26 أكتوبر 2024
محمد بن سلمان أمير السراب
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
يعرف أهل البوادي السراب أكثر من غيرهم، لطالما كانت هذه الظاهرة المناخية رفيقة المسافر في الصحراء، حينما يطول الطريق، وتصير عملية تمنية النفس بالماء نوعاً من الوعد بالوهم وتصبير الذات، على أمل الوصول إلى بئرٍ تروي الظمأ.
صبر السعوديون طويلاً من أجل حياة تتلاءم مع تطورهم الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، ذلك أنهم، على الرغم من الموانع الرسمية الكبيرة، تمكّنوا من تحقيق مستويات متقدمة في شتى الميادين، وهم يطمحون إلى مُواطَنَةٍ في ظل دولة تقوم على أسس من العدالة والمساواة، تحكمها قوانين عصرية خالية من أي تمييز قبلي أو طائفي أو جنسي.. إلخ.
انتظرت الأجيال السعودية، منذ حوالى ثلاثة عقود، انتقال الحكم من جيل أبناء المؤسس الملك عبد العزيز إلى جيل الأبناء، أو حتى الأحفاد الذين ولدوا في زمن مختلف، ولديهم رؤية أخرى غير التي عاين منها الجيل القديم شؤون البلاد والعباد. وبقي هذا الأمر مثار أخذ ورد، وواجه عقباتٍ كثيرة، منها تشبث الجيل القديم بالحكم من جهة، ومن جهة أخرى، عدم بروز شخصيات شابة جديدة ذات مواصفات قيادية، لكن الشارع ظل يضغط في هذا الاتجاه، حتى صار هذا المطلب أمراً لا مفر منه، والبديل له هو انتظار الانفجار الشامل الذي صار يتمثل في مظاهر تمرّد فوضوية، يعبر عنها الشباب السعودي، وخصوصاً المجموعات التي التحقت بالإرهاب في الداخل والخارج، وشكلت خزاناً كبيراً للتنظيمات الإرهابية في سورية والعراق، حيث تفيد المعلومات الغربية بأن السعوديين يشكلون الأغلبية بين المقاتلين في صفوف "داعش".
نقل العرش إلى ولي العهد الحالي، محمد بن سلمان، خطوة إلى الأمام، لكنه ليس هو الحل المنتظر، فليس هذا ما كان يأمل به الشعب السعودي الذي يريد مواطنة ودولة حديثة، لا حفلاتِ ترفيهٍ ومدناً افتراضية فقط. نعم لا أحد يرفض المسرح والسينما والسماح للمرأة بقيادة السيارة، إلا أن هذا تحصيل حاصل وحقوق طبيعية عادية ليست منحةً من الحاكم، والمؤكد أن السعوديين لا يرفضون ذلك، لكنهم يطلبون أكثر من قوننة الحريات، وفق هذه الطريقة التي لا توصل في أي حال إلى الأفق المنشود للأجيال الجديدة التي تريد أن تحيا في بلد حديث، وتتمتع بثرواته الكبيرة، وأن يكون لها رأي في ما يخص حاضرها ومستقبلها، لا أن يقرّر أحد في مكانها.
عدم وضع أسس واضحة للانتقال السعودي المرتقب لا يطمئن الشارع السعودي، ويتركه كمن ينتظر المجهول، خصوصاً وأنه يرى أن الأمور تُدار على نحو ارتجالي وغير مدروس، وأن الأدوات المستخدمة باتت قديمة، والأفق المرسوم لا يغري الشباب بالذهاب إليه.
لا يريد الشباب السعودي أن يمنّي النفس، ويعيش على وعود تخديرية وحلم بمشاريع فانتازية تستهلك أرقاماً فلكية من ثروات البلاد، وهو يدرك أن تغيير نمط حياته يحتاج إلى خطواتٍ، هي أبسط من ذلك بكثير، ذلك أن الحريات وتوفير العمل والسكن والبنى التحتية لا تحتاج إلى شطحاتٍ لبناء مدن في الخيال، بل هي من قبيل وضع حد لمعاناةٍ وصلت فيها البطالة بين أوساط الشباب إلى مستوياتٍ لا تليق ببلد نفطي، تصل عائداته السنوية إلى ترليون دولار.
لا يوحي أسلوب محمد بن سلمان في تقديم نفسه بالطمأنينة في الداخل ولا في الخارج. سراب داخلي، واستقطابات خليجية ضارة بوحدة المنطقة، نابعة من قلة خبرة وافتقاد للحكمة، في وقت تعمل لوبيات متعدّدة إلى جر بن سلمان نحو إسرائيل، وفق سياسة يشرف عليها ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.
السعودية دولة لديها كل الإمكانات كي تكون في الصدارة، وتقدّم للأجيال الشابة ما يمكنها من حياة حرة وعصرية، بعيدة عن الركض وراء السراب.
صبر السعوديون طويلاً من أجل حياة تتلاءم مع تطورهم الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، ذلك أنهم، على الرغم من الموانع الرسمية الكبيرة، تمكّنوا من تحقيق مستويات متقدمة في شتى الميادين، وهم يطمحون إلى مُواطَنَةٍ في ظل دولة تقوم على أسس من العدالة والمساواة، تحكمها قوانين عصرية خالية من أي تمييز قبلي أو طائفي أو جنسي.. إلخ.
انتظرت الأجيال السعودية، منذ حوالى ثلاثة عقود، انتقال الحكم من جيل أبناء المؤسس الملك عبد العزيز إلى جيل الأبناء، أو حتى الأحفاد الذين ولدوا في زمن مختلف، ولديهم رؤية أخرى غير التي عاين منها الجيل القديم شؤون البلاد والعباد. وبقي هذا الأمر مثار أخذ ورد، وواجه عقباتٍ كثيرة، منها تشبث الجيل القديم بالحكم من جهة، ومن جهة أخرى، عدم بروز شخصيات شابة جديدة ذات مواصفات قيادية، لكن الشارع ظل يضغط في هذا الاتجاه، حتى صار هذا المطلب أمراً لا مفر منه، والبديل له هو انتظار الانفجار الشامل الذي صار يتمثل في مظاهر تمرّد فوضوية، يعبر عنها الشباب السعودي، وخصوصاً المجموعات التي التحقت بالإرهاب في الداخل والخارج، وشكلت خزاناً كبيراً للتنظيمات الإرهابية في سورية والعراق، حيث تفيد المعلومات الغربية بأن السعوديين يشكلون الأغلبية بين المقاتلين في صفوف "داعش".
نقل العرش إلى ولي العهد الحالي، محمد بن سلمان، خطوة إلى الأمام، لكنه ليس هو الحل المنتظر، فليس هذا ما كان يأمل به الشعب السعودي الذي يريد مواطنة ودولة حديثة، لا حفلاتِ ترفيهٍ ومدناً افتراضية فقط. نعم لا أحد يرفض المسرح والسينما والسماح للمرأة بقيادة السيارة، إلا أن هذا تحصيل حاصل وحقوق طبيعية عادية ليست منحةً من الحاكم، والمؤكد أن السعوديين لا يرفضون ذلك، لكنهم يطلبون أكثر من قوننة الحريات، وفق هذه الطريقة التي لا توصل في أي حال إلى الأفق المنشود للأجيال الجديدة التي تريد أن تحيا في بلد حديث، وتتمتع بثرواته الكبيرة، وأن يكون لها رأي في ما يخص حاضرها ومستقبلها، لا أن يقرّر أحد في مكانها.
عدم وضع أسس واضحة للانتقال السعودي المرتقب لا يطمئن الشارع السعودي، ويتركه كمن ينتظر المجهول، خصوصاً وأنه يرى أن الأمور تُدار على نحو ارتجالي وغير مدروس، وأن الأدوات المستخدمة باتت قديمة، والأفق المرسوم لا يغري الشباب بالذهاب إليه.
لا يريد الشباب السعودي أن يمنّي النفس، ويعيش على وعود تخديرية وحلم بمشاريع فانتازية تستهلك أرقاماً فلكية من ثروات البلاد، وهو يدرك أن تغيير نمط حياته يحتاج إلى خطواتٍ، هي أبسط من ذلك بكثير، ذلك أن الحريات وتوفير العمل والسكن والبنى التحتية لا تحتاج إلى شطحاتٍ لبناء مدن في الخيال، بل هي من قبيل وضع حد لمعاناةٍ وصلت فيها البطالة بين أوساط الشباب إلى مستوياتٍ لا تليق ببلد نفطي، تصل عائداته السنوية إلى ترليون دولار.
لا يوحي أسلوب محمد بن سلمان في تقديم نفسه بالطمأنينة في الداخل ولا في الخارج. سراب داخلي، واستقطابات خليجية ضارة بوحدة المنطقة، نابعة من قلة خبرة وافتقاد للحكمة، في وقت تعمل لوبيات متعدّدة إلى جر بن سلمان نحو إسرائيل، وفق سياسة يشرف عليها ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.
السعودية دولة لديها كل الإمكانات كي تكون في الصدارة، وتقدّم للأجيال الشابة ما يمكنها من حياة حرة وعصرية، بعيدة عن الركض وراء السراب.
دلالات
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
بشير البكر