07 ابريل 2022
بطولة الأسرى في زمن الانهيار
علق الأسرى الفلسطينيون إضرابهم عن الطعام الذي استمر 41 يوما، بعد مفاوضات مكثفة بين قيادة الإضراب وإدارة سجون الاحتلال، استغرقت عشرات الساعات، وقادها من الطرف الفلسطيني مروان البرغوثي، بعد أن اضطرت الإدارة المذكورة للتراجع عن اشتراطها عدم إجراء أية مفاوضات مع الأسرى المضربين قبل إنهاء إضرابهم، وعدم التفاوض مع مروان البرغوثي، وذلك لكسر الإضراب وإفشاله، ومنعه من تحقيق أي إنجازات، حيث ترى العقلية الأمنية والسياسية الإسرائيلية أن كسر إرادة المعتقلين في معركة الأمعاء الخاوية قد يؤدي إلى هزيمة معنوية كبرى في أوساطهم، وأوساط الشعب الفلسطيني عموما، فلا تقوم قائمة للحركة الأسيرة مستقبلا.
جاءت هذه المعركة في مرحلةٍ سياسية سيئة، تمر فيها الحركة الوطنية الفلسطينية، وجاء إضراب الأسرى بعد سنوات من غياب حقيقي للعمل والفعل الوطني الجماعي للحركة الأسيرة الفلسطينية خصوصا، وللحركة الوطنية الفلسطينية عموما، بفعل عوامل عديدة، أهمها وصول عملية "أوسلو" إلى نهايتها، وثلاث حروب مدمرة على قطاع غزة، أدت إلى استشهاد وإصابة عشرات الألوف من أبناء الشعب الفلسطيني، وزيادة الاستيطان وسرقة الأراضي الفلسطينية، ونهب الثروات الطبيعية الفلسطينية، وزيادة التنكيل بالفلسطينيين على الحواجز، بينما أصبحت فيه السلطة الفلسطينية حاجزا بين المواطن الفلسطيني والاحتلال، وغير قادرة على توفير الحد الأدنى من الحماية والأمن لهذا المواطن الذي تحوّلت حياته إلى جحيم. إضافة إلى الانقسام بين حركتي فتح وحماس، ما أدى إلى تعميق المناكفات والصراعات الداخلية بينهما، ما أدخل الحالة الفلسطينية في حالةٍ من الاستنزاف والنزيف الداخلي، ما ترك أثرا سلبيا كبيرا على الشعب الفلسطيني، وعلى إمكانية الخروج من هذا الواقع المنهار، بعدما تحول آلافٌ من مؤيدي الحركتين وأعضائهما وعناصرهما من كوادر وطنية ومقاتلين ضد الاحتلال ومشروعه التهويدي الاستيطاني إلى جيش من السحيجة والردّيحة كل ضد الآخر، فيما تُرك الاحتلال يعبث ويخرّب ويقتل طليقا.
بغض النظر عن حجم الإنجازات التي حققها الأسرى في إضرابهم عن الطعام، وتحديدا القضايا
المطلبية، والمرتبطة بتحسين ظروفهم، حيث تحدثت إدارة السجون الإسرائيلية وقيادة الإضراب عن موافقة حكومة الاحتلال والصليب الأحمر الدولي عن إضافة زيارة ثانية لكل معتقل في الشهر، إضافة إلى زيادة مدة الزيارة، والموافقة الأولية على إضافة قنوات فضائية للأسرى، وإدخال أطباء تخصصيين من الخارج، وقضايا مطلبية أخرى، إلا أن مجرّد التخطيط للإضراب وتنفيذه بشكل جماعي، ولأول مرة منذ أكثر من عشر سنوات، يعتبر انتصارا للحركة الأسيرة الفلسطينية، وللذين خاضوا الإضراب، وتحملوا صنوفا كثيرة من الآلام والمعاناة، إضافة إلى عدم قدرة إدارة السجون ومخابراتها من كسره، على الرغم من إجراءات كثيرة نفذتها ضد الأسرى المضربين عن الطعام، وضد قيادة الإضراب، من حرمانهم من ممتلكاتهم في السجون، ونقلهم تعسفيا، وعمليات التفتيش والمداهمة الليلية، ونقل الأسرى، وخصوصا قيادة الإضراب مراتٍ بين السجون، وعدم السماح لهم بالاتصال مع بعضهم بعضا، ومنعهم من الالتقاء بأهاليهم في أثناء الإضراب، وعدم السماح لهم بسماع أخبار الفعاليات الشعبية المتضامنة معهم.
فشلت تلك الممارسات في كسر الإضراب، لا بل استطاعت الأمعاء الخاوية، بعد 41 يوماً من الجوع والآلام، أن تكسر المواقف الإسرائيلية، وان تفرض على إدارة مصلحة السجون التفاوض مع قيادة الإضراب قبل إنهائه، وفي مقدمتهم عضو اللجنة المركزية المنتخب لحركة فتح، مروان البرغوثي الذي أصبحت وسائل إعلام عبرية كثيرة تطلق اسمه على الإضراب، في محاولةٍ منها دق الأسافين وضرب شرعية الإضراب، لإضعاف التحرّكات الشعبية المساندة للإضراب.
لم يتوقع أحد أن يستمر الإضراب طوال هذه الفترة، إذ توقع مراقبون أن تستجيب إدارة السجون لبعض مطالب الأسرى، خصوصا أنّ لا مصلحة إسرائيلية بعودة الأسرى إلى العمل الجماعي المنظم، وأن تعود الحركة الأسيرة إلى التأثير في الشارع الفلسطيني، من خلال إحياء الحركة الوطنية، والعودة إلى العمل الجماعي التنظيمي والشعبي، بعد تراجعه وانهياره فترة طويلة، إلا أن تقاعس التنظيمات والفصائل والأحزاب الفلسطينية، وعدم تعاطي بعضهم بالجدّية المطلوبة، أو عدم قدرة آخرين على التأثير في الشارع الفلسطيني، لدفعه إلى إقامة الفعاليات للتضامن مع الأسرى المضربين، بالمظاهرات والاشتباك مع جنود الاحتلال ومستوطنيه، للضغط على الاحتلال، لكي يوافق على مطالب المعتقلين، وأن يتم تقصير فترة الإضراب، وتخفيف معاناة الأسرى المضربين عن الطعام، خصوصا أنه لم يتم اعتقالهم لسرقة أو لأي جريمة، بل لقيامهم بالواجب الوطني النضالي، دفاعا عن شعبهم وحقوقه. وبالتالي، كشف الإضراب عن خللٍ كبير يمر به النظام السياسي الفلسطيني، والذي فشل فشلا كبيرا في استغلال هذه الفرصة التاريخية، والتي قد لا تتكرّر في السنوات القليلة المقبلة، حيث كان يُفترض من الفصائل، وتحديداً حركتي فتح وحماس، أن تستنهض نفسها، وتستنفر طاقاتها، وأن تستفزّ الشارع الفلسطيني، لكي تعيد حركة فتح، مثلا، جزءا من هيبتها وحيويتها ودورها الذي فقدته بفعل اتفاقية أوسلو التي حولت كادر الحركة من مقاتلين وثوار إلى موظفين أمنيين ومدنيين في سلطةٍ فلسطينية بدأت تتعايش مع الاحتلال، حيث وجدت الشريحة الكبرى من فئة الموظفين
نفسها وقد غرقت في سداد قروض البنوك، لكي يتمكّنوا من مواجهة الحياة الصعبة وغلاء المعيشة، بعد أن كان الاحتلال مسؤولا عن حياة كل الشعب الفلسطيني، قبل "أوسلو"، فيما وجدت الشريحة العليا من موظفي السلطة الفلسطينية نفسها في سباقٍ وتنافسٍ على المزايا والرواتب والرتب والدرجات، والتي شكلت أهم مؤشرات غياب القيم الوطنية والثورية، بعد أن حلت القيم الرأسمالية والفردية المبنية على المصلحة الشخصية، والتي أدت إلى غياب العمل الوطني الجماعي بشكل كبير عن مشهد الإضراب عن الطعام، لا بل الأسوأ أن تصل بعض القيم السلبية إلى معتقلين فلسطينيين في سجون الاحتلال، رفضوا الانضمام إلى الإضراب، بذريعة أنهم قادرون على تحسين ظروف اعتقالهم بالحوار المباشر مع إدارة السجن التي ليسوا معنيين بتوتير العلاقة معها، وكأن ثقافة المقاومة والمواجهة والتضحية قد غابت عن هؤلاء، ليحل محلها ثقافة انهزامية تطبيعية في مرحلة فلسطينية وعربية هي الأسوأ، وممن الذي رفضوا الانضمام للإضراب عدد غير قليل من أسرى حركة فتح التي شكلت المحور الأهم في الإضراب، سواء من حيث المضربين، أو من خلال قيادة الإضراب، وفيها عضو اللجنة المركزية للحركة، مروان البرغوثي، وكريم يونس الذي كرّمته قيادة الحركة بعضوية في لجنتها المركزية.
على الرغم مما أصاب الجسد الفلسطيني من خلل وانهيار، وعلى الرغم من الانهيار الرسمي العربي الذي أصبحت فيه إسرائيل شريكا وصديقا وجارا حسنا، وأصبحت فيه "حماس" عدوا، وعلى الرغم من ألم كبير أصاب الشعب الفلسطيني، وهو يشاهد الهدايا بمئات الملايين والصفقات بمئات المليارات من أموال السعودية، وهي تتدفق على الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وعائلته، في وقتٍ يعاني فيه الفلسطينيون في قطاع غزة ظروفا اقتصادية صعبة، حيث الكهرباء المفقودة، والمياه غير الصالحة للشرب والمباني التي دمّرتها الحروب الإسرائيلية، ولا زالت تنتظر الترميم والبناء، والبطالة المستشرية، وعجلة الحياة المتوقفة، وعلى الرغم من الكثير، إلا أن إضراب الأسرى عن الطعام شكّل مرحلةً منيرةً ومضيئةً في هذا الزمن الفلسطيني والعربي المنهار، حين تنهض الحركة الأسيرة، بعد تفكّك وتراجع، وتعيد بناء جزء من ذاتها الجماعية المنظمة الوطنية، وتنتفض في وجه الاحتلال والسجان، وتعلن فيه الإضراب الجماعي عن الطعام، بعد غيابٍ طويل لكل أشكال العمل والفعل الجماعي، وخروج بعض من تبقوا من جماهير وطنية إلى الشوارع، فتشتبك مع الاحتلال، وتعود أشكال المقاومة إلى الظهور في فلسطين، فتحدث عمليات إطلاق نار باتجاه جنود الاحتلال الإسرائيلي، كما حدث في رام الله، وطعن شرطي إسرائيلي، كما حدث في نتانيا، ورشق للحجارة والزجاجات الحارقة، كما شهدت جميع أنحاء الضفة الغربية، ما أدى إلى سقوط ثلاثة شهداء فلسطينيين، وإصابة مئات، فيما أصيب عشرات الجنود والمستوطنين اليهود بعد هدوء دام أكثر من عشر سنوات، في مواجهاتٍ اندلعت مساندة للأسرى المضربين، واستغلالا لهذه الفرصة التاريخية المهمة من أجل إعادة بناء الحركة الوطنية الجامعة، بعد أن حلت محلها المناكفات الفئوية والحزبية والفصائلية.
بغض النظر عن عيوبٍ كثيرة، وعن مواطن الخلل والضعف والانهيار التي كشفها وعرّاها إضراب الأسرى عن الطعام، وعلى الرغم من بعض التفاصيل المتعلقة بقرار تجميد الإضراب، إلا أن إرادة السجين الفلسطيني تحدّت بطش السجان، وبدأت تنهض من تحت الركام، وحقّقت الانتصار بالمقاومة والصمود والتحدّي والصبر في وجه المحتل وسياساته، في ظل أسوأ مرحلةٍ فلسطينية وعربية وعالمية، وليس بالمفاوضات أو التوسل أو الرهان على إنسانية السجان التي لم تجلب للشعب الفلسطيني سوى المذلة والمهانة.
جاءت هذه المعركة في مرحلةٍ سياسية سيئة، تمر فيها الحركة الوطنية الفلسطينية، وجاء إضراب الأسرى بعد سنوات من غياب حقيقي للعمل والفعل الوطني الجماعي للحركة الأسيرة الفلسطينية خصوصا، وللحركة الوطنية الفلسطينية عموما، بفعل عوامل عديدة، أهمها وصول عملية "أوسلو" إلى نهايتها، وثلاث حروب مدمرة على قطاع غزة، أدت إلى استشهاد وإصابة عشرات الألوف من أبناء الشعب الفلسطيني، وزيادة الاستيطان وسرقة الأراضي الفلسطينية، ونهب الثروات الطبيعية الفلسطينية، وزيادة التنكيل بالفلسطينيين على الحواجز، بينما أصبحت فيه السلطة الفلسطينية حاجزا بين المواطن الفلسطيني والاحتلال، وغير قادرة على توفير الحد الأدنى من الحماية والأمن لهذا المواطن الذي تحوّلت حياته إلى جحيم. إضافة إلى الانقسام بين حركتي فتح وحماس، ما أدى إلى تعميق المناكفات والصراعات الداخلية بينهما، ما أدخل الحالة الفلسطينية في حالةٍ من الاستنزاف والنزيف الداخلي، ما ترك أثرا سلبيا كبيرا على الشعب الفلسطيني، وعلى إمكانية الخروج من هذا الواقع المنهار، بعدما تحول آلافٌ من مؤيدي الحركتين وأعضائهما وعناصرهما من كوادر وطنية ومقاتلين ضد الاحتلال ومشروعه التهويدي الاستيطاني إلى جيش من السحيجة والردّيحة كل ضد الآخر، فيما تُرك الاحتلال يعبث ويخرّب ويقتل طليقا.
بغض النظر عن حجم الإنجازات التي حققها الأسرى في إضرابهم عن الطعام، وتحديدا القضايا
فشلت تلك الممارسات في كسر الإضراب، لا بل استطاعت الأمعاء الخاوية، بعد 41 يوماً من الجوع والآلام، أن تكسر المواقف الإسرائيلية، وان تفرض على إدارة مصلحة السجون التفاوض مع قيادة الإضراب قبل إنهائه، وفي مقدمتهم عضو اللجنة المركزية المنتخب لحركة فتح، مروان البرغوثي الذي أصبحت وسائل إعلام عبرية كثيرة تطلق اسمه على الإضراب، في محاولةٍ منها دق الأسافين وضرب شرعية الإضراب، لإضعاف التحرّكات الشعبية المساندة للإضراب.
لم يتوقع أحد أن يستمر الإضراب طوال هذه الفترة، إذ توقع مراقبون أن تستجيب إدارة السجون لبعض مطالب الأسرى، خصوصا أنّ لا مصلحة إسرائيلية بعودة الأسرى إلى العمل الجماعي المنظم، وأن تعود الحركة الأسيرة إلى التأثير في الشارع الفلسطيني، من خلال إحياء الحركة الوطنية، والعودة إلى العمل الجماعي التنظيمي والشعبي، بعد تراجعه وانهياره فترة طويلة، إلا أن تقاعس التنظيمات والفصائل والأحزاب الفلسطينية، وعدم تعاطي بعضهم بالجدّية المطلوبة، أو عدم قدرة آخرين على التأثير في الشارع الفلسطيني، لدفعه إلى إقامة الفعاليات للتضامن مع الأسرى المضربين، بالمظاهرات والاشتباك مع جنود الاحتلال ومستوطنيه، للضغط على الاحتلال، لكي يوافق على مطالب المعتقلين، وأن يتم تقصير فترة الإضراب، وتخفيف معاناة الأسرى المضربين عن الطعام، خصوصا أنه لم يتم اعتقالهم لسرقة أو لأي جريمة، بل لقيامهم بالواجب الوطني النضالي، دفاعا عن شعبهم وحقوقه. وبالتالي، كشف الإضراب عن خللٍ كبير يمر به النظام السياسي الفلسطيني، والذي فشل فشلا كبيرا في استغلال هذه الفرصة التاريخية، والتي قد لا تتكرّر في السنوات القليلة المقبلة، حيث كان يُفترض من الفصائل، وتحديداً حركتي فتح وحماس، أن تستنهض نفسها، وتستنفر طاقاتها، وأن تستفزّ الشارع الفلسطيني، لكي تعيد حركة فتح، مثلا، جزءا من هيبتها وحيويتها ودورها الذي فقدته بفعل اتفاقية أوسلو التي حولت كادر الحركة من مقاتلين وثوار إلى موظفين أمنيين ومدنيين في سلطةٍ فلسطينية بدأت تتعايش مع الاحتلال، حيث وجدت الشريحة الكبرى من فئة الموظفين
على الرغم مما أصاب الجسد الفلسطيني من خلل وانهيار، وعلى الرغم من الانهيار الرسمي العربي الذي أصبحت فيه إسرائيل شريكا وصديقا وجارا حسنا، وأصبحت فيه "حماس" عدوا، وعلى الرغم من ألم كبير أصاب الشعب الفلسطيني، وهو يشاهد الهدايا بمئات الملايين والصفقات بمئات المليارات من أموال السعودية، وهي تتدفق على الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وعائلته، في وقتٍ يعاني فيه الفلسطينيون في قطاع غزة ظروفا اقتصادية صعبة، حيث الكهرباء المفقودة، والمياه غير الصالحة للشرب والمباني التي دمّرتها الحروب الإسرائيلية، ولا زالت تنتظر الترميم والبناء، والبطالة المستشرية، وعجلة الحياة المتوقفة، وعلى الرغم من الكثير، إلا أن إضراب الأسرى عن الطعام شكّل مرحلةً منيرةً ومضيئةً في هذا الزمن الفلسطيني والعربي المنهار، حين تنهض الحركة الأسيرة، بعد تفكّك وتراجع، وتعيد بناء جزء من ذاتها الجماعية المنظمة الوطنية، وتنتفض في وجه الاحتلال والسجان، وتعلن فيه الإضراب الجماعي عن الطعام، بعد غيابٍ طويل لكل أشكال العمل والفعل الجماعي، وخروج بعض من تبقوا من جماهير وطنية إلى الشوارع، فتشتبك مع الاحتلال، وتعود أشكال المقاومة إلى الظهور في فلسطين، فتحدث عمليات إطلاق نار باتجاه جنود الاحتلال الإسرائيلي، كما حدث في رام الله، وطعن شرطي إسرائيلي، كما حدث في نتانيا، ورشق للحجارة والزجاجات الحارقة، كما شهدت جميع أنحاء الضفة الغربية، ما أدى إلى سقوط ثلاثة شهداء فلسطينيين، وإصابة مئات، فيما أصيب عشرات الجنود والمستوطنين اليهود بعد هدوء دام أكثر من عشر سنوات، في مواجهاتٍ اندلعت مساندة للأسرى المضربين، واستغلالا لهذه الفرصة التاريخية المهمة من أجل إعادة بناء الحركة الوطنية الجامعة، بعد أن حلت محلها المناكفات الفئوية والحزبية والفصائلية.
بغض النظر عن عيوبٍ كثيرة، وعن مواطن الخلل والضعف والانهيار التي كشفها وعرّاها إضراب الأسرى عن الطعام، وعلى الرغم من بعض التفاصيل المتعلقة بقرار تجميد الإضراب، إلا أن إرادة السجين الفلسطيني تحدّت بطش السجان، وبدأت تنهض من تحت الركام، وحقّقت الانتصار بالمقاومة والصمود والتحدّي والصبر في وجه المحتل وسياساته، في ظل أسوأ مرحلةٍ فلسطينية وعربية وعالمية، وليس بالمفاوضات أو التوسل أو الرهان على إنسانية السجان التي لم تجلب للشعب الفلسطيني سوى المذلة والمهانة.