طبّق الشريعة من فضلك [2/2]

22 أكتوبر 2015

(Getty)

+ الخط -
اتجهنا، أنا ونوري، إلى حي تقسيم. هو يريد أن يلتقي إحدى "بائعات الهوى"، وأنا إلى اللقاء الأسبوعي مع صديقي عبد السلام، المذيع في الفضائية التركية العربية.
ذكّرته بأنّه مديون لي بـ 160 جلدة، لأنه زنا بعاهرتين، فدافع عن نفسه، وعلله بأنّ الموضوع ليس كمياً، يا خال، فالزنا تمّ في زمان ومكان واحد، فعقوبته واحدة. قلت: لم تجلد سوى عشر جلدات، ولي في ذمتك سبعون جلدة لزنية واحدة. وكان لي بذمته ديون كثيرة، إذ إننا عقدنا اتفاقية اقتصادية، هي أن أقوم بتموين البيت، ثم نتحاسب في آخر الشهر. وصلنا إلى تقسيم، فاستبشر عند رؤيته فرق الشرطة المنتظمة في صفوف، والمجهزة بالخوذ والهراوات وخراطيم المياه. قال لي: خال، سيسقط أردوغان خلال شهر، ثم وضع يده على شاربه الحليق. تربص غير بعيد عن فرقة من الشرطة، فسألته عن المتربص به؟ قبل أن أذكر السبب، يجب أن أعد أصابع الإنسان، ووظائفها. وظيفة الإبهام هي الختم والإقرار "والأوكي". الخنصر لإطالة الظفر من أجل الزينة. البنصر من أجل التحلي بخاتم الزواج، أو الخطبة. السبابة من أجل الاتهام أو الشهادة. أما الإصبع الوسطى، أعلى الأصابع كعباً، فهي من أجل الفعل الذي كان نوري يريد القيام به. قال إنّه يريد أن يري أحد هؤلاء الشرطة قيمته، وسعره الحقيقي.
- خير؟ لمَ التحرش بموظفي الحكومة والدولة المضيفة، يا أبا النور؟ نحن ضيوف، عيب.
- دعني، يا خال، أرجوك.. أريد أن أبرّد قلبي.
- السبب؟
- السلطان أردوغان يريد أن يقيم خلافة داعشية في القرن الواحد والعشرين.
فوجئت بأكراد كثيرين نالوا حظهم من السجون والإهانات والظلم في سورية يتحولون إلى حب بشار، وبغض أردوغان، كان نوري منهم، فهو يسمي رئيس سورية "بشاركو"، وهو وصف فيه من التحبب أكثر من التحقير، سألته عن السبب في هذا التحول:
- ولو خال، أنت فهيم، بشاركو منحنا دولة كردستان الغربية (يقصد الإدارة الذاتية) بينما الدكتاتور أردوغان يريد أن يستعيد أمجاد الخلافة التي عفا عليها الزمان. هيهات يا ذا القعدة.
- ذو القعدة؟
- أقصد رجب
كان نوري قد دخل تركيا تهريباً، وينال بعض المساعدات التركية. وفوق هذا، يريد أن يري تركيا قيمتها بإصبعه الوسطى. نعم الوفاااااااااء.
- سيعتقلونك يا ثمالة روحي.
- الحبس للرجال.
اندلعت الهتافات، وجرت مواجهة بالماء في شارع تقسيم، فاشتعل نوري بالحماس، ثم قال: يا للعار.. يرشّهم أردوغان بالماء في هذا الجو البارد؟
مرَّ من أمامنا شرطيان يعتقلان صبية، كانت تهتف للديمقراطية، فقال نوري: جريمة ضد الإنسانية .. "جينوسايد".. "أبارتايد".
رنّ هاتف نوري، فاعتذر مني، وأسرع باتجاه أحد الشوارع الفرعية، ولعل الهاتف أنقذ الشرطة التركية من إصبعه الحادة. اتصل بي، بعد أيام، وقال إنه مضطر إلى العودة إلى "الغربية"، فالوطن بحاجة إليه. وصف لي عنواناً في حارة أوسمان باشا، حتى أقصدها في ساعة الاستراحة وأطلب السيدة أكجا، وأنقدها 200 ليرة، فهو لم يدفع بعد أجرة "الهوى" الذي ذاقه في ليلة "السبايدروومن". قال: خال، قد أُسْتُشْهد.. والشهيد يغفر له كل ذنب إلا الدَين. وقال لي إن أكجا تحترمني، ومعجبة بي، وبعد أن عرفت أنني كاتب عقد لي معها لي معاهدة "سكس بيكو".
صححت: تقصد سايكس بيكو
لا خال، "سكس" بيكو.
شدَّ حيلك خال. ولك مني أحلى ثمانين جلدة.
أحمد عمر
أحمد عمر
أحمد عمر
كائن يظنُّ أن أصله طير، من برج الميزان حسب التقديرات وطلاسم الكفّ ووحل الفنجان.. في بكرة الصبا أوعشية الشباب، انتبه إلى أنّ كفة الميزان مثقوبة، وأنّ فريق شطرنج الحكومة "أصحاب فيل"، وأنّ فريق الشعب أعزل، ولم يكن لديه سوى القلم الذي به أقسم" فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا..."
أحمد عمر