عذرًا فلسطين

23 يونيو 2017
+ الخط -
عذرًا فلسطين، انشغلت الشعوب بمقارعة الطغاة، وانشغل الطغاة بقتل الشعوب وقمعها، ونسى الجميع قضيتك، نسوا أنّ المحتل يعبث بداخلك، وأنّ بني صهيون يعيثون فسادًا فيك.
عذرًا فلسطين، فأولئك الذين كنّا نظن أنّهم لن يتخلّوا عن القضية الفلسطينية، ها هم اليوم يصنّفوك دولة مصدرة للإرهاب، بدلًا من دولةً تصدر الحرية والسلام، وأيقونة للكفاح من أجل قضية الأمة الإسلامية العادلة.
عذرًا فلسطين، فأولئك الجموع الذين كانوا يهبّون لنصرتكِ بالسلاح والمال، والخروج في مظاهرات عارمة يريدون الدفاع عنكِ لولا منعهم من الحكام، ها هم اليوم ينشغلون بالبحث عن فُتاتِ الخبز لينقذوا أرواحهم من براثين الموت.
عذرًا فلسطين، فالشعوب ليست جبانة ولم تخذلكِ يومًا، ولكنها اليوم تصارع من أجل البقاء على قيد الحياة، فلم يبق بحرًا ولا جبلًا ولا واديًا إلا وذاقت فيه هذه الشعوب المعاناة والتشتت.
عذرًا فلسطين، فإنّا لم ننس ذلك اليوم الذي هاجمت فيه فرقة صهيونية قرية القسطل، ولا يوم هوجمت قرية دير ياسين، وارتكبت أفظع الجرائم وأقبح الأفاعيل. لم ننس يوم إعلان الدولة الإسرائيلية الصهيونية الغاصبة، ولن ننسى تلك المجازر التي ارتكبها العدو الصهيوني في ترابك الطاهر.
عذرًا فلسطين، فقد صرنا لا نملك من شموخ المسلم العربي إلا الماضي في بعض صفحات من التاريخ المزدهر والقوي، عذرًا فنحن شعوبٌ نعيش على الذكرى ونتغنّى بالماضي، على الرغم من أنّنا لم نصنعه ولم نشارك فيه بشيء، بل لم نُجهِد أنفسنا بقراءته ومعرفة أسباب قوته، ونقاط ضعفه.
عذرًا فلسطين، لم نتحد بعد، بل أُصِبنا بمرض التوحد الشعبوي، فقد صرنا كل شعبٍ يكره آخر ويحاربه.
عذرًا فلسطين، فحكامنا يجيدون إشعال الحروب والصراعات بين أبناء جلدتهم ولكنهم لا يجيدون إيقافها، عذرًا فحكامنا شجعان في التضحية من أجل إشعال الحرب، لكنهم جبناء عندما يتعلّق الأمر بالتضحية من أجل زرع السلام.
عذرًا فلسطين، لم نستطع تهريب الخناجر والسكاكين إليكم، لتقاتلوا بني صهيون، فقد أُطبقَ عليكم الحصار وأغلقت المعابر، وهدّمت الأنفاق بأيدٍ قومية بحتة.
عذرًا فلسطين، فقد صرنا نحسدكِ على الأمن الذي تنعمين به حاليًا، بينما نحن نفتقده، وها قد أصبحنا نحسدكِ على عَظَمة القضية التي تحملينها منذ عشرات السنين، فها نحن نعيش في حربٍ لا ندري بقضيتها، ولكنها بالتأكيد قضية أحقر من أن تُذكر.
نحن شعوب تخدعنا الشعارات، ولو كانت كاذبة، ونقدس الخطابات والتصريحات ولو كانت ضد رقابنا.
عذرًا فلسطين، فلم نعد نُفرّق بين الشجاع وقاطع الطريق، وبين السارق والأمين.
D3DEB331-FD61-412F-A981-A02DF5C92998
D3DEB331-FD61-412F-A981-A02DF5C92998
مطهر الخضمي (اليمن)
مطهر الخضمي (اليمن)