في معنى التمسّك بـ"الدولة اليهودية"
أظهر "مؤشّر التعدّدية 2021" في إسرائيل الذي يجريه سنويًا معهد سياسات الشعب اليهودي الذي أسّسته الوكالة اليهودية قبل أعوام كثيرة، ومن ثمّ منحته مكانة Think Tank، ونشرت نتائجه قبل أسبوع، أن 99% من السكان اليهود في دولة الاحتلال متمسّكون باعتقاد فحواه أن على إسرائيل أن تظل دولة يهودية إلى الأبد، وفقط 1% منهم يُؤثرون أن تكفّ عن كونها دولة يهودية.
داخل هذه الأغلبية الساحقة ثمّة نسبة تعتقد أن على إسرائيل أن تكون أكثر يهودية، وتبلغ 37%، في مقابل نسبة أقل ترى أن عليها أن تكون أقل يهودية، وتبلغ 23%، في حين يعتقد 40% أنها ينبغي أن تظل كما هي عليه اليوم، وذلك من ناحية سلطة النُظم الدينية اليهودية على مختلف شؤون الحياة المدنية العامة. وفيما يشكّل الداعون إلى أن تكون إسرائيل أقل يهوديةً من الناحية الدينية أقليةً في صفوف الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم علمانيون، فإن الداعين إلى أن تكون الدولة أكثر يهودية دينيًا هم الأغلبية في صفوف الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم تقليديون محافظون ومتدّينون ومتشدّدون دينيًا (يهود أرثوذكس/ حريديم). وبطبيعة الحال، في مُجرّد هذه النتائج ما يعيدنا إلى واقع أنه لا أساس مكينًا للخطاب الذي يقسّم المجتمع الإسرائيلي إلى متدينين وعلمانيين، وما يؤكد أن هناك امتدادًا داخل هذا المجتمع، من المتمسّكين بالمحافظة على الفروض الدينية، وحتى أولئك الذين لا يحافظون نهائيًا عليها، إنما من دون وجود ذلك الفصل الثنائي الحادّ.
وفحص مؤشّر العام الحالي أيضًا الشروط التي لا بُدّ من توفرها لتظل إسرائيل دولة يهودية. وجاءت أبرز النتائج: يبقى أحد أهم هذه الشروط أن تكون فيها أغلبية يهودية، وهو يحظى بتأييد 88% من السكان اليهود. ويليه شرط تشجيع الدولة الإنتاج الثقافي اليهودي وتعضيده. ويحوز هذا الشرط تأييد 57% بين الذين يعرّفون أنفسهم علمانيين، في حين يحظى بأغلبية ساحقة في أوساط سائر السكان اليهود. وتصل نسبة الذين يؤيدون شرط أنه من أجل أن تكون دولة الاحتلال يهودية، مبنىً ومعنى، ينبغي أن تستند القوانين المعمول بها فيها إلى الشريعة الدينية اليهودية إلى 22% من السكان اليهود. أما نسبة الذين يعلنون أن هناك ضرورة في الدولة اليهودية للمحافظة على خصائص يهودية في الحيّز العام فهي 37% في أوساط الذين يعرّفون أنفسهم علمانيين، في حين تقفز نسبة هؤلاء بين التقليديين إلى 55%، وبين المتدينين والأرثوذكس إلى 73% و96% على التوالي.
يتطرّق المؤشّر أيضًا إلى العلاقة المشحونة بين الدولة اليهودية والديمقراطية، فيشير، من دون تسجيل معطيات دقيقة، إلى أن الشرط الذي يقول "إن القيم اليهودية يجب أن تكون أكثر أهمية من القيم الديمقراطية" يحظى بتأييد أقليةٍ في صفوف العلمانيين والتقليديين والمتدينين الليبراليين، في حين يحظى بتأييد الأغلبية في أوساط المتدينين والأرثوذكس. وفي صفوف اليهود اليمينيين، الذين يوضح المؤشّر أنهم يشكّلون أكثرية المجتمع الإسرائيلي في الأعوام الأخيرة، كما تنبئ مثلًا نتائج الانتخابات العامة، يحظى هذا الشرط بتأييد 51% منهم.
كذلك يتطرّق إلى شرط آخر، فحواه أن "على الدولة اليهودية أن تمنح أفضلية قانونية لليهود مقارنة بغير اليهود". وفيما تعارض هذا الشرط أكثرية في صفوف العلمانيين، فإن تأييده في صفوف اليهود الأرثوذكس يصل إلى 68%، وفي صفوف اليمينيين يصل إلى 61%. ويصل تأييده في صفوف الوسط- اليمين إلى 51%. ما يعني أن هناك أكثرية في أوساط السكان اليهود في إسرائيل تؤيد التشديد على يهودية الدولة، ولو بثمن المساس بقيم أخرى على غرار المساواة أمام القانون، وباقي القيم الديمقراطية.
هل تشكل هذه المعطيات مؤشّرًا إلى وجهة السكان اليهود في مجتمع دولة الاحتلال في الفترة المقبلة؟ أكيد طبعًا.