تضامنا مع هالة عاهد

03 يوليو 2023
+ الخط -

قالت المحامية الأردنية، هالة عاهد، في تغريدة لها "بعد الشتم والإخراج من الملة، ربما كان لكل متابع ذي ذمّة وأخلاق الحق أن يعرف لماذا أنا نسوية. أتفهم دوافع أصحاب ردود الفعل المعادية على طروحاتي. لستُ مضطرّة لقبول أو احترام أفكار هؤلاء الذين يجهلون بل وينكرون أن للنساء حقوقا مستلبة، ويعلنون عن ذلك بذكورية صريحة". كان ذلك في سياق ردّها على حملة التشهير والتجريح وخطاب الكراهية العنيف الذي تعرّضت له من إهانات وشخصنة، جرى فيه استخدام أقذع الألفاظ وأكثرها انحطاطا، بذريعة الدفاع عن الأخلاق والدين! وقد وصل الهجوم الأرعن والمبتذل إلى حد التكفير والتهديد واختراق هاتفها ونشر بياناتها الشخصية، والمطالبة بمحاكمتها، ونزع الجنسية الأردنية عنها لمجرّد أنها صاحبة موقف مبدئي منحاز للحق والعدالة. 
مؤكّد أنها تتبنّى آراء ومواقف صادمة بالنسبة لذكوريين من ذوي الفكر المنغلق، المرعوبين من رياح التغيير التي سوف تُنصف المرأة في النهاية، وسوف تهدم منظومتهم الجائرة المتحجّرة الظلامية المباركة لظلم النساء ومصادرة حقّهن في حياة حرّة كريمة عزيزة ندّا للرجل، لها الحقوق نفسها وعليها الواجبات نفسها. هالة عاهد محامية أردنية ناشطة في مجال حقوق الإنسان. فازت بجائزة "فرونت لاين ديفندر" عام 2023 لمدافعي حقوق الإنسان المعرّضين للخطر عن نشاطها الحقوقي. وفي حوار تلفزيوني معها، قالت "طالما هناك تمييز وعنف ضد النساء وإقصاء في سوق العمل والمشاركة السياسية، سوف نواصل الكفاح. نحن نطمح إلى واقعٍ تعيش فيه النساء بحرية ومساواة، وأن يجري العمل على تعديل التشريعات التي تنطوي على تمييز سافر ضد المرأة". 
عملت هالة مع عدّة منظمات حقوقية ونسوية للدفاع عن حقوق المرأة وحقوق العمّال وحرية التعبير والتجمع السلمي. بدأت الحملة الكريهة المشينة البغيضة ضدها على مواقع التواصل، بعد مشاركتها في جلساتٍ دعت إليها منظمة المجتمع المدني. وبدأ الهجوم الاستباقي غير الأخلاقي بعد الإعلان عن دورة تدريبية عن مبادئ النسوية، لأن بعضهم وجد في فكرة الدورة تهديدا لمكانته الرفيعة (سي السيد المُطاع المتسلّط بمباركة مجتمعية)، وكذلك اعتبرها تحمل مفاهيم تغريبية تناقض المجتمع وعاداته وتقاليده وأحكام الدين، وتنطوي على تحدٍّ واعتداء على الثوابت ونيل من قيم الأسرة العربية بحسب ادّعائهم، ما أدّى إلى تعليق عقد الندوة إلى إشعار آخر. وحاولت هالة، على إثر ذلك، إيضاح خصوصية النسوية العربية، وحقيقة اختلافها الجوهري عن النسوية الغربية في مفاهيم  كثيرة، ومدى ارتباطها بحركات التحرّر من الاستعمار والدكتاتوريات. رغم ذلك، ثمّة تواطؤ جمعي تشارك به بعض النساء على شيطنة النسوية العربية. 
ما هي جناية هالة بالضبط، حتى تم تكفيرها والتطاول عليها؟ لم تحرّض لارتكاب العنف، ولم تقترف أي مخالفة قانونية تستوجب العقاب. عبّرت السيدة فقط عن رأيها، وطالبت بتجديد الخطاب الديني، وصرّحت، بكل شجاعة، عن موقفها الذي يعبّر عن جمهور كبير من التقدّميين من قانون الأحوال الشخصية المستمدّ من الأحكام الشرعية وبعض الآراء الفقهية في أحكام الشريعة الإسلامية. كما طالبت بإعادة قراءة النصوص الشرعية بفهم آخر بما يناسب زمننا الحاضر. وكانت قد تحدثت في غير مناسبة بمسائل إجرائية بحتة تحتمل النقاش وإعادة النظر، مثل قضايا الطلاق والحضانة والوصاية على الطفل والنفقة وتزويج القاصرات وغيرها من القضايا المتعلقة بحقوق المرأة. 
قالت هالة إنها امتداد لنساء مناضلات حقوقيات وناشطات كافحن وبذلن أعمارهن في سبيل قضية المرأة وحقّقن إنجازات كبيرة. وأضافت: "يحاولون الآن سحب الشرعية عن نضالي، كوني امرأة مسلمة ترتدي الحجاب". والحقّ أن هالة تشكل خطرا على بعضٍ من ذوي العقول الماضوية، كونها تتحدّث عن معرفة ودراية بأحكام الشريعة وبالنصوص القانونية، وهي سيدة محترمة مشهودٌ لها بحُسن الخلق والانهماك والتفاني والإخلاص في سعيها إلى تحقيق العدالة والمساواة للمرأة  المضطهدة المستلبة المنهوبة حقوقها، وقطع الطريق على من يستغلّ  الخطاب الديني لقهرها.
لكل ما سبق، التضامن مع هالة عاهد مسؤولية أخلاقية ملقاة على عاتق كل صاحب ضمير.

AD06A645-8A0A-4B42-9292-5FC44B5D51C6
بسمة النسور

كاتبة أردنية، تحمل الليسانس في الحقوق، صدر لها ست مجموعات قصصية، وكتبت نصين مسرحيين. تكتب في الصحافة العربية منذ 1990، وتشغل موقع رئيسة تحرير مجلة "تايكي" المتخصصة بالإبداع النسوي.