رجالة زي الدهب و ..الحرير

03 يوليو 2014

مرسي رئيساً لمصر في القمة العربية بالدوحة (مارس/2013/فرانس برس)

+ الخط -

"عندنا رجالة زي الدهب"
الجملة الشهيرة التي تستحق أن تكون عنوان فيلم كوميدي، قالها محمد مرسي، أول رئيس منتخب في مصر منذ فجر مولدها، عن طيب نيةٍ، أو مغازلة للعسكر، خداعاً أو توقيفاً لهم في قفص المديح الذهبي. لعله قصد أمراً هو "اطعم الأذن تستح العين"، أو قالها جادّاً، انخداعاً بتقواهم ووطنيتهم وتصريحاتهم. لحظتها؛ التفتت عدسة الكاميرا إلى الفريق عبد الفتاح السيسي، بوضعية القرب "كلوز"، الذي ذاب خجلاً من الإطراء! وقرأنا، في وجهه، سطراً من خجل العذارى، ربما أراد من الأرض أن تنشقّ وتبلعه، فقد كان "الرجل الدهب"، عفواً، " ثاني أوكسيد المنغنيز"، ينوي ويكيد، ويتآمر ليقلب مصر، أم الدنيا، فيجعلها بوركينا فاسو، أو يحولها إلى الإمارة الثامنة من الإمارات العربية! وبدلاً من أن يلحق الطغاة بزين العابدين بن علي، في جدة، ها هي تصدر لنا طغاة، حسب المواصفات القياسية، مكفولين بحصانات دستورية وعربية ودينية وعالمية!
وتبين أن مرسي على حق، وإن كان مقلوباً، فعندنا رجالة تحكي ساعات على التلفزيون، وتحاور وحدها الآنسة الولية "جماهير"، تخطب فيها، وتتحرش بها، وتزمر، وتطبل، وتفتي وتفتن وتنعى، وتستخدم الأسلحة المحرمة وطنياً وإنسانياً ودينياً، مثل التحريض الطائفي على الطائفة "الأم" التي باتت تستحق وصف "الأقلية المصرية"، من حيث القوة والنفوذ، لا من حيث العدد والحساب.

عندنا رجالة زي الدهب جاذبة، ليس للاستثمار والعلوم والعقول، وإنما للرجال بالمعنى "العاطفي" قبل النساء! وهي رجالة -ما شاء الله- كلها شهامة ومروءة،  تغيث النساء الحرائر، فتؤويهم إلى قرار مكين هو المعتقل، فتغتصبهم، أو تتحرش بهم، في حالات أقل نخوة وشهامة، من أجل حضرة وجناب "الأمن القومي" الموقر.
عندنا رجالة شيوخ يتزيون بزي الأزهر المحترم الموقر، يضعون العمامة ويرتدون الجبّة، وقد بات زياً عسكرياً لا أزهرياً، وربما يحدث تبادلٌ في الأزياء بين العسكر والأزهر، فالانقلاب يقلب الأمور كلها. الشيوخ إياهم يرفعون الظُلّام إلى درجة الأنبياء، ويوطئون لهم الملك بالآيات البينات! ويبيحون القتل. ألسنتهم طعانة لعانة فاحشة بذيئة، يحرمون ما أحلّ الله، ويمنعون الصلاة والاتصال مع الله، وكأنه جهة أجنبية! ويحرمون الصلاة على النبي، لأنها "فتنة"، ويمنعون الدعاء على الظالم ليس حرصاً على صحته من سهام الدعاء، فهم لا يؤمنون بالدعاء والإجابة، وإنما خوفاً من الرمز والإشارة. ويخشى أن تعمد الأوقاف إلى تعميم الدعوة في المنابر على... المظلوم!
عندنا رجالة فنانون، ونساء فنانات، نجوم ونجمات، تنازلوا عن الفن وأضوائه وتطوعوا لكتابة الدستور، وكأنه سيناريو أو اسكتش، أو برنامج تلفزيوني، ورجالة تجار عملوا البيضة بجنيه، والدم المصري أقل سعراً، واقترح "أشقاها" "الدية  الشرعية"، اقتل وادفع الدية فوراً.. الدين ممنوع، والرزق على السعودية والإمارات. ثمة أوكازيون على الدم المصري. فاللي تعرف ديته اقتله "كاش".
عندنا رجالة منورون، قلوبهم سوداء، ووجوههم مضاءة، لأنهم لا يغادرون أنوار غرف الاستوديو، عندنا موظفون في الكهرباء عملوا مصر ظلام وظلم، عندنا قضاء رفع بيادة مصر عالياً، ووضع رأسها في.. الطين. عندنا رجالة ترقص في الانتخابات أحسن من نجوى فؤاد وسهير زكي، عندنا سياحة فضائية ناشطة في الظلم، والافتراء، والترويج للعداوة والبغضاء.
عندنا رجالة زي الدهب، قارونات، مليارديرات، ثرواتهم أكبر من الميزانية السنوية، عملوا ثروتهم من جبين "الأمن القومي"، عن بعد، بالريموت كونترول، وإذا مالك الملك وهب، فلا تسألنّ عن السبب، ولا عن الضرائب طبعاً.
عندنا رجالة زي الدهب، تربط من عراقيبها، وكانوا أيام زمان، يناطون بألسنتهم. عندنا أزهريون يحرسون المساجد ويقفلونها من دون أن يذكر فيها اسمه، أو يعبد فيها غير الجنرال المنتخب، جعلوا المسلمين طائفتين، كفاراً ومرتدين.
 عندنا قساوسة مشنشلون بالذهب، يتدخلون في السياسة، بل يعيشون فيها وكأنها صومعة، عملاً بمقلوب قول المسيح: دع ما لله لقيصر، وما للشعب لقيصر!
عندنا ضباط وعساكر بواسل يخافرون في ثغور المعكرونة، وتعليب اللحمة، وصناعة الكفتة، ومزارع الموز والتمر ونوادي الرياضة، وجبهات الثرثرة والقصف واللهو.
عندنا شعراء تحبل نساؤهم بنجم المشير، وكتاب حاصلون على جوائز عالمية يدبجون له الخطب، يرونه في الأحلام وهو يصلي، ويسرى ويعرج به، ويخاطب عبد الناصر في سدرة المنتهى!
 عندنا كوميديانات مضحكون وساخرون، يضحكوننا على أفضل ما فينا، وأحسن من فينا، وعلى ما يجب أن نبكي عليه دماً، ونكتب فيه المراثي!
 رجالة زي الدهب الفالصو، زي الكنز الاستراتيجي، رجالة زي الزفت، الرجالة من مريخ العسكر... والنساء من أرض الكنانة.
رجالة زي "دهب"، ورئيس انقلابي زي "بطوط"، بعد الاقتباس من جون ماكين، ومن مفتي العسكر علي "تعلوب" جمعة الذي كشف عن ذاكرة ميكي ماوس، وليس ذاكرة فقهاء وشيوخ، وعلماء، إنه حقا... مفتي "الدياب" المصرية وديزني لاند: نعم تعني yes، وفلسطين تعني إسرائيل، وتكبير تعني "take beer".
لكن، حقاً وفعلاً: عندنا رجالة زي الدهب، الإبريز، العسجد، الزرياب.. نازحون، أو معتقلون، أو منفيون، أو شهداء بالحق، أو شهداء في دار الحق وذاكرة الخلد.
أحمد عمر
أحمد عمر
أحمد عمر
كائن يظنُّ أن أصله طير، من برج الميزان حسب التقديرات وطلاسم الكفّ ووحل الفنجان.. في بكرة الصبا أوعشية الشباب، انتبه إلى أنّ كفة الميزان مثقوبة، وأنّ فريق شطرنج الحكومة "أصحاب فيل"، وأنّ فريق الشعب أعزل، ولم يكن لديه سوى القلم الذي به أقسم" فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا..."
أحمد عمر