18 أكتوبر 2024
حكومة لبنان وتحدّيات الإنقاذ
صادق الرئيس اللبناني، ميشال عون، على حكومة حسّان دياب، بعد شهر ويومين على تكليفه، وذلك بعد تذليل آخر العقبات التي أخّرت عملية التأليف، وهي منطق المحاصصة. وقد أعلن دياب حكومة من 20 وزيراً تحت عنوان "حكومة إنقاذ لبنان"، ليبقى أمامه نيل ثقة المجلس النيابي، وهو أمر متوقّع، بالنظر إلى أن الأطراف السياسية التي سمّته لرئاسة الحكومة شاركته تشكيلها، وهي تملك الأكثرية في المجلس، وبالتالي ستمنح الثقة لحكومته التي تشكّلت بموافقتها، إن لم نقل بإرادتها. إلا أن أمام "حكومة إنقاذ لبنان" تحدّيات من نوع آخر، وفيها تكمن الصعوبة الحقيقية والتحدّي الحقيقي.
منذ اللحظة الأولى لإعلان الحكومة، تحرّك الشارع اللبناني ضدّها، وأعلن رفضه لها، لأنه اعتبرها حكومة اللون الواحد، حكومة المحاصصة والسياسيين، فاندفع الناس إلى قطع الطرق في مناطق عديدة، ومحاولة الدخول إلى المجلس النيابي. وفي كسب ثقة الشارع، يكمن التحدّي الأساسي أمام حكومة دياب. هي بحاجة لإقناع الناس المحتجّين والمعتصمين منذ ثلاثة أشهر بأنها ليست حكومة السياسيين المتهمين عندهم بـ "خراب البصرة" وانهيار البلد. وليست حكومة أيٍّ من الأطراف السياسية، بل هي فعلاً حكومة تحاكي تطلعات المعتصمين والمحتجين، وستعمل على تلبية تطلعاتهم وحلّ الأزمة المالية الاقتصادية، وستكافح الفساد، وستضع حدّاً للهدر والسرقة والتهرّب والتهريب، وستعمل على إعادة الأموال المنهوبة، فإذا نجحت حكومة دياب في إقناع الشارع بذلك، تكون قد نجحت في الخطوة الأولى التي يمكن البناء عليها للخطوة الثانية الأخرى. وإذا فشلت، وهذا متوقع، لن تتمكّن من الصمود طويلاً أمام الأزمات التي ستتوالد وتتكاثر، ولن تجد الحكومة لها حلاًّ.
تجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة قد تطلب من الشارع فرصةً لإثبات حسن نيتها وجدّيتها في العمل، وله أن يقبل ذلك أو يرفضه، ولكن في كل الحالات يجب أن يظلّ حارساً أميناً على الإنجازات
التي تحققت، والتي يمكن مراكمتها والبناء عليها لإنجاز المزيد في مسيرة استعادة الدولة وبنائها.
أمّا التحدّي الآخر الماثل أمام حكومة دياب فهو كسب ثقة المجتمع الدولي والعربي، والذي يتم التعويل عليه، من أجل تحصيل المساعدة مالياً واقتصادياً للخروج من الأزمة. ومعروفٌ أن المجتمع الدولي يرهن مساعدته لبنان بحكومة تلبي تطلعات الشعب اللبناني. ومن هنا أهمية النجاح في الخطوة الأولى للفوز بالخطوة الثانية. فضلاً عن ذلك، فإن حكومة دياب أمام مسؤولية إبعاد لبنان عن المحاور الإقليمية والصراعات القائمة في المنطقة، باستثناء موضوع العداء لكيان الاحتلال الاسرائيلي. والنجاح في هذه المسؤولية (إبعاد لبنان عن صراعات المنطقة) يُكسب الحكومة الفوز بتحدّي كسب ثقة المجتمعيْن، الدولي والعربي، وإلاً سيفاقم الفشل في ذلك الأزمة، ويضع لبنان في مواجهة كبرى مع هذين المجتمعين، ليس له قدرة على تحمّل تبعاتها.
أمّا التحدّي الثالث، والذي يمكن أن يكون الأول في أهميته، فهو تحدّي إقناع الرئيس دياب الأطراف التي سمّته لرئاسة الحكومة، وشاركته تشكيل الحكومة بضرورة التخلّي عن سياساتها القائمة على المناكفة والكيدية والمحاصصة وإدخال لبنان في صراعات المحاور، والاكتفاء بدعمه في عملية إنقاذ لبنان، اقتصادياً ومالياً وسياسياً وأمنياً، وهو في الحقيقة التحدّي الأساسي، فمنه يمكن بناء ثقةٍ مع المعتصمين، ومنهما يمكن كسب ثقة المجتمعين، الدولي والعربي، وبالتالي كسب هذا التحدّي هو بداية الانتصار في مواجهة هذه المعركة من التحدّيات.
ولكن لا يبدو، ومن خلال طريقة تشكيل الحكومة، وتعامل الأطراف السياسية مع آلية التشكيل، أنّ طريق الرئيس دياب وحكومته سيكون سهلاً وميسّراً، أو أن تلك الأطراف ستساعده في معركة مواجهة التحدّيات، فما زالت تلك القوى محكومةً بمنطق المحاصصة والمصالح الذاتية في مقابل منطق آخر في مكان آخر محكوم بالإلغاء والمعركة الصفرية، وهذا ما يمكن أن يقوّض كل الجهود للخروج من الأزمات، بقدر ما يمكن أن يشكّل متكأً للرئيس الجديد في معركة إدارة التناقضات.
تجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة قد تطلب من الشارع فرصةً لإثبات حسن نيتها وجدّيتها في العمل، وله أن يقبل ذلك أو يرفضه، ولكن في كل الحالات يجب أن يظلّ حارساً أميناً على الإنجازات
أمّا التحدّي الآخر الماثل أمام حكومة دياب فهو كسب ثقة المجتمع الدولي والعربي، والذي يتم التعويل عليه، من أجل تحصيل المساعدة مالياً واقتصادياً للخروج من الأزمة. ومعروفٌ أن المجتمع الدولي يرهن مساعدته لبنان بحكومة تلبي تطلعات الشعب اللبناني. ومن هنا أهمية النجاح في الخطوة الأولى للفوز بالخطوة الثانية. فضلاً عن ذلك، فإن حكومة دياب أمام مسؤولية إبعاد لبنان عن المحاور الإقليمية والصراعات القائمة في المنطقة، باستثناء موضوع العداء لكيان الاحتلال الاسرائيلي. والنجاح في هذه المسؤولية (إبعاد لبنان عن صراعات المنطقة) يُكسب الحكومة الفوز بتحدّي كسب ثقة المجتمعيْن، الدولي والعربي، وإلاً سيفاقم الفشل في ذلك الأزمة، ويضع لبنان في مواجهة كبرى مع هذين المجتمعين، ليس له قدرة على تحمّل تبعاتها.
أمّا التحدّي الثالث، والذي يمكن أن يكون الأول في أهميته، فهو تحدّي إقناع الرئيس دياب الأطراف التي سمّته لرئاسة الحكومة، وشاركته تشكيل الحكومة بضرورة التخلّي عن سياساتها القائمة على المناكفة والكيدية والمحاصصة وإدخال لبنان في صراعات المحاور، والاكتفاء بدعمه في عملية إنقاذ لبنان، اقتصادياً ومالياً وسياسياً وأمنياً، وهو في الحقيقة التحدّي الأساسي، فمنه يمكن بناء ثقةٍ مع المعتصمين، ومنهما يمكن كسب ثقة المجتمعين، الدولي والعربي، وبالتالي كسب هذا التحدّي هو بداية الانتصار في مواجهة هذه المعركة من التحدّيات.
ولكن لا يبدو، ومن خلال طريقة تشكيل الحكومة، وتعامل الأطراف السياسية مع آلية التشكيل، أنّ طريق الرئيس دياب وحكومته سيكون سهلاً وميسّراً، أو أن تلك الأطراف ستساعده في معركة مواجهة التحدّيات، فما زالت تلك القوى محكومةً بمنطق المحاصصة والمصالح الذاتية في مقابل منطق آخر في مكان آخر محكوم بالإلغاء والمعركة الصفرية، وهذا ما يمكن أن يقوّض كل الجهود للخروج من الأزمات، بقدر ما يمكن أن يشكّل متكأً للرئيس الجديد في معركة إدارة التناقضات.