اليمن.. السلام الصعب

24 اغسطس 2018
+ الخط -
تتجه أنظار اليمنيين نحو مدينة جنيف، ليس بغرض السياحة ومشاهدة بحيرة جنيف الشهيرة، أو قمم جبال الألب والتضاريس الجبلية. وإنما ستعقد فيها محادثات السلام، وذلك في السادس من سبتمبر/ أيلول المقبل، بناءً على دعوة الأمم المتحدة طرفي الصراع، الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي.
وجاء ذلك بعد عامين على آخر محادثات جرت في الكويت. وكان السفير الأميركي في اليمن، ماثيو تولر، قد صرّح إنّ المشاورات ستبدأ في سبتمبر/ أيلول لبحث إجراءات بناء الثقة، مؤكدا أنّها خطوة في طريق الوصول إلى حل شامل للصراع في البلاد. وأضاف في مؤتمر صحفي في القاهرة، أنه التقى جميع الأطراف في اليمن، وأبدوا استعدادهم للانخراط في هذه المشاورات من دون شروط مسبقة.
نتساءل عن نتائج المفاوضات: هل سترفع من سقف الأمل لدى اليمنيين الذين تزداد معاناتهم بسبب الحرب، يوما بعد آخر؟
إذا خرج الجميع من طاولة المفاوضات، وقد اتفقوا على المواضيع التي من المتوقع أن يتم الإتفاق عليها، والتي طرحها سفير واشنطن لدى اليمن، فيما يتعلق بإطلاق الأسرى والمعتقلين، وفتح المطارات أمام الرحلات التجارية والمدنية، وفي مقدمتها مطار صنعاء، وبناء الثقه بين الطرفين، واتخاذ إجراءات مع البنك المركزي، لتثبيت سعر العملة اليمنية.. هذا سيخفف من معاناة اليمنيين؛ سيما أنّ الحل في اليمن لن يكون كما يتوهم بعضهم، أي من خلال إقصاء الآخر، بل عبر التوصل إلى تسوية سياسية عن طريق الحوار الشامل بين أطراف النزاع، وهو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع ومعالجة الأزمة الإنسانية.
أكاد أجزم أنّ الخيار العسكري غير ممكن، كما أنّ الولايات المتحدة لا تريد القضاء على الحوثي بأي حال. من وجهة نظر الحوثيين، تبدو الآمال المعلّقة على الجولة الجديدة من المفاوضات منخفضة جدا، حتى أنّ المتحدث باسم جماعة الحوثيين، محمد عبد السلام، رفض إطلاق مسمّى مفاوضات على المشاورات المقبلة، ووضعها في سياق "تحديث أفكار وليس مفاوضات تفضي إلى حلول جادة". هذه نظرة تشاؤمية، توحي بظهور بوادر فشل مبكر للمفاوضات، سينتج عنها إطالة أمد الحرب المستعرة التي أودت بحياة أكثر من عشرة آلاف شخص، وجعلت اليمن يعاني من أزمة إنسانية لم يمر بها قط.
وعلى صعيد الحكومة الشرعية، أظهر المسؤولون فيها استعداد الحكومة للتعامل الإيجابي مع مشاورات السلام. في غضون ذلك، يرى بعضهم أنّ المفاوضات كعادتها سوف تمر بمخاض عسير، والحصيلة نتائج مشوهة يرفض كلا طرفي النزاع قبولها، ثم يتبادلون التهم فيما يتعلق بمسؤولية تعثر المفاوضات. ويرى كثيرون أنّ مؤتمر جنيف هو انعكاس لرؤية المتحاورين أنفسهم وتعبير عن توافق زائف.
ومن هنا، ربما غدا الارتهان للخارج الإقليمي والدولي، في مثل هذه الظروف، فضيلة سياسية، قياسا لفوبيا الحرب والانزلاق للمحظور. اللافت أيضاً، أنّه، منذ دعوة الأمم المتحدة أطراف النزاع في اليمن، لا توجد هناك أي بادرة للمصالحة الحقيقية التي لم نجد بصماتها لدى سلوك الطرفين أنفسهم، بدليل أنّ أجواء التوتر تتصاعد. وعليه، هل نتوقع حلولا ناجحة ممن كانوا سببا في هذه المشكلات المتلاحقة؟ إذا كان هناك شعور بالمسؤولية تجاه معاناة اليمنيين، لما حدثت كل هذه التعقيدات المتداخلة؛ بينما يرى بعضهم أنّ هذه المفاوضات هي بمثابة طوق النجاة للحوثيين، نتيجة تقدم الحكومة الشرعية في جبهات القتال، إلا أننا نأمل أن تكون إنقاذاً للشعب اليمني الذي بات منهكا، ويسعى إلى التخلص من ويلات الحرب.
1F6558B8-8E98-4475-A53E-0FC7608FD9D6
1F6558B8-8E98-4475-A53E-0FC7608FD9D6
أصيل الشرعبي (اليمن)
أصيل الشرعبي (اليمن)