04 نوفمبر 2024
مشعل والمصارحة الفلسطينية
لا تزيّد في الزعم إن الحال الذي تغالبه حركة حماس، راهناً، غير مسبوق في تعاسة الانكشاف السياسي الذي تجد نفسها في أتونه، فباستثناء صلاتٍ طيبة تجمعها مع قطر وتركيا، وإسناد سياسي ظاهر لها من البلديْن، ليس هناك من تواصل تشاور وحوار مع العواصم العربية، ولا سيما التي كانت الخطوط معها دافئةً أو أقله سالكة، في محطاتٍ سابقةٍ وغير قليلة. لم يعد متاحاً لرئيس المكتب السياسي، خالد مشعل، أن تهبط طائرته في القاهرة، للتداول مع مدير المخابرات المصرية، ولا أن يعقد مؤتمراً صحافياً في دمشق، ولا أن يزور أبوظبي، ولا أن يستقبله ملك السعودية في الرياض. كما أن عمّان لم تعد تستحسن مروره عليها، ولا تونس ربما، أما صنعاء فحالها لا يحتاج إلى إيضاح. لا يعود السبب في ذلك كله إلى شيء استجدّ في شخص مشعل نفسه، أو في حماس التي يمثلها ويقودها، بل هو الاهتراء العربي الحادث لا يجعل لحركة المقاومة الإسلامية حيّزاً في مواعيد النظام الرسمي العربي ومواقيته، وهو الذي يخوض معركة بقاء كياناته على حالها.
حاربت حماس، قبل عام، مع فصائل مقاومة أخرى في قطاع غزة، دفاعاً مشهوداً عن الشعب المحاصر هناك، وأظهر مجاهدوها بسالةً جسورة، وصمد ناس القطاع، ودفعوا أكلافاً باهظة جراء العدوان الإسرائيلي. كان الأداء الفلسطيني الرسمي، وكذا العربي، والمصري في مقدمته، شديد البؤس والركاكة والابتذال. ولم يكن ذلك مفاجئاً، ولم تنفق حماس وقتاً في الزعل من هذا وذاك، حتى وهي تستقبل قرارات محاكم مصرية عدّتها، وجناحها العسكري كتائب القسام، جماعتين إرهابيتين، في مسلكٍ لا نظن نعت الفضيحة يستوفيه. في غضون هذا القاع العربي، حيث داعش هي الشغل الشاغل، طالما أن "انتصاراتها" في البطاح السورية والعراقية بيّنة، وحيث البؤس في أداء القيادة الفلسطينية الرسمية كارثي، وحيث المشروع الوطني الفلسطيني لا تلحظه أي عين، ولو كانت ميكروسكوبية. في غضون هذا القاع، يفاجئك رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، بشحنة تفاؤلٍ باقية لديه، وبمقادير إيمانٍ بالأمة ومستقبلها تقيم في جوانحه، وهو يشخّص المشهد العربي الخربان. نستمع، نحن نفر من إعلاميين عرب، إلى الرجل، وهو يتحدث عن جبالٍ من الصعوبات أمام الفلسطينيين، في قطاع غزة وغيره، وأمام حماس وشقيقاتها من التشكيلات الوطنية، فيحيّرنا سؤالٌ عن هذه القدرة لديه، ولدى رفاقه، على نبذ اليأس، والتسلح بنزرٍ من أمل هنا، وضوء هناك، من أين تأتّت له، وكيف تيسّرت، فيما لم يُفرحنا بخبر عن مصالحة وطنية فلسطينية قيد الإنجاز، ولا عن حكمةٍ طرأت على العقل المصري الحاكم في القاهرة، ولا عن يقينٍ بالمصلحة الوطنية والقومية العربية صار حيث نشتهي أن يصير، في هذه العاصمة العربية وتلك.
نُحدّث مشعل عن ضجرٍ مقيم بين الفلسطينيين من كل الرطانة المستمرة عن المصالحة بين حماس وفتح، ونسأله عن المعجزة اللازمة لصنع هذه المصالحة المشتهاة. نسمع جواباً عن شراكة ضرورية، وعن خيمةٍ فلسطينية، عموداها فتح وحماس، ويبلغنا أن الطرف الآخر يراهن على متغيرات إقليمية ودولية، يظنها مواتيةً لعدم الاندفاع باتجاه إقامة الاستحقاقات الحاضرة في الاتفاقيات الموقعة. نلحظ في نبرة قائد الحركة الإسلامية نبرة مصارحة، لكنها لا تصنع جديداً. ولا شيء غير السأم من قصة المصالحة هذه، كأن على الفلسطينيين أن يتعايشوا معها، وثمّة بينهم من يطرح صيغةً فيدرالية بين غزة والضفة الغربية، طالما أن المساحة بين المشروعين شاسعة.
ليس المزاج رائقاً، حتى نصرف وقتاً في تجريب ذهني عن فيدرالية أو غيرها، والوحش الإسرائيلي لا يتيح للفلسطيني هذا الترف. وثمّة مشرق عربي يتآكل، بلداه العمودان، سورية والعراق، ينشطان في الهرولة إلى صوملةٍ معلنة. وثمّة في مصر جنون مكشوف. وفي الأثناء، يبدو السؤال عن مطرحٍ لحماس في المشهد العام نافلاً، وتبدو صراحة خالد مشعل الفلسطينية ضرورة.
حاربت حماس، قبل عام، مع فصائل مقاومة أخرى في قطاع غزة، دفاعاً مشهوداً عن الشعب المحاصر هناك، وأظهر مجاهدوها بسالةً جسورة، وصمد ناس القطاع، ودفعوا أكلافاً باهظة جراء العدوان الإسرائيلي. كان الأداء الفلسطيني الرسمي، وكذا العربي، والمصري في مقدمته، شديد البؤس والركاكة والابتذال. ولم يكن ذلك مفاجئاً، ولم تنفق حماس وقتاً في الزعل من هذا وذاك، حتى وهي تستقبل قرارات محاكم مصرية عدّتها، وجناحها العسكري كتائب القسام، جماعتين إرهابيتين، في مسلكٍ لا نظن نعت الفضيحة يستوفيه. في غضون هذا القاع العربي، حيث داعش هي الشغل الشاغل، طالما أن "انتصاراتها" في البطاح السورية والعراقية بيّنة، وحيث البؤس في أداء القيادة الفلسطينية الرسمية كارثي، وحيث المشروع الوطني الفلسطيني لا تلحظه أي عين، ولو كانت ميكروسكوبية. في غضون هذا القاع، يفاجئك رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، بشحنة تفاؤلٍ باقية لديه، وبمقادير إيمانٍ بالأمة ومستقبلها تقيم في جوانحه، وهو يشخّص المشهد العربي الخربان. نستمع، نحن نفر من إعلاميين عرب، إلى الرجل، وهو يتحدث عن جبالٍ من الصعوبات أمام الفلسطينيين، في قطاع غزة وغيره، وأمام حماس وشقيقاتها من التشكيلات الوطنية، فيحيّرنا سؤالٌ عن هذه القدرة لديه، ولدى رفاقه، على نبذ اليأس، والتسلح بنزرٍ من أمل هنا، وضوء هناك، من أين تأتّت له، وكيف تيسّرت، فيما لم يُفرحنا بخبر عن مصالحة وطنية فلسطينية قيد الإنجاز، ولا عن حكمةٍ طرأت على العقل المصري الحاكم في القاهرة، ولا عن يقينٍ بالمصلحة الوطنية والقومية العربية صار حيث نشتهي أن يصير، في هذه العاصمة العربية وتلك.
نُحدّث مشعل عن ضجرٍ مقيم بين الفلسطينيين من كل الرطانة المستمرة عن المصالحة بين حماس وفتح، ونسأله عن المعجزة اللازمة لصنع هذه المصالحة المشتهاة. نسمع جواباً عن شراكة ضرورية، وعن خيمةٍ فلسطينية، عموداها فتح وحماس، ويبلغنا أن الطرف الآخر يراهن على متغيرات إقليمية ودولية، يظنها مواتيةً لعدم الاندفاع باتجاه إقامة الاستحقاقات الحاضرة في الاتفاقيات الموقعة. نلحظ في نبرة قائد الحركة الإسلامية نبرة مصارحة، لكنها لا تصنع جديداً. ولا شيء غير السأم من قصة المصالحة هذه، كأن على الفلسطينيين أن يتعايشوا معها، وثمّة بينهم من يطرح صيغةً فيدرالية بين غزة والضفة الغربية، طالما أن المساحة بين المشروعين شاسعة.
ليس المزاج رائقاً، حتى نصرف وقتاً في تجريب ذهني عن فيدرالية أو غيرها، والوحش الإسرائيلي لا يتيح للفلسطيني هذا الترف. وثمّة مشرق عربي يتآكل، بلداه العمودان، سورية والعراق، ينشطان في الهرولة إلى صوملةٍ معلنة. وثمّة في مصر جنون مكشوف. وفي الأثناء، يبدو السؤال عن مطرحٍ لحماس في المشهد العام نافلاً، وتبدو صراحة خالد مشعل الفلسطينية ضرورة.