حكاية صغيرة مع معالي الوزيرة

27 يونيو 2018

بسمة النسور.. الوزيرة التي عرفناها كاتبة وناشطة إنسانية

+ الخط -
يبدو العنوان لافتاً للباحثين عن الفضائح الشخصية للمشاهير، ويبدو دسماً لمن يحبُّون إيقاف المراكب السائرة في الماء، كما يقولون، لكنه سيخيِّب آمال هؤلاء وأولئك؛ لأن حكايتي مع السيدة الوزيرة، بقدر ما هي صغيرة وقصيرة، فهي لا تحمل إلا كلمة حق.
جمعني بالسيدة وزيرة الثقافة الأردنية، بسمة النسور، العالم الافتراضي الأزرق، قبل سنوات قليلة، من خلال "فيسبوك". وقد جمعنا، قبل ذلك، هذا الفضاء الإعلامي الواسع بمقال أسبوعي، لكل واحدة من اثنتينا في "العربي الجديد". ومع أنني كنت قد تردّدت كثيراً في الحديث معها، إلا أن ذلك جاء، وكانت المفاجأة.
أخوض في عالم الكتابة والصحافة منذ أزيد من أربعة عشر عاماً، وقد خرجت من هذه السنوات بقاعدة مهمة، يعرفها كثيرون: المرأة هي عدو المرأة، وأصحاب المهنة الواحدة لا يحبُّون بعضهم، ويكيدون، ويغارون، ويحسدون. وقد كان أبي، رحمه الله، يقول المثل الشعبي "أبو طبلية لا يحبّ أبو طبليتين"، ولن يفهم هذا المثل سوى القُرَّاء الفلسطينيين، والمتبحرين في التراث الفلسطيني، لكن فحواه هو تلك القاعدة التي عرفتها من عملي، في المجالين، الصحافي والأدبي، حتى جمعني حديثٌ صباحيٌّ هادئ مع الكاتبة بسمة النسور.
أسدت لي نصيحة ذهبية، بوصفها الأكثر خبرة منِّي في عالم الكتابة، ولم تكن تلك النصيحة، إلا من باب حرصها على استمراري وانتشاري، خصوصا أني أعيش في غزة المحاصرة، واتصالي بالعالم، فعليًّا، يبدو مستحيلاً، ولم أنسَ نصيحتها التي دلّت لي جانباً مهما من شخصيتها، يؤهِّلها لكي تتقلَّد منصب الوزيرة فعلاً.
دخل حاقدون وباحثون عن الفضائح، وإعاقة سير المراكب، كما وصفتهم، على الحساب الشخصي لبسمة التي عرفناها كاتبةً، وأمًّا، وناشطة إنسانية، في المقام الأول. كانت تتحفنا بصورها الجميلة، وهي تُعِدُّ الأكلات اللذيذة، وتتحفنا بصور رائعة لها، وسط الطبيعة الساحرة، سواء في الأردن، أو في بلاد عربية وغير عربية، وتبرّد قلوبنا بإنسانيتها، حين تزور الأماكن النائية المُهَمَّشة في بلدها، وتقوم بحملاتٍ خيرية لشراء الأحذية للفقراء الصغار، من سكَّان تلك المناطق، وغيرها من أنشطة إنسانية لم يلتقطها من اندسُّوا في حسابها الشخصي، وظنوا أنهم التقطوا لها صور أخرى.
ربما نالت الصور التي نشرت للمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، وهي تتسوَّق، آلاف التعليقات من الاستحسان، وهي تزاول حريتها الشخصية، من دون حراسات، وترتدي ملابس سبق أن التُقِطت لها، وهي ترتديها، منذ عشر سنوات. وتحسَّر رُوَّاد مواقع التواصل، وهم يتسقطون أحوال وزراء عرب يعيشون حياة الترف والرفاهية. ولست أحسب أن أحدهم حاول الولوج أكثر في الحساب الشخصي للوزيرة بسمة النسور، ليشاهد صورا تنمُّ عن بساطة حياتها وتواضعها، سواء في الملبس، أو الزينة، أو حتى مزاولة الحياة اليومية، مثل فرحتها بأحفادها، وفرحتها بإنجاز ابنتها تجربة عملية، وهي تغيِّر "أنبوبة غاز الطبخ المنزلي".
تحتاج بسمة النسور باعتبارها وزيرة ثقافة الدعم؛ ليس لشخصنة حياتها، فهذا الدعم هو الذي سيجعل أداءها أفضل، كغيرها من الوزراء الجدد الذين تمَّ تعيينُهم في الحكومة الأردنية الجديدة، وهي منوط بها إنجاز خطة ثقافية، تنعش عمل الوزارة، وأداءها؛ حتى يمكن الحكم على بسمة النسور التي تواجه حربا، بلا هوادة، من شتّى التيّارات. والدعم الذي ستحصل عليه مؤسساتُ وزارة الثقافة هو الحكم في تقييم عملها، وليس النبش في تاريخ شخصيّ لا يتعلق بأحد، ولا المساس بحياة شخصية لأيّ مسؤول، والنبش فيها، مهما كانا، سوف يعودان بفائدة على الأردن الشقيق المرتبط ارتباطاً تاريخياً بفلسطين. وفي النهاية، السيّدة الوزيرة هي إدارية برتبة عليا فقط، ودعمها دعمٌ للشعب الأردني.
سما حسن
سما حسن
كاتبة وصحفية فلسطينية مقيمة في غزة، أصدرت ثلاث مجموعات قصصية، ترجمت قصص لها إلى عدة لغات.