اليمن ونوافذ عودة المستعمر

04 ابريل 2018
+ الخط -
رحل الاستعمار الأجنبي عن اليمن قبل نصف قرن، ولا زال بعضهم يسأل: هل تحرّرنا فعلا؟
يؤكد واقعنا اليوم المقولة الشائعة "خرج الاستعمار من الباب وعاد من الطاقة"، أي انسحب بكل قواته وترك بيننا عتاده، تركنا للاستبداد الديني والسياسي، ليحكمنا به عن بعد، وكلما تعرّض هذا الاستبداد لنكبه تدخل الاستعمار لإنقاذه.
هذا الاستعمار الذي يحكمنا من خلال الاستبداد، يحكمنا ثقافيا وفكريا، محافظا على نسبةٍ من الجهل والتخلف التي تسهل مهمته، إذ نجح في جعل مجتمعاتنا عصية على التغيير، وبلداننا بيئة رافضة للحرية والديمقراطية والشراكة، عبر وعي مشوه ضعيف، غير قادر على النهوض بالبلد، لنتحول إلى مجتمعاتٍ تعشق تربية الثعابين التي تلدغها في نهاية المطاف، ومن سخريات القدر أن تجاربنا الفاشلة نكررها باستمرار، حيث صار الفشل عنوان لمجتمعاتنا.
ما يحدث اليوم استكمال لمخطط الأمس، وترسيخ له، يحكمنا الجهل والتخلف، يسيطر علينا التعصب والتزمت، نبقى خصوم وأعداء، غير مسموح لنا أن نتوافق، إذ يعيد المستعمر ترتيب الصف الوطني كيفما يشاء.
في كل حروبنا، يموت أخيارنا، الصادقون منا في أهدافهم واختياراتهم، ليترك المجال للمنافقين والفاسدين وضعفاء النفوس ليتربعوا المشهد، حتى الإرهاب يؤدي المهمة نفسها، فتحت شعار محاربة الإرهاب يُستكمل ما لا يتمكّن منه الإرهاب، وفي كل مرة يحكمنا مستبد يلد من رحم معاناتنا، فيتحول إلى ملك يتربع عرشه على أشلاء الضعفاء منا، ولا زالت الدائرة تدور في المنحى نفسه بزوار الليل وظلم النهار وعذاب السجون .
لهذا يقتل في وضح النهار كل عقل يصحو من غفوة الجهل، لينير ظلمة الواقع، كل صوت يحرك ضمير الأمة، ويذكرهم بوطنيتهم، كل حق يقف ضد الباطل، كان منبرا أو معلما أو كاتبا أو صحفيا أو إعلاميا أو ناشطا أو كيانا سياسيا واجتماعيا، لم يكن أداة من أدواتهم.
إنه سر اغتيال البطل الشهيد، أحمد الإدريسي، والشهيد البطل المحافظ، جعفر محمد سعد، وكوكبة من أبطال المقاومة الجنوبية والوطنية، ورجال الوعي والتنوير والتربية... هي أدوات لا بد أن تزاح لتفسح المجال للعبث ومشروع الارتهان والتبعية والاستعمار الجديد.
هي عملية إعادة تجهيل للمجتمع، عبر السعي إلى إفراغه من كل أدوات الوعي، ومن كل نور يضيء طريق الحرية والاستقلال والثورة لنهضة وطن وتقدمه، ليلحق بركاب العصر.
0947F93D-78B9-48CD-AD98-B7B1A7035584
0947F93D-78B9-48CD-AD98-B7B1A7035584
أحمد ناصر حميدان (اليمن)
أحمد ناصر حميدان (اليمن)