عودة القضية الفلسطينية إلى الأضواء

10 أكتوبر 2015
+ الخط -
غابت القضية الفلسطينية عن الأضواء، منذ أحداث الربيع العربي عام 2011، ودخلت في سبات عميق في وجدان الشعوب العربية التي رفعت شعار القضية الفلسطينية أحد عناوين تخاذل النظام الرسمي العربي عن نصرتها، وهي، إلى جانب أسباب عديدة، كانت السبب لإسقاط شرعية تلك الأنظمة.
وغابت عن وسائل الإعلام إلى حد كبير، ما عدا حرب عام 2014، التي انشغلت بأحداث المنطقة، لتأخذ من حصة القضية الفلسطينية ونصيبها، فأصبحت فلسطين تستجدي حضوراً إعلاميا، لم تتمكن من تغطية نقصه القنوات الفلسطينية (فلسطين اليوم، القدس، الأقصى) بإمكاناتها المتواضعة، وإن استطاعت إبقاء القضية حاضرة إعلاميا لمن يريد المتابعة.
بقي الشعب الفلسطيني وحيداً بين فكي كماشة، فإسرائيل تقضم الأراضي وتهوّد القدس وتعتقل وتقتل. ومن جهة أخرى، انقسام وضياع فلسطيني وانشغال عربي، لتكون المفاجأة حين هب الشارع الفلسطيني من جديد، ليسرق الأضواء، ولو بنسبة معينة من طائرة السوخوي الروسية، ليطرح سؤال: هل نحن أمام انتفاضة ثالثة؟
أفق عملية السلام مسدود، والإسرائيلي يستغل الضعف والانقسام الفلسطييني والصمت العربي، لتنفيذ كامل مخططاته، وفي مقدمتها تقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، وصولا إلى هدمه، والساحة السياسية الفلسطينية استهلكت أمام حكومة فشلت في مهامها، على الأقل في غزة، وسلطة فلسطينية عاجزة، بل تنسق أمنيا مع الاحتلال، ولم تحقق الحد الأدنى لتطلعات الشعب الفلسطيني، وأصبحت أفضل أمانينا أننا رفعنا علماً لفلسطين في الأمم المتحدة، هو في نهاية المطاف علم لدولة غير موجودة، بل مقاطعة مسيطر عليها إسرائيليا، وتقطّع أوصالها المستوطنات الإسرائيلية.
ذاتيا، لم يعد أمام الفلسطيني ما يخسره، فالكرامة الفلسطينية تهان يومياً، عبر انتهاك المسجد الأقصى، وضرب المرابطات وتعذيب الأسرى، واعتقال الأطفال وإهانة الرجال، وهي ظروف شبيهة، إلى حد ما، بانتفاضة الأقصى، فبئس الحياة بلا كرامة.
تعود القضية الفلسطينية إلى الأضواء من جديد، والأهم أن الذي يخشاه كيان الاحتلال الإسرائيلي، ويحاول السيطرة عليه، وقع، وهو أننا على عتبة انتفاضة ثالثة، حذر منها العالم كله، لكن نتنياهو لن يكون حالة فريدة، كسابقيه، من قادة الاحتلال الإسرائيلي، فهو عنيد حتى الحماقة، فعلى الرغم من تخبطه، إلا أنه يتخذ إجراءات مضبوطة (قتل واعتقال) في نظر بعضهم. وفي نظر اليمين الإسرائيلي، هي تساهل واستهتار، فالمطلوب هو احتلال الضفة الغربية وحصارها في عملية سور واقي 2، كما فعل إرييل شارون عام 2002.
يعلم بنيامين نتنياهو الذي أوصل الحالة الفلسطينية إلى حد الانتفاضة مآل التصعيد في الشارع، وهو ما أكد عليه منسق الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، يؤاف مردخاي. لذلك، عمد إلى إصدار قرارات تمنع الوزراء في الحكومة الإسرائيلية من دخول الأقصى، حتى لا تتأزم الأمور، وأوقف تنفيذ مشاريع استيطانية، وهي ثمار متواضعة لحركة الشارع الفلسطيني. لكن، لكل شيء بداية، إذ سيخرج الشارع الفلسطيني نتنياهو عن طوره، وسيتخبط، إلا إذا أدركته التسويات العربية.
لا خوف من الإسرائيلي على الفلسطينيين، لكن الخوف الأكبر هو من التسويات والضغوط العربية قبل الغربية على السلطة الفلسطينية والفصائل، لتهدئة الأمور. وهي كلمة دائما تأتي على حساب الفلسطينيين.

F4F14766-7D2F-4617-9AFB-878AF02EAFEE
F4F14766-7D2F-4617-9AFB-878AF02EAFEE
أحمد الصباهي (فلسطين)
أحمد الصباهي (فلسطين)