أسئلة أم عجائب عربية؟
كتب وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، رسالته (المسرّبة)، باللغة الفرنسية، إلى رئيس الحكومة ووزاراتها، يُعلمهم بقطع الصلات مع السفارة الألمانية في الرباط. ألا يعدّ هذا تجاوزاً للدستور المغربي الذي ينصّ على أن العربية هي اللغة الرسمية للبلاد؟ ليس أحمد قطّان سفيراً سابقاً للعربية السعودية في القاهرة فقط، بل هو وزيرٌ راهنٌ في حكومة بلاده. وبالتالي، ألا يستدعي تعقيباً حكومياً مصرياً رسمياً قولُه، أخيراً، إن أحمد شفيق هو من نجح في انتخابات الرئاسة المصرية، في عام 2012، وإن تدخلاً من السفيرة الأميركية في القاهرة هو ما صيّر محمد مرسي رئيساً؟ ليس الرقص بالسيوف من فولكلوريات العراق، وبابا الفاتيكان رجل سلام ومحبّة. ولذلك، أليس من بالغ الغباء أن يُستقبل الضيف الكبير في احتفاليةٍ به في بغداد باستعراضِه رجالاً بالسيوف التي لا تُحيل إلى غير العنف والقتال؟ بمناسبة تعديلٍ في الحكومة الأردنية أعلن أمس، أليس محقّاً سؤال الأردنيين، الدائم والمزمن، عن أسباب التعديلات الوزارية التي لا تتوقف في بلدهم، وتعصى على العدّ، من فرط تكرارها، ما إذا كانت تعود إلى مقتضياتٍ وجيهةٍ أو إلى تلزيماتٍ وتنفيعاتٍ وترضياتٍ ومحاصصات؟ عندما تتلقى رئاسة الجمهورية في تونس خمسمائة لقاح صيني هديةً من أبوظبي، ولا تُفصح عنها، إلا بعد نشر خبر عنها في موقع إلكتروني إماراتي، من دون علم رئاسة الحكومة ووزارة الصحة التي لم تصرّح بعد باستخدام اللقاح الصيني، أليس هذا السلوك استخفافاً بالأجراءات المؤسّسية في عمل أي دولةٍ في العالم، ويجب مساءلة الرئيس بشأنه؟ يُعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، حسّان دياب، تلويحَه مهدّداً بالاعتكاف، وسيلة ضغطٍ منه على الطبقة السياسية في بلاده، لتتوافق بشأن تشكيل الحكومة البديلة. كم لبنانياً على قناعةٍ بأن هذا "الاعتكاف"، إن حدث، سيؤثر في شيء؟
إلى أي جنسٍ من الركاكة ينتسب خبر نفي "مصدر" مقرّب من رغد صدام حسين نفيَها نيتها الترشّح في الانتخابات العراقية، ولمنصب رئاسة الوزراء؟ أي شعورٍ يستبدّ بأعضاء وفد المعارضة السورية في جولات مفاوضات اللجنة الدستورية، وهم يتابعون الترتيبات الجارية لانتخابات الرئاسة في سورية، المقرّر انتظامها بعد شهر، بوصفها "استحقاقاً دستورياً"؟ هل هو شطارةً من المخابرات الموريتانية (أو أشباحها؟) أم لعبةٌ منحطّة، ترويج فيديو يُظهر زعيم المعارضة الموريتانية (منصب بالتناوب)، من حزب التجمع الوطني للإصلاح (الإسلامي)، إبراهيم ولد البكاي، في وضعٍ خادشٍ للحياء؟ هل هو صحيحٌ تماماً، أم كلامٌ متزيّدٌ في تجاذبات الحكم والمعارضة في الصومال، قول وزير الإعلام الصومالي، عثمان أبو بكر، إن الإمارات تريد أن تجعل بلاده "مثل ليبيا واليمن وتسعى إلى إثارة الفوضى"؟ هل وصلت إلى الصحافي الكاتب المصري، جمال الجمل، "ضماناتٌ" بأنه لن يُعتقَل إذا عاد إلى القاهرة من إسطنبول، ثم كانت "غدراً" به، فاعتُقل ساعة وصوله؟ قال الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، إن 97% من المواقع الإلكترونية التي بثّت إشاعاتٍ عن وفاته، لمّا أصيب بكورونا، وفي أثناء علاجه في ألمانيا، "كان مصدرها من الدولة الجارة". هل أراد أن نحزر أنها المغرب، وهل النسبة صحيحة؟ تشتدّ المعارك في اليمن، في محور مأرب، وتحاول مليشيات الحوثيين السيطرة على المدينة، وينكتبُ أن سقوطها بيد هؤلاء سيكون ضربةً قويةً للحكومة اليمنية وللعربية السعودية. هل هذا ما تنتظره إدارة الرئيس الأميركي، بايدن، لتبدأ تحرّكاً فعلياً باتجاه إنهاء الحرب في اليمن، وإلزام الرياض بما تريده منها؟ ما هو الخبر الأكثر أهميةً، أن وزارة المالية في البحرين تتوقع عجزاً في ميزانية 2021 مقداره 3.20 مليارات دولار، أم أن إدارة الرئيس ترامب باعت هذا البلد أسلحة بـ8,5 مليارات دولار، أم أن 15 منظمة حقوقية طالبت وزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكن، بالعمل على معالجة "التدهور الخطير في حقوق الإنسان" هناك؟ هل يتزيّد أحدُنا لو أكّد أن محمود عباس سيفوز في انتخابات الرئاسة الفلسطينية في الصيف المقبل؟
... تتراكم وقائع الرثاثة في مشاهد الحال العربي، من المنامة إلى نواكشوط، ويحتار المعلّق في الصحافة في أيٍّ منها أدعى إلى القول فيه، فوفرتها وفداحة هبوط السياسة فيها تدفعان إلى الضجر، ومحاولة التسرية عن النفس بأسئلةٍ كما التي أعلاه.