لبنان يشرب الغاز الصهيوني: مبروك يا عرب
طائرة خليفة حفتر في الكيان الصهيوني للمرة الثانية خلال شهر، ونجل عبد الفتاح السيسي في إسرائيل، بحسب تسريبات صهيونية، والإعلام الإسرائيلي يعلن أن واشنطن أعطت المصادقة النهائية على تصدير غاز إسرائيلي إلى لبنان (عبر مصر والأردن وسورية) وفي الصورة تفاصيل أخرى.
أغنية لمطربة إسرائيلية تسخر من الزحف العربي تسولًا للتطبيع مع الصهيوني، وتحتفي بدبي، بوصفها النموذج، والرائدة الآن في خدمة المشروع الصهيوني، بالتزامن مع إعلان حركة أمل وحزب الله اللبنانيين العودة إلى المشاركة في جلسات حكومة نجيب ميقاتي، رجل السعودية وشرم الشيخ، والعائد للتو من أسبوع حفلات السيسي الشبابية، صحبة محمود عبّاس، الذي يتوجه إلى الجزائر، كما هو وفد حركة حماس.
تلك هي معطيات اللحظة العربية الحزينة، التي يجري فيها الإعلان رسميًا عن إخضاع لبنان (المقاوم) للمشروع العربي الرسمي للتطبيع مع العدو الصهيوني، الذي يصبح، مع هذه الخطوة، موجودا في جميع نقاط الخريطة العربية، باستثناءات محدودة، في مقدمتها الجزائر التي لا تزال ترفض الاستسلام للمنطق العربي المشين، والكويت التي تعلن أنها ستكون آخر من يطبّع.
هذه اللحظة تستوجب تهنئة النظام الرسمي العربي على إخضاع لبنان وإجباره على تجرّع سمّ التطبيع، علاجًا لأزماته الاقتصادية الخانقة، وهي الأزمات التي أخذت في التضخم والتفاقم على مدار أكثر من عامين، أحكم خلالهما العرب النافذون حصارهم على بيروت، حتى رضخت أخيرًا للصفقة الحرام: الغاز القادم من إسرائيل حلًا لمشكلات الوقود والكهرباء وعلاجًا لليرة من الكساح.
هذه لحظة تاريخية نادرة، إذ لأول مرة، منذ حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 تلتقي إرادات العرب الرسميين حول هدف واحد، ينجح العمل العربي المشترك في إنجازه، وسط أفراح صهيونية عارمة.
الوصفة الأميركية لاستيراد علاج لبنان من إسرائيل جرى الحديث عنها رسميًا في لبنان، للمرة الأولى، على لسان الرئاسة اللبنانية، في وقتٍ كان فيه عبد الفتاح السيسي يستقبل رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني الجديد نفتالي بينت، مع إعلان حزب الله اللبناني عن وصول قافلة محروقات من طهران لحل مشكلة الوقود في لبنان. في ذلك الوقت، قال حساب الرئاسة اللبنانية على "تويتر" إن "العماد ميشال عون تلقى اتصالًا من السفيرة الأميركية في بيروت أبلغته فيه قرار استجرار الطاقة الكهربائية من الأردن عبر سورية عن طريق الغاز المصري".
وفي التفاصيل التي أعلنتها السفيرة دوروثي شيا أنه سيتم تسهيل نقل الغاز المصري عبر الأردن وسورية وصولاً إلى شمال لبنان، والمفاوضات جارية مع البنك الدولي لتأمين تمويل ثمن الغاز المصري وإصلاح خطوط نقل الكهرباء وتقويتها والصيانة المطلوبة لأنابيب الغاز.
كان من الممكن للنظام العربي أن ينهي أزمة لبنان مع الطاقة بأقل القليل من الجهد والاهتمام، وعلى سبيل المثال هذا عبد الفتاح السيسي الذي وقف في شرم الشيخ ليقول "مصر مستعدّة لإمداد أوروبا بالطاقة، كما لدينا البنية التحتية المؤهلة لذلك، ولديها الاستعداد للتعاون مع الدول المجاورة مثل السودان وليبيا وإسرائيل، في مجال تصدير الطاقة"، ماذا قدّم للبنان غير تصريحاتٍ معسولةٍ عقب استضافته رئيس الحكومة اللبنانية عن تضامنه الكلي مع لبنان؟
الشاهد أن كل الأطراف التي تلعب في الساحة اللبنانية كانت تدفع باتجاه هدف وحيد، هو إحكام الخناق على لبنان، المختنق أصلًا بأزماته الداخلية، من أجل تهيئته وإخضاعه لسيناريوهاتٍ إقليميةٍ، تمتدّ عبر أنابيب عابرة للحدود، ظاهرها الوقود، وباطنها التطبيع، وكان أبعد ما تخيلته من سيناريوهات كابوسية أن ترسل مصر الغاز الذي تستورده من إسرائيل لمساعدة لبنان، غير أن الأمر لم يعد بحاجةٍ إلى التحايل والمناورة، ليكون الإعلان، بصريح العبارة، أن تل أبيب سوف تصدّر الغاز إلى بيروت.