18 نوفمبر 2024
قيس سعيد في المتاهة الليبية
تقول التجربة المعملية: إذا أردتَ أن تضيع حقًا أو تنشئ باطلًا، اذهب إلى جامعة الدول العربية، وضع الأمر في عهدتها.
هذا حدث كثيرا، ويتكرّر الآن في الموضوع الليبي، إذ تتسق الجامعة مع ذاتها، إذ تدار بواسطة أمين عام يدين بالفضل في وصوله إليى موقعه لمحور عربي كاره لثورات الربيع العربي، ناهيك عن أن الرجل بشخصه يعلن عداءه الصريح والواضح للربيع، ولديه ثأر شخصي معه، منذ أطاحت به ثورة يناير المصرية من منصبه وزيرًا للخارجية المصرية، ليس في تاريخه ما يُذكر سوى لقطات وابتسامات دافئة مع نظيرته الصهيونية في ذلك الوقت تسيبي ليفني.
يعلم القاصي والداني أن أحمد أبو الغيط يدين بالولاء المطلق للرباعي العربي الذي يحارب كل محاولات التغيير والإصلاح الديمقراطي في المنطقة العربية، وبالأخص في ليبيا، حيث يموّل رباعي السعودية والإمارات والسيسي والبحرين الجنرال الأميركي المفصول من الجيش الليبي، خليفة حفتر، ويحاربون من أجله تثبيته حاكمًا لعموم ليبيا.. يدعمونه بالحماس ذاته الذي يدعمون به بقاء أحمد أبو الغيط على رأس جامعة الدول العربية.
يقول التاريخ أيضًا إن تذكّر هذه الجامعة، والبحث عن دور لها يرتبط بمشاريع القوى النافذة فيها لتمرير مخططات أقرب إلى الكوارث والمؤامرات، ومن ثم كان الحل الأسهل لهذا الرباعي المأزوم في ليبيا هو إقحام جامعتهم الخاصة في الموضوع.
ثمّة خلل إجرائي في الدعوة إلى اجتماع الجامعة بشأن ليبيا، يتمثل في أن الحكومة الليبية، صاحبة الشرعية المعترف بها دوليًا، وصاحبة اليد الطولى على أرض الواقع الليبي، لم تطلب عقد مثل هذا الاجتماع، بل دعت له القاهرة السيسية، حليفة الجنرال الانقلابي المكسور خليفة حفتر وداعمته، فيما أعربت حكومة طرابلس عن تحفظها بتخفيض مستوى تمثيلها، الأمر الذي يجعل الاجتماع أشبه بلقاء تنسيقي بين أطراف المحور العربي الذي يقود انقلاب حفتر ويديره ويموله ويسلحه، تحت مظلة جامعة الدول العربية، التي هي، في نهاية المطاف، أصغر من إدارة تابعة لخارجية عبد الفتاح السيسي، التابعة بدورها لكل من الإمارات والسعودية.
الشاهد أنه لا توجد مفاجآت من أي نوع فيما جرى في اجتماع وزراء الخارجية تحت مظلة الجامعة، بشأن ليبيا. أما المفاجأة الحقيقية فتأتي من تلعثم الموقف التونسي، كما عبر عنه الرئيس قيس سعيد في باريس، حيث التقى ساكن الإليزيه الشاب إيمانويل ماكرون، أحد اللاعبين في المشهد الليبي، لصالح خليفة حفتر. في المؤتمر الصحافي عقب المباحثات، بدا أن قيس سعيد الموجود في فرنسا ضد قيس سعيد حين كان في تونس، وتحديدًا في أبريل/ نيسان الماضي، حين أعلن بوضوح أن تونس متمسّكة بالشرعية الدولية، ممثلة في حكومة الوفاق، بل وقال، حسب بيان رئاسي رسمي، خلال اتصال هاتفي أجراه مع رئيس المجلس الرئاسي للحكومة الليبية، فائز السراج، إن موقف بلاده واضح من مسألة دعم حكومة الوفاق الوطني الليبية الشرعية، وإن أي تصريح يخالف ذلك لا يعبر عن الموقف الرسمي لبلاده، ولا يجب أن يؤثر على العلاقات المتينة بين الشقيقيين. أما في باريس، فقد جاءت لغة قيس سعيد مرتبكة ومتلعثمة ومفتقدة للسلامة المنطقية التي اتسم بها خطابه المتقن والمحكم منذ أيام حملته الانتخابية، فحين سئل عن موقفه من الصراع في ليبيا، أجاب إن شرعية الحكم في ليبيا مؤقتة، وأن الحل من وجهة نظره هو تنظيم الوضع بدستور مؤقت، أو بتنظيم مؤقت على حد تعبيره.
وهنا ثمة تناقض منطقي فادح، إذ كيف يكون الحل للخروج من وضع مؤقت هو الذهاب إلى وضع مؤقت جديد؟ كيف يمكن أن يكون إنهاء مرحلة انتقالية، وضع معالمها اتفاق الصخيرات ومؤتمر برلين، بالقفز إلى مرحلة انتقالية جديدة؟ هذه الرؤية المشوشة، بهذه اللغة المشوشة، لابد أن مبعثها موقف مشوش مما يجري في ليبيا، وهو موقف يختلف كثيرًا عما أعلنه الرئيس التونسي في مناسبات عديدة سابقة، لكنه يبدو متأثرًا إلى حد بعيد بالنشاط المتصاعد لألاعيب إرباك المشهد السياسي التونسي، عبر أدوات وأساليب ذلك المحور الشرير الذي يرى أن ما بينه وبين الربيع العربي صراع وجودي لا يتوقف ولا يهدأ.
هذا حدث كثيرا، ويتكرّر الآن في الموضوع الليبي، إذ تتسق الجامعة مع ذاتها، إذ تدار بواسطة أمين عام يدين بالفضل في وصوله إليى موقعه لمحور عربي كاره لثورات الربيع العربي، ناهيك عن أن الرجل بشخصه يعلن عداءه الصريح والواضح للربيع، ولديه ثأر شخصي معه، منذ أطاحت به ثورة يناير المصرية من منصبه وزيرًا للخارجية المصرية، ليس في تاريخه ما يُذكر سوى لقطات وابتسامات دافئة مع نظيرته الصهيونية في ذلك الوقت تسيبي ليفني.
يعلم القاصي والداني أن أحمد أبو الغيط يدين بالولاء المطلق للرباعي العربي الذي يحارب كل محاولات التغيير والإصلاح الديمقراطي في المنطقة العربية، وبالأخص في ليبيا، حيث يموّل رباعي السعودية والإمارات والسيسي والبحرين الجنرال الأميركي المفصول من الجيش الليبي، خليفة حفتر، ويحاربون من أجله تثبيته حاكمًا لعموم ليبيا.. يدعمونه بالحماس ذاته الذي يدعمون به بقاء أحمد أبو الغيط على رأس جامعة الدول العربية.
يقول التاريخ أيضًا إن تذكّر هذه الجامعة، والبحث عن دور لها يرتبط بمشاريع القوى النافذة فيها لتمرير مخططات أقرب إلى الكوارث والمؤامرات، ومن ثم كان الحل الأسهل لهذا الرباعي المأزوم في ليبيا هو إقحام جامعتهم الخاصة في الموضوع.
ثمّة خلل إجرائي في الدعوة إلى اجتماع الجامعة بشأن ليبيا، يتمثل في أن الحكومة الليبية، صاحبة الشرعية المعترف بها دوليًا، وصاحبة اليد الطولى على أرض الواقع الليبي، لم تطلب عقد مثل هذا الاجتماع، بل دعت له القاهرة السيسية، حليفة الجنرال الانقلابي المكسور خليفة حفتر وداعمته، فيما أعربت حكومة طرابلس عن تحفظها بتخفيض مستوى تمثيلها، الأمر الذي يجعل الاجتماع أشبه بلقاء تنسيقي بين أطراف المحور العربي الذي يقود انقلاب حفتر ويديره ويموله ويسلحه، تحت مظلة جامعة الدول العربية، التي هي، في نهاية المطاف، أصغر من إدارة تابعة لخارجية عبد الفتاح السيسي، التابعة بدورها لكل من الإمارات والسعودية.
الشاهد أنه لا توجد مفاجآت من أي نوع فيما جرى في اجتماع وزراء الخارجية تحت مظلة الجامعة، بشأن ليبيا. أما المفاجأة الحقيقية فتأتي من تلعثم الموقف التونسي، كما عبر عنه الرئيس قيس سعيد في باريس، حيث التقى ساكن الإليزيه الشاب إيمانويل ماكرون، أحد اللاعبين في المشهد الليبي، لصالح خليفة حفتر. في المؤتمر الصحافي عقب المباحثات، بدا أن قيس سعيد الموجود في فرنسا ضد قيس سعيد حين كان في تونس، وتحديدًا في أبريل/ نيسان الماضي، حين أعلن بوضوح أن تونس متمسّكة بالشرعية الدولية، ممثلة في حكومة الوفاق، بل وقال، حسب بيان رئاسي رسمي، خلال اتصال هاتفي أجراه مع رئيس المجلس الرئاسي للحكومة الليبية، فائز السراج، إن موقف بلاده واضح من مسألة دعم حكومة الوفاق الوطني الليبية الشرعية، وإن أي تصريح يخالف ذلك لا يعبر عن الموقف الرسمي لبلاده، ولا يجب أن يؤثر على العلاقات المتينة بين الشقيقيين. أما في باريس، فقد جاءت لغة قيس سعيد مرتبكة ومتلعثمة ومفتقدة للسلامة المنطقية التي اتسم بها خطابه المتقن والمحكم منذ أيام حملته الانتخابية، فحين سئل عن موقفه من الصراع في ليبيا، أجاب إن شرعية الحكم في ليبيا مؤقتة، وأن الحل من وجهة نظره هو تنظيم الوضع بدستور مؤقت، أو بتنظيم مؤقت على حد تعبيره.
وهنا ثمة تناقض منطقي فادح، إذ كيف يكون الحل للخروج من وضع مؤقت هو الذهاب إلى وضع مؤقت جديد؟ كيف يمكن أن يكون إنهاء مرحلة انتقالية، وضع معالمها اتفاق الصخيرات ومؤتمر برلين، بالقفز إلى مرحلة انتقالية جديدة؟ هذه الرؤية المشوشة، بهذه اللغة المشوشة، لابد أن مبعثها موقف مشوش مما يجري في ليبيا، وهو موقف يختلف كثيرًا عما أعلنه الرئيس التونسي في مناسبات عديدة سابقة، لكنه يبدو متأثرًا إلى حد بعيد بالنشاط المتصاعد لألاعيب إرباك المشهد السياسي التونسي، عبر أدوات وأساليب ذلك المحور الشرير الذي يرى أن ما بينه وبين الربيع العربي صراع وجودي لا يتوقف ولا يهدأ.