت كونترول: درهم حلاقة خير من قنطار شبهات.
جلس وتابع نتائج فوز الحمار برئاسة الجمهورية بنسبة 98 بالمائة، فلم يضحك، فقالت الزوجة: سمعت أنّ الانتخابات نزيهة، ممكن تشرح كيف تكون نزيهة بهذه النسبة يا صاحب العرين المطيّن بستين طين.
التزوير أنواع يا مولاتي، ليس كل التزوير بالأوراق والأصوات. هناك تزوير إرادة، وتزوير بالرشوة، وهنالك تزوير بالخوف، الخوف يرش على الرفض سكراً وسمسماً، ويجعل اللبدة لحية، وأشار إلى رأسه الحليق. وهناك، أحياناً، عملية انتخاب شبه ديمقراطي لربع الشعب أو عُشْره، أما إعلان النتائج فشيء آخر. أغرب ما قرأت من تحليلات أنّ الإناث كن سبب فوز الحمار؟
قالت اللبوة: دائماً ترمون بخيباتكم علينا نحن الإناث. لا يبدو أنّ منظر الحمار مثير، وهو عجوز مكحكح؟
قال الليث الضرغام: العلة ليست في مشهده، إنما في سياسته الإباحية. نحن عندما نتسافد، نغيب عن العيون وراء أكمة، أما هو فيفعلها بوقاحة، حتى في مجلس الشورى؟ "تحرر" يعني.
فندبت اللبوة القسورة ولطمت وقالت: يا فرحتي. يعني سنعيش تحت حكم الحمير.
 ولو... قضينا عمراً تحت حكمها، والحمير حكيمة للحكم، وهي ربة الأمن والاستقرار، وصبورة على التخلف والأميّة والغباء، ويركبها الغرب كيفما شاء، فمن يستطيع أن يحكم الغابة سوى الحمير بعد كل هذا الفساد. حيث: الأسد فيها حليق، والضبع فيها محامٍ عام وطليق، والثعلب هو الوفي الصديق، ومالك الحزين كافر وزنديق، وفرس النهر بهلوان ورشيق، والقرد هو السيد البطريق، والنشيد الوطني هو النهيق، ولعاب الكلب هو الرحيق، والجاموس هو الشاعر الرقيق، والدستور نقيق في نقيق، والقَسَم ليس سوى تلفيق.
 قاطعته اللبوة: أحسنت. تحتاج إلى تصفيق، أيها الأسد الحليق. حتى الآن، لم أقتنع بتفسيرك الدقيق؟
قال الحليق: الغرب، يا أَمَة الله، يريد عملية انتخاب شكلية، وقد تمت، وفاز الحمار على الفيل، وبني السد على نهر النيل.
قلب الفضائية الإخبارية إلى فضائية راقصة، وما أكثر الراقصات: وقال يا أمة الله، لم يعد شيء يشبه نفسه. سمع أصواتاً في الخارج، فهرع إلى النافذة، فوجد مسيرة "عفوية" لمجموعة من النمور المرقطة والفهود الوشق، وهي تحمل صورة للحمار واضعاً نظارة سوداء، وتهتف بحياته، فأغلق الشباك ونزل مسرعاً، فصاحت به الزوجة: إلى أين أيها الملك؟
قال: إلى الكفاح في هتاف المسيرة، سأثبت وجودي دقيقتين وأعود. الفضائيات والأئمة يحضّون على الوشاية، ومن خاف سلم.
تابعت اللبوة تقطيع الخضروات، ومشاهدة مجلس الشورى قبل أن يغادر، صاحت اللبوة: هذا أسد هزبر في مجلس الشورى وغير حليق! فقال وهو يفتح الباب، فيعلو الهتاف للحمار، محرر الأقطار، وفاتح البلدان والأمصار، وقاهر المسلمين والكفار: هذا كلب من نوع الدوارس عامل سيشوار، أو كلب "تيبتي" من نوع تشاو شو، أو هو كلب بلبدة مستعارة. لاحظت وجود ملتحٍ بين الحضور، ثم تبيّن بعد أن اقتربت منه الكاميرا أنه تيس، فصدر منها زئير استنكار، ما لبثت أن كتمته خوفاً، وهي تتلفت حولها، وحوّلته إلى .. بُشرة مواء.
 

 


 

أحمد عمر
أحمد عمر
أحمد عمر
كائن يظنُّ أن أصله طير، من برج الميزان حسب التقديرات وطلاسم الكفّ ووحل الفنجان.. في بكرة الصبا أوعشية الشباب، انتبه إلى أنّ كفة الميزان مثقوبة، وأنّ فريق شطرنج الحكومة "أصحاب فيل"، وأنّ فريق الشعب أعزل، ولم يكن لديه سوى القلم الذي به أقسم" فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا..."
أحمد عمر