وحمّو بيكا في انتظار دكتوراه العكّاوي
في بلادنا العربية، هناك أشياء تأخذك إلى الضحك، وأنت لست في حاجة إليه أبداً، فتضحك، إعمالاً للقاعدة "اضحك كركر قبل ما تموت" لأنّ الآتي، إنْ لم تضحك، سوف يكون وحلاً، فهل تستطيع أن تضحك في الوحل؟ إذاً، اضحك وخلاص، فإن لم يأخذ الدكتوراه محمد رمضان، فستأخذها الست فيفي عبده، وهي جديرة للعلم، وإن أصابتها وعكة والعياذ بالله، فحمّو بيكا على أتم الاستعداد لها ومعه "عدّة الدكان طايبة"، وإن لم يكن حمّو بيكا في لقاء فني مع إحدى الجاليات العربية بواشنطن أو ديترويت، فحسن شاكوش "صاحب المعاني" جاهز لها، طالما الست يسرا وليلي علوى اكتفتا بتلك الدكتورهات الفخرية، ولم يعد من مكان في منازل السيدتين الجميلتين لوضع أي دكتوراه أخرى، سواء من جبال الأرز أو أطلس أو الجبل الأحمر أو نفّوسة.
أما الأوساط العلمية في مصر، وذلك ردّاً للجميل، فهي مقصّرة جداً في حق عروبتها، ولديها من العلماء من هزم الإيدز، "بصباع كفتة"، فلماذا لا تردّ مصر هي الأخرى على لبنان، وتحدث جائزة دكتوراه فخرية لأبناء العرب من شباب الباحثين باسم عالم ثورتها دكتور عبد العاطي؟ أنترك الغرب يحتفي بعلمائنا بعد موتهم ونحن الأوْلى بهم، كما حدث للخوارزمي وابن سينا وعباس بن فرناس؟
قد يردّ عليّ أحد المهتمين بالشأن العام والعلمي معاً من أصحاب القدرات والهمم العالية، ويقول ساخراً: كيف تجرؤ على قول هذا الكلام، وهناك العشرات والمئات اللائي أُضِرن وأضيروا، خلال السنوات القلية الماضية، من جرّاء هذا الهوس المحموم بأدواتٍ تافهةٍ للسلطات من المحيط إلى الخليج، كمحمد رمضان وبيكا وبعرور وجعرور والنمس وغيرهم، أليس فيكم من رجلٍ رشيدٍ يسدّ علينا تلك البلاعة التي انفجرت في عالمنا العربي من تلك الأسماء التي لوثت حتى الذوق العام عن قصد وتدبير كي تزيدنا يأساً، فهذا محمد رمضان في الرياض أو في الساحل الشمالي، وهذا بيكا يكسر كراسي النقابة مرتين، ويتم الصلح على برّاد الشاي، مع هاني شاكر، تلك النقابة التي شرّفت بأم كلثوم ومحمد القصبجي ومحمد عبد الوهاب وغيرهم، أما تشعرون بذلك الجرح العربي الذي ينزف من كل البلاد العربية؟
أما تدرون أن عالم الفضاء المصري، الشاب عصام حجّي، شبه مطرودٍ من بلدكم، وأن عالم الفضاء فاروق الباز بُكي عليه "رطلين من الدم الصبيب" وما زال يبكي أمام مناظيره وتلسكوباته وداخل مختبراته، وأن المستشار العلمي للرئاسة دكتور أحمد عكاشة ما زال يمدّه بالأبحاث العلمية العميقة، كي يواصل انتصاراته في الغرب، كي يكون سنداً لوطنه في المنتديات العلمية كافة، وأن الست "أم صباح المنياوية" من جوار منطقة وابور الثلج، في المنيا قبلي، تبرّعت للعالم بكردانين من الذهب، بناء على توجيهات الرئاسة، كي يواصل عصام حجّي باقي أبحاثة المتعثرة، فلماذا لا تلتفتون التفاتةً قويةً إلى العلم بعيداً عن موتوسيكل سما المصري أمام اللجان الانتخابية، أو وهي معها كلبها في اللجنة؟ فماذا تفيد كل هذه الأعمال التافهة لمصر التي عرفت ورق البردي مع الصين، أو قبلها بأسبوعين، وبنت الهرم أعجوبة كل الأزمنة؟
صدق هذا اللائم بالفعل فحالنا صعب. ولكن ماذا أقول له غداً، حينما يدخل حمّو بيكا "بعدّة العراك" للمرّة الرابعة أو الخامسة. وحينما لا يجد الكراسي كي يكسرها، يغلق النقابة نفسها بعشرين قفلاً "بقلطة"، كما تفعل الحكومات المصرية نفسها مع نقابات الصحافيين والصيادلة والمحامين وباقي الاتحادات من أربعين سنة، ثم يأخذ هاني شاكر نفسه "كرهينة في دكّان الجزارة الخاص بوالده" وبعد أسبوع يتم الصلح في نقابة محايدة، ويتعهد حمّو بيكا بتسليم عدّة العراك للنقابة كاملة، على أن يتسلم الكارنيه، بشرط إضافي مهم، وينفذ قبل حفلات رأس هذه السنة، وهو أن يأخذ جائزة الأرز من لبنان، وتكون في استقباله في المطار السيدة هيفاء وهبي بكامل فرقتها الموسيقية ومعها حصان لزوم الزّفة، والنهاردة عندكم في لبنان وبكرة عندنا... والسيد الدكتور العظيم محمد عبد الوهاب قالها بعضمة لسانه على العود: "تراعيني قيراط، أراعيك قيراطين/ وتشوفني بعين، أشوفك باتنين".