02 نوفمبر 2024
عواصف محمد بن سلمان
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
يقود ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، حربيْن مفتوحتين. واحدة في الداخل والأخرى في الخارج. ولا تقل إحداهما ضراوةً عن نظيرتها. وفي الوقت الذي تتقاطعان من حيث التأثير على مشروعه للحكم، فإنهما تضعان المملكة العربية السعودية أمام وضعٍ جديدٍ لم تشهده منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز منذ حوالي تسعة عقود.
لأول مرة، يترافق وصول المرشح للعرش السعودي مع هذا القدر من الضجة السياسية، وردود الفعل والقلق، سواء بسبب الحروب مع الخارج، أو من جرّاء التوترات المتزايدة على الجبهة الداخلية الناجمة عن أسلوبه في تحضير المشهد العام، عشية انتقال العرش إليه من والده، وهو أمر بات وشيكاً، حسب غالبية التقديرات والحسابات.
القاسم المشترك بين حروب محمد بن سلمان في الداخل والخارج، حسب قراءات متعدّدة، أنها ارتجالية وغير مدروسة. وبالتالي سوف تترتب عليها فواتير كبيرة، ونتائج سياسية قد لا تكون في الحسبان، والمثال الماثل أمامنا اليوم هو الحرب في اليمن التي انطلقت أصلاً من أجل مواجهة التمدّد الإيراني في هذا البلد، لكنها بعد أكثر من عامين لم تحقق هدفها، بل تزايد حضور إيران العسكري والسياسي في اليمن، وصار يهدّد السعودية أكثر من السابق، وهذا ما ظهر في صاروخ السبت الماضي الباليستي الذي تم إطلاقه من الأراضي اليمنية، واستهدف مطار الملك خالد في الرياض.
هناك أسباب كثيرة لفشل الحرب ضد الوجود الإيراني في اليمن، لكن السبب الأساسي أنها انحرفت عن هدفها الرئيسي، ومثال ذلك ما حصل في الجنوب على يد الشريك الإماراتي في الحرب الذي تحول إلى طرفٍ بسط نفوذه على الجنوب، وبدأ يركّز وجوده العسكري ضمن خطة لاحتلال الجنوب.
كانت الشرعية اليمنية تعوّل على السعودية في وضع حد للتدخلات الإماراتية في جنوب اليمن، لكن تحالف بن سلمان مع ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، أقوى من مطالبات الشرعية اليمنية التي باتت حبيسة فنادق الرياض، في حين أن قادة القوات الإماراتية هم الذين يقرّرون في الميدان.
يضاف إلى ذلك سوء إدارة السعودية مجريات الحرب، والتعامل مع تداعياتها، وما نتج عنها من مآسٍ على الصعيد الإنساني، حيث باتت الغالبية العظمى من اليمنيين تحت خط الفقر، واستشرت الكوليرا على نحوٍ لم يعرفه اليمن.
وفي خضم التورط في اليمن، هناك مخاوف جدية من حرب إقليمية. وقد شهد هذا الأسبوع تصعيداً خطيراً بعد صاروخ الرياض، وما تبعه من تراشقٍ بالتهديدات، ذات اللغة الحربية بين طهران والرياض، وإذا ما استمر التصعيد في هذا الاتجاه، فإن هناك ساحات أخرى مرشّحة للمواجهة، منها لبنان الذي بات أول المتأثرين، بعد أن قدم رئيس الحكومة، سعد الحريري، استقالته انطلاقاً من الرياض.
وفي الداخل، تتواصل معارك أخرى منذ عدة أشهر، وقد بدأها بن سلمان ضد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم الانقلاب على ولي العهد السابق، محمد بن نايف، وحالياً ضد شريحة واسعة من الأمراء ورجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين السابقين، تحت بند محاربة الفساد. والملاحظ أنه يصفي كل نفوذ لآل سعود، باستثناء أولاد سلمان، وهذا كسرٌ للقاعدة التي اتبعها كل ملوك السعودية، وهي التوافق داخل العائلة المالكة، وتوافق العائلة مع مراكز القوى السعودية في كل مستوياتها الدينية والقبلية والمالية.
المؤكد اليوم أن الاستقرار السعودي بات في الميزان، وما عاشته المملكة من قبل سوف يكون مختلفاً كلياً عن الآتي الذي ربما كان أعظم وأدهى من كل الحسابات، لأن الحرب باتت مفتوحةً على أكثر من جبهة في وقت واحد، الأمر الذي لم تتحضّر له السعودية.
لأول مرة، يترافق وصول المرشح للعرش السعودي مع هذا القدر من الضجة السياسية، وردود الفعل والقلق، سواء بسبب الحروب مع الخارج، أو من جرّاء التوترات المتزايدة على الجبهة الداخلية الناجمة عن أسلوبه في تحضير المشهد العام، عشية انتقال العرش إليه من والده، وهو أمر بات وشيكاً، حسب غالبية التقديرات والحسابات.
القاسم المشترك بين حروب محمد بن سلمان في الداخل والخارج، حسب قراءات متعدّدة، أنها ارتجالية وغير مدروسة. وبالتالي سوف تترتب عليها فواتير كبيرة، ونتائج سياسية قد لا تكون في الحسبان، والمثال الماثل أمامنا اليوم هو الحرب في اليمن التي انطلقت أصلاً من أجل مواجهة التمدّد الإيراني في هذا البلد، لكنها بعد أكثر من عامين لم تحقق هدفها، بل تزايد حضور إيران العسكري والسياسي في اليمن، وصار يهدّد السعودية أكثر من السابق، وهذا ما ظهر في صاروخ السبت الماضي الباليستي الذي تم إطلاقه من الأراضي اليمنية، واستهدف مطار الملك خالد في الرياض.
هناك أسباب كثيرة لفشل الحرب ضد الوجود الإيراني في اليمن، لكن السبب الأساسي أنها انحرفت عن هدفها الرئيسي، ومثال ذلك ما حصل في الجنوب على يد الشريك الإماراتي في الحرب الذي تحول إلى طرفٍ بسط نفوذه على الجنوب، وبدأ يركّز وجوده العسكري ضمن خطة لاحتلال الجنوب.
كانت الشرعية اليمنية تعوّل على السعودية في وضع حد للتدخلات الإماراتية في جنوب اليمن، لكن تحالف بن سلمان مع ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، أقوى من مطالبات الشرعية اليمنية التي باتت حبيسة فنادق الرياض، في حين أن قادة القوات الإماراتية هم الذين يقرّرون في الميدان.
يضاف إلى ذلك سوء إدارة السعودية مجريات الحرب، والتعامل مع تداعياتها، وما نتج عنها من مآسٍ على الصعيد الإنساني، حيث باتت الغالبية العظمى من اليمنيين تحت خط الفقر، واستشرت الكوليرا على نحوٍ لم يعرفه اليمن.
وفي خضم التورط في اليمن، هناك مخاوف جدية من حرب إقليمية. وقد شهد هذا الأسبوع تصعيداً خطيراً بعد صاروخ الرياض، وما تبعه من تراشقٍ بالتهديدات، ذات اللغة الحربية بين طهران والرياض، وإذا ما استمر التصعيد في هذا الاتجاه، فإن هناك ساحات أخرى مرشّحة للمواجهة، منها لبنان الذي بات أول المتأثرين، بعد أن قدم رئيس الحكومة، سعد الحريري، استقالته انطلاقاً من الرياض.
وفي الداخل، تتواصل معارك أخرى منذ عدة أشهر، وقد بدأها بن سلمان ضد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم الانقلاب على ولي العهد السابق، محمد بن نايف، وحالياً ضد شريحة واسعة من الأمراء ورجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين السابقين، تحت بند محاربة الفساد. والملاحظ أنه يصفي كل نفوذ لآل سعود، باستثناء أولاد سلمان، وهذا كسرٌ للقاعدة التي اتبعها كل ملوك السعودية، وهي التوافق داخل العائلة المالكة، وتوافق العائلة مع مراكز القوى السعودية في كل مستوياتها الدينية والقبلية والمالية.
المؤكد اليوم أن الاستقرار السعودي بات في الميزان، وما عاشته المملكة من قبل سوف يكون مختلفاً كلياً عن الآتي الذي ربما كان أعظم وأدهى من كل الحسابات، لأن الحرب باتت مفتوحةً على أكثر من جبهة في وقت واحد، الأمر الذي لم تتحضّر له السعودية.
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
بشير البكر
مقالات أخرى
26 أكتوبر 2024
19 أكتوبر 2024
12 أكتوبر 2024