"ألكسو" تتولى جائزة "كتارا".. لماذا؟

08 نوفمبر 2015
+ الخط -
أعلنت المؤسسة العامة للحي الثقافي "كتارا" في الدوحة أن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "ألكسو" ستشرف على لجان تحكيم جائزة كتارا للرواية العربية في دورتها الثانية، بشكل كامل، بدءاً من فرز المشاركات، وصولاً إلى اعتماد النتائج. ويشتمل هذا الإعلان على مفاجآتٍ تبعث على بعض الاستغراب، أبرزها أنه لا صلة للمنظمة المذكورة، والتي تتبع جامعة الدول العربية، بأي أنشطةٍ تتصل بالرواية العربية، وربما بكل الأدب العربي الحديث، فلم نصادف يوماً أنها اعتنت بشأنٍ كهذا. ولا تفيدك زيارة إلى موقعها الإلكتروني بغير أخبارٍ عن اجتماعات ومشاركات بروتوكولية لها في مؤتمرات موسمية ودورية، وعن وثائق لا تضيء على أي جديد وحيوي في الثقافة العربية الراهنة ومستجدّاتها ونتاجاتها. وفيما يُخبرك الموقع عن انتقال "ألكسو" إلى مقر جديد في العاصمة التونسية، فإنه يخلو من الخبر المتحدّث عنه، هنا، وأعلنه المدير العام لمؤسسة "كتارا"، خالد السليطي، ونشرته الصحف القطرية، وسوّغ فيه إشراف "ألكسو" على الجائزة "لضمان الشفافية والمصداقية الكاملة للجائزة". ونظن أن لتوفر هذين الاستحقاقين وسائل عديدة، ليس شائعاً منها أن تتولى مؤسسة بيروقراطية غير ذات شأن ظاهر وفاعل في الحياة الثقافية العربية المسؤولية عن الجائزة، مع كل الاحترام لمجهوداتٍ تقوم بها "ألكسو" وتبادر إليها في اختصاصات معينة، لم نعرف، يوماً، أن تحكيم نصوصٍ في الرواية العربية كان منها.
يُساق، هنا، ما قد يُحسب "استفهاماً" في هذه السطور عن الدواعي التي أخذت "كتارا" إلى "ألكسو" للإشراف على جائزتها للرواية العربية، صدوراً عن حماسٍ للجائزة، وتقديراً للنيات الصادقة للقائمين على المؤسسة العامة للحي الثقافي في الدوحة للإعلاء من مقروئية الرواية العربية. وفي البال أن الكتاب والمثقفين العرب استقبلوا هذه الجائزة باهتمامٍ وبهجةٍ كبيريْن، باعتبار أنها قد تكون إضافةً نوعيةً في تكريم المنجز الروائي العربي، والإضافات الجمالية والأسلوبية التي يقترحها صنّاعه، لا سيما وأن الجائزة تذهب إلى أعمالٍ منشورة وغير منشورة، وستشتمل بدءاً من دورتها الثانية على فئة الدراسة النقدية. وقد دلّ الإقبال العربي الواسع للتنافس على الجائزة في دورتها الأولى، (711 عملاً) على تطلع عريض إلى نجاح الجائزة، وإلى أن تتحقّق لها مكانة خاصة بين أهم الجوائز التكريمية الشفافة للمبدعين العرب. وقد كتب صاحب هذه الكلمات في "العربي الجديد" تقديراً وثناءً على توجّه مؤسسة "كتارا" في هذا الشأن، غير أنه كتب أيضاً ما اعتبرها مؤاخذاتٍ على آلية التحكيم التي تم الأخذ بها في تعيين الروايات الفائزة (الملحق الثقافي 26 مايو/أيار 2015). وهنا، يأمل أن تتجاوز الدورة الثانية تلك المؤاخذات التي اتفق معه بشأنها نقاد وباحثون شاركوا في عملية التحكيم نفسها، ويأمل أيضاً أن لا يكون في محله تحسُّبُه من عدم نجاح تولي "إلكسو" مسؤولية الإشراف على الجائزة، فرزاً واختيار لجان تحكيم ومصادقة على النتائج، في الدورة الثانية، فالعبرة في النهاية بآلية التحكيم، وبمقادير ما يتوفر فيها من مصداقية وشفافية، واحتكام إلى معايير واضحة، مع وجوب شرط كفاءة المحكّمين وأهليّتهم وخبرتهم.
يقول خالد السليطي إن التوجّه إلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم جاء بالنظر إلى أنها "تمتلك الخبرات والكفاءات العربية الرائدة في مجال الثقافة من تراث وآداب وفنون بشكل عام، وهو ما سينعكس بمزيد من الإيجابية والنجاح على جائزة كتارا". ولا يملك العارف بأداء "ألكسو"، منذ قامت في 1970، غير أن يتمنى هذه الإيجابية التي يرومها مدير عام "كتارا"، وأن تكون هذه المنظمة على هذه الصورة الطيّبة، فالحكم على الأشياء بخواتيمها، ونواتجها، وليس من اللائق أن يضع أحدٌ المسامير في الدولاب، ولا أن يحمل السلم بالعرض. ولعل "ألكسو" تفاجئنا، فتزيح عن أبصارنا صورتَها مؤسسةً خشبيةً بيروقراطية غير ذات نفع واضح، فتنصرف إلى جهدٍ يُدرك أهمية جائزة كتارا للرواية العربية، ويوكل أمور الفرز والتحكيم وضبط النتائج إلى كفاءاتٍ عربيةٍ مؤهلة ومختصة، ونحتفل بجائزة كتارا في دورتها المرتقبة، بتهنئةٍ لازمةٍ وواجبة للفائزين، ولمؤسسة "كتارا"، ... ولمنظمة "ألكسو" أيضاً.
معن البياري
معن البياري
رئيس تحرير "العربي الجديد"، كاتب وصحفي من الأردن، مواليد 1965.