07 ابريل 2022
الانتخابات المحلية الفلسطينية بين التأييد والمعارضة
تشهد الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة نشاطاً كبيراً استعداداً لإجراء الانتخابات المحلية للبلديات والمجالس القروية، المقرّر أن تجري في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وفق ما حدّدته الحكومة الفلسطينية. وقد انتهت، قبل أيام، عملية تسجيل القوائم لدى لجنة الانتخابات، والتي ستخوض الانتخابات، في حال إجرائها وعدم تأجيلها، خصوصاً وأن أطرافا عدة قد عملت، منذ البداية، على عدم إجرائها، بل إن بعضها توجه إلى المحكمة العليا الفلسطينية، للمطالبة بعدم السماح بإجرائها، لعدة أسباب، أهمها عدم مشاركة سكان مدينة القدس الشرقية فيها، إضافة مبررات أخرى.
على الرغم من أن البلديات والمجالس القروية تعتبر هيئاتٍ محليةً، تنحصر مسؤولياتها ومهامها في الخدمات الحياتية للمواطنين والبنى التحتية من كهرباء ومياه وشوارع وشبكات الصرف الصحي، إلا أن الانتخابات المقبلة تأتي في ظل انهيار المشروع السياسي الفلسطيني، المتمثل بانعدام الأفق السياسي، بسبب المواقف الإسرائيلية الرافضة كل المشاريع السياسية المطروحة، ما أعطاها اهتماماً سياسياً كبيراً، كما أنها تأتي في ظل الانقسام السياسي بين حركتي فتح وحماس، وهما العمود الفقري للنظام السياسي الفلسطيني، في وقت تشهد مكانة تلك الحركتين حالة من التراجع في أوساط الرأي العام الفلسطيني، بسبب الانقسام والانسداد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ما أدى إلى تراجع نسبة تأييد إجراء الانتخابات الفلسطينية في الوضع الراهن، سواء من نخب سياسية وفكرية، ومن شرائح مجتمعية كثيرة.
يرى مؤيدو إجراء الانتخابات المحلية أنها قد تشكّل بدايةً لنهاية الانقسام الفلسطيني بين الضفة الغربية وقطاع غزة، من خلال احترام صوت المواطن الفلسطيني. ومن أجل تحقيق ذلك، صدرت أصوات كثيرة مطالبة بخوض الانتخابات من خلال قوائم مشتركة، تضم كل الحركات والأحزاب، بما فيها "فتح" وحماس، إلا أن هذا الاقتراح لم ير النور، إلا في مناطق ذات تجمعاتٍ فلسطينية صغيرة. أما في باقي المناطق الكبيرة، فلم تفلح القوى بالوصول إلى قوائم موحدة، ما فتح المحال أمام المنافسة بينها. كما أن مؤيدي إجراء الانتخابات المحلية يرون فيها عملية تجديد وضخ دماء جديدة، قادرة على تقديم الخدمة الأفضل للمواطن الفلسطيني، في ظل الظروف الصعبة الناتجة عن تحكم الاحتلال في كل تفاصيل الحياة اليومية للشعب الفلسطيني، كما أن بعضهم يرى ضرورة إجراء الانتخابات، لغرس ثقافة الديمقراطية في المجتمع الفلسطيني، من خلال مشاركة الشعب في اختيار ممثلي تلك الهيئات، على قاعدة أن مشاركة الشعب من الممكن أن تؤدي إلى تمتين الجبهة الداخلية واللحمة الفلسطينية، لكي تشكل الانتخابات محاكمةً شعبيةً لممثلي تلك الهيئات، اعتقاداً أن ذلك قد يؤدي إلى تحسين الأداء، وتقديم خدمة أفضل للمواطن، والتقليل من الفساد والمحسوبية في تلك المؤسسات.
في المقابل، ترى نخبٌ فلسطينيةٌ أكاديمية ووطنيةٌ أن الانتخابات قد تؤدي، في حال إجرائها،
إلى نتائج سلبية جداً وضارّة على الصعيدين، الوطني والسياسي، فمن جهةٍ يستبعد هؤلاء أن إجراء الانتخابات قد يؤدي إلى إنهاء الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة في ظل سيطرة السلطة وحركة فتح على الضفة، وحركة حماس على السلطة في القطاع. كما يعتقد بعضهم أن إجراء الانتخابات سيؤدي إلى تراجع الاهتمام بالهبة الشعبية الحالية، ما سيؤدي إلى تراجعها بشكل كبير، إلا أن الأهم من ذلك كله، في تبرير رفضهم إجراء الانتخابات، خشية كثيرين من أن توظف إسرائيل نتائج هذه الانتخابات لمصلحتها، بالتزامن مع طرح وزير الجيش الإسرائيلي الحالي، أفيغدور ليبرمان، عن خطته السياسية، للتعامل مع الشعب الفلسطيني، والمسماة سياسة العصا والجزرة، ومن ضمنها إيجاد قنوات اتصال وعناوين فلسطينية جديدة، بعيدة عن السلطة، لإنهاء أي بعد سياسي للقضية الفلسطينية، وحصرها في القضايا الخدماتية لتجمعاتٍ متناثرة وغير مترابطة مركزياً، وهذا هو جوهر الرؤية الإسرائيلية لحل القضية الفلسطينية، وليس إنهاء الاحتلال والاستيطان، حيث يخشى معارضو إجراء الانتخابات من أن تستغل إسرائيل النتائج اعتبار هذه الهيئات هي الممثل الشرعي المنتخب للشعب الفلسطيني، في ظل عدم إجراء انتخابات سياسية، منذ أكثر من عشرة أعوام، والشلل الذي أصاب النظام السياسي، بعد تعطل المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب، سواء بعد اعتقال إسرائيل كثيرين من أعضاء المجلس من الضفة الغربية، وخصوصاً المنتميين لحركة حماس، إضافة إلى تعطل المجلس، بسبب الانقسام وتداعياته. ومن أجل ذلك، يعتقد المعارضون للانتخابات أن إسرائيل قد تلجأ إلى الضغط على الدول المانحة للقيام بالتعامل المباشر مع البلديات والمجالس القروية المنتخبة، بعيداً عن السلطة المركزية ومؤسساتها المالية والاقتصادية المختلفة، الأمر الذي سيؤدي إلى زرع بوادر إشكاليات ومواجهة بين السلطة والحكومة الفلسطينية من جهة، والهيئات المحلية المختلفة من جهة ثانية، ثم الضغط على السلطة، لتقبل التعامل المباشر بين المؤسسات والدول المانحة وما بين هذه الهيئات، ما سيؤدي إلى حدوث انقسام فلسطيني جديد، سواء داخل الضفة الغربية أو في قطاع غزة، خصوصاً وأن الحراك الانتخابي شهد تدخلاً ودوراً كبيراً للعشائر ورجال الأعمال، ما فرض على الفصائل والأحزاب السياسية، وخصوصاً حركتي فتح وحماس، أن تنسق قوائمها مع القوى العشائرية ورجال
الأعمال، والذي تم تتويجه في وضع شخصيات عشائرية واقتصادية في مقدمة القوائم الانتخابية، وتراجع الكوادر الوطنية والنضالية إلى مؤخرة القوائم، مع العلم أن النظام الانتخابي النسبي الفلسطيني لا يسمح بالفوز إلا للمقاعد المتقدمة في القوائم، وعدم فوز بعض الكوادر الوطنية الذين تم تثبيتهم في مؤخرة القوائم. وبالتالي، إبعاد القيادات الوطنية عن المشاركة في صنع القرار مستقبلاً، حتى في الجانب الخدماتي، بحجة عدم قدرة الكادر الوطني على البناء المؤسساتي والخدماتي، مع العلم أن الحركة الوطنية الفلسطينية تضم مناضلين كثيرين، أصحاب الكفاءات المهنية والأكاديمية. وحينها، من الممكن أن تلجأ إسرائيل إلى استغلال ذلك بفرض شروط إضافية على البلديات، سواء بالضغط على هذه المجالس المنتخبة، بعدم السماح لقيادات الحركة الوطنية، بالتدخل في شؤونها، لكي توافق على السماح لها بتنفيذ مشاريع في البنية التحتية، لا بل الأخطر من ذلك كله أن تحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلي أن تربط موافقتها على المشاريع المقدمة للبلديات، بموافقتها على أن تخدم هذه المشاريع المستوطنات والمستعمرات اليهودية في الضفة الغربية، وتحويل هذه المستوطنات من قضيةٍ مرفوضة فلسطينياً إلى حاجة ومصلحة، للوصول إلى حالة من التطبيع بين البلديات والمستوطنات، سواء في شبكات الكهرباء أو الطرق أو المياه أو الصرف الصحي في ظل بنيةٍ تحتيةٍ سيئة، في كل تلك المجالات.
لذلك، في ظل هذه القراءات، بات من المطلوب أن تتم إعادة الحركة الوطنية الفلسطينية النظر عموماً، وخصوصاً حركتي حماس وفتح، بشأن إجراء الانتخابات لقطع الطريق على محاولة إسرائيل توظيفها والاستفادة بها. وفي الوقت نفسه، التوصل إلى حلٍّ، يضمن تجديد الدماء ومشاركة واسعة وفاعلة من معظم الطاقات الشابة الوطنية المؤهلة للبناء والإعمار.
على الرغم من أن البلديات والمجالس القروية تعتبر هيئاتٍ محليةً، تنحصر مسؤولياتها ومهامها في الخدمات الحياتية للمواطنين والبنى التحتية من كهرباء ومياه وشوارع وشبكات الصرف الصحي، إلا أن الانتخابات المقبلة تأتي في ظل انهيار المشروع السياسي الفلسطيني، المتمثل بانعدام الأفق السياسي، بسبب المواقف الإسرائيلية الرافضة كل المشاريع السياسية المطروحة، ما أعطاها اهتماماً سياسياً كبيراً، كما أنها تأتي في ظل الانقسام السياسي بين حركتي فتح وحماس، وهما العمود الفقري للنظام السياسي الفلسطيني، في وقت تشهد مكانة تلك الحركتين حالة من التراجع في أوساط الرأي العام الفلسطيني، بسبب الانقسام والانسداد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ما أدى إلى تراجع نسبة تأييد إجراء الانتخابات الفلسطينية في الوضع الراهن، سواء من نخب سياسية وفكرية، ومن شرائح مجتمعية كثيرة.
يرى مؤيدو إجراء الانتخابات المحلية أنها قد تشكّل بدايةً لنهاية الانقسام الفلسطيني بين الضفة الغربية وقطاع غزة، من خلال احترام صوت المواطن الفلسطيني. ومن أجل تحقيق ذلك، صدرت أصوات كثيرة مطالبة بخوض الانتخابات من خلال قوائم مشتركة، تضم كل الحركات والأحزاب، بما فيها "فتح" وحماس، إلا أن هذا الاقتراح لم ير النور، إلا في مناطق ذات تجمعاتٍ فلسطينية صغيرة. أما في باقي المناطق الكبيرة، فلم تفلح القوى بالوصول إلى قوائم موحدة، ما فتح المحال أمام المنافسة بينها. كما أن مؤيدي إجراء الانتخابات المحلية يرون فيها عملية تجديد وضخ دماء جديدة، قادرة على تقديم الخدمة الأفضل للمواطن الفلسطيني، في ظل الظروف الصعبة الناتجة عن تحكم الاحتلال في كل تفاصيل الحياة اليومية للشعب الفلسطيني، كما أن بعضهم يرى ضرورة إجراء الانتخابات، لغرس ثقافة الديمقراطية في المجتمع الفلسطيني، من خلال مشاركة الشعب في اختيار ممثلي تلك الهيئات، على قاعدة أن مشاركة الشعب من الممكن أن تؤدي إلى تمتين الجبهة الداخلية واللحمة الفلسطينية، لكي تشكل الانتخابات محاكمةً شعبيةً لممثلي تلك الهيئات، اعتقاداً أن ذلك قد يؤدي إلى تحسين الأداء، وتقديم خدمة أفضل للمواطن، والتقليل من الفساد والمحسوبية في تلك المؤسسات.
في المقابل، ترى نخبٌ فلسطينيةٌ أكاديمية ووطنيةٌ أن الانتخابات قد تؤدي، في حال إجرائها،
لذلك، في ظل هذه القراءات، بات من المطلوب أن تتم إعادة الحركة الوطنية الفلسطينية النظر عموماً، وخصوصاً حركتي حماس وفتح، بشأن إجراء الانتخابات لقطع الطريق على محاولة إسرائيل توظيفها والاستفادة بها. وفي الوقت نفسه، التوصل إلى حلٍّ، يضمن تجديد الدماء ومشاركة واسعة وفاعلة من معظم الطاقات الشابة الوطنية المؤهلة للبناء والإعمار.