كسر ظهر النيل لا تجبره مؤتمرات عاطفية
قد لا يبدأ الحفل بـ "وجعلْنا من الماء كل شيء حي"، بناء على رأي الشؤون المعنوية في القوات المسلحة، مراعاةً للأدب في حضرة سيادة الرئيس، وصاحب أول شنطة فلوس مقفولة في مشروع "حياة كريمة". وقد يسبق الحفل مفتي الديار المصرية، دكتور شوقي علّام، بجواز الوضوء بمياه الصرف الصحي بعد معالجتها، ويخوضُ بالطبع فضيلته في فقه الحاجة والضرورة في أيام المجاعات والطاعون.
وقد يسبق الجميع فضيلة الشيخ على جمعة من منزله بعد عصر ذلك الخميس من تحت شجرة حنّاء مائلة على تكعيبة عنب بالحديقة، ويتحدث حديثا عذْبا في فضيلة التيمّم بالأحجار والرخام البكر، ضاحكا ومبشّرا، بأنه علّ المتيمم قد يصادفه ذلك الحجْر الكريم يوما، ومن يعلم فتوحات ربك وبركته، ولا يعلمها إلا هو، فقد يجود عليه كريم العطايا وتصادفه بجوار الحجْر "قطعة آثار محترمة"، منسية من قرون أو "عروسة بالشيء الفلاني"، شريطة أن يتقاسم خيرَها مع خزينة بلاده، وهنا قد يتم استدعاء الدكتور، سعد الدين الهلالي، لسؤاله في نسبة تقسيم عائد الوعد بقطعة الآثار، أو العروسة، فيؤكّد أولا على جواز التيمّم في الضروريات والمجاعات، خصوصا المائية لا قدّر الله، وزاد على التيمّم بالأحجار والرخام كما ذكر دكتور علي جمعة، بالتمسّح حتى بقلوع المراكب حتى للمسافرين في البحر بقربهم، فعليه أن يوفّر القربة لسفره، ومياه البحر لضروريات البحر أيضا، ويكتفي بالتمسّح فقط بالقلع. وكما قال النبي، فيما معناه، في الوضوء يجب التخفّف، حتي وإن كنت على بحرٍ وتغترف منه، فما بالك بمسافرٍ يركب البحر، وليس لديه سوى القربة؟ ونحن قربتنا قلّ خزينها بحكم زيادة العدد، والله أعلم. وأجّل نسبة تقسيم عائد "العروسة"، شرعيا إلى ما بعد "مؤتمر حياة كريمة"، كي يتوسّع في آراء الشافعية، وهي نادرة بالطبع.
وقبل أن ينطلق محمد فؤاد بالأغاني، عن التحمّل والصبر و"الجدعنة"، وشهامة أولاد البلد، فكانت مداخلة الشيخ أحمد كريمة، فأحصي الشيخ غزوات الرسول في جزيرة العرب الحارّة والمهلكة غزوة، غزوة، بعلمه الغزير خلال سنوات حياته. وذكر الشيخ أن شهور الحرب تكون فيها المياه أثمن من الكبريت الأحمر في جزيرة العرب، سواء أكانت المياه في القرب محمولةً على الظهور أم فوق الإبل والخيل. وبحسبة بسيطة، اكتشف الشيخ أحمد كريمة أن الرسول لم يستهلك في كل غزواته أكثر من أربعين قربة ماء، وهو مقدار ما يستحمّ به "عيل دلوع"، من الزمالك أو المعادي تحت الدشّ، ثم ذم البغددة المهلكة في الماء، وأنها مضرّة برصيد الأجيال القادمة لنعمةٍ حباها الله للجميع، فأهدرناها بالإسراف المكروه، ثم اختتمت كلمة الفقهاء بآيات من الذكر الحكيم بدأت بـ "... ولا تسرفوا". حينئذ اعتدل الرئيس في جلسته، وهلّل من بعيد المطرب محمد فؤاد، فهلّلت الجماهير من ورائه، فأسكت الرئيس الجميع، بعدما طلعت ضحكاته إلى العلن من دون أن يسأل بالطبع الشيخ أحمد كريمة عن تكاليف هذا الحفل، لأن أحمد كريمة لم يكن موجودا أصلا، بل كان يجهّز أوراقه للمساء للقنوات الفضائية عن موضوع الغزوات والماء وعدد القرب الأربعين.
وحينما بدأ الحفل، لم يسأل الرئيس الشيخ أحمد كريمة عن حل أو حرمة المزمار أو الدفّ أو الجيتار أو الأورغ الكهربائي، خصوصا، لأنه لم يكن في عهد الرسول آلة تعمل بالكهرباء وتصدر نغماتٍ راقصة أبدا والعياذ بالله، إلا أن الشيخ أحمد حوّل كلمته فجأة في البرنامج من الغزوات وعدد القرب إلى مدح الكباري والطرق العريضة التي تربط أطراف البلاد، وضرب المثال "بطريق زبيدة"، الذي ربط العراق بمكّة والمدينة، وسهّل على عموم المسلمين صعوبة الطرق ما بين الوهاد والجبال. ولفت بذلك نظر نساء مصر الثريات، وخصوصا اللائي يعملن بالبزنس، إلى الاقتداء بزبيدة، وليس لبس الألماس أو الأفرنجي، وآخر التقاليع التي تتسرّب لنا من الغرب، وأعلن قبل أن يبدأ محمد فؤاد بالغناء، أن للحديث بقية، وخصوصا ونحن في أيامٍ صعبة، تحتاج التكاتف ونكران الذات، والوقوف بالمناكب خلف قيادتنا الحكيمة، ونسيان أي خلاف.