مهرجان "البرزخ" في طنجة: ورشة فنية بين قارّتين وعالمين

30 اغسطس 2015
جانب من المهرجان (العربي الجديد)
+ الخط -
"أردنا أن نضع آلية للتفكير في التعبير عن المدن الحدودية وخصوصيتها الثقافية، وثقافات العالم أجمع. وقد توخينا أن ننقل المداولات فيما بينها، متجاوزين الحدود وأزمتها التي نعاني منها يومياً. وسعينا أن ندفع الفكرة إلى الأمام من ناحية أنثربولوجية، لذلك كان الليمبو أو البرزخ، وهي فكرة عقلانية جمعت الفنانين في طنجة لفترة قصيرة، وكلّ أبدع بطريقته بحسب فهمه للبرزخ"، هكذا لخّص صاحب المشروع جورج بجايلة مضمون المهرجان وهدفه في حديث لـ"العربي الجديد".


وبرأيه "يحتاج الفنانون اليوم للعمل بميثولوجية مثل ميثولوجية طنجة، لكن في مشهد إبداعي جديد. وهذا المهرجان كان فسحة لفنانين عديدين غير مرئيين، في حين كانت طنجة مزاراً لفنانين عالميين في فترة من الفترات".

اقرأ أيضاً: ليلة روحانية تختتم مهرجان طنجة للمديح

وتابع: "لقد منحنا الفنانين الأدوات نفسها، لكن لكلّ طريقته في فهم معنى البرزخ في طنجة التي تقابلها إسبانيا، المكان الذي يحيّرك، فكأنّك تعيش هنا وهناك، في طنجة أو إسبانيا، عالم إسلامي أو مسيحي. وإن اختلقت هذه الأفكار فهي غير موجودة، إنّما هي صناديق لنرى من خلالها العالم، وقد ارتأينا من خلال المهرجان أنّه يمكننا أن نهدم هذه الصناديق أو نعيد تشكيلها بطرق مختلفة".


ولتجسيد مفهوم البرزخ عرض الفنانون لوحاتهم وأفلامهم ورسوماتهم، ورقصهم وشعرهم، كلّ له أداته وتصوّره الخاص. مثلا المصور الفوتوغرافي هشام بوزيد عرض لوحتين فوتوغرافيتين بطول متر ونصف المتر تقريباً، تناول فيها إشكالية المهاجرين الأفارقة في طنجة.

يقول بوزيد في حديث لـ"العربي الجديد": "انضممت إلى مشروع الليمبو الفني لأعالج قضية المهاجرين الأفارقة. بحثت عما هو أبعد من الدين والقرآن، فمعنى البرزخ يحمل معاني عدّة بلغات مختلفة، لكنها تجتمع في نقطة "ما بين"، وهو ما أحالني إلى كينونة المهاجر الأفريقي الذي يعيش بجسده فقط بطنجة، وهي مساحة قاسية ومسطحة بالنسبة له، لكنّها تبقى مساحة للسفر".

اقرأ أيضاً: حكايات طنجة بين شكسبير واليهود والحشيش والمسيحيين والأفارقة

بوزيد الذي اشتغل على الصورة الفوتوغرافية بدلاً من الفيلم قال: "الصور تعطينا إحساساً برزخياً، وتوصلنا إلى الفكرة العالقة بين جانبين". أما الفنان البصري بلال التوزاني، الذي جمعه بالكاتبة الفرنسية مايدوف مشروع "آنستيلاشن" على هيئة قبر، و"فيديو آرت" يصوّر امرأة تلبس الأبيض وترمي باقة ورد على البحر، يقول إنّه يستوحي فكرة البرزخ من موقع طنجة الجغرافي: "تعطينا المدينة طابعاً أنّ لها عالمين، لا نعرف أين نذهب".

وأضافت مايدوف عن الفيديو آرت أنّه "يتحدّث عن زواج امرأة لم يتحقّق وهي تلبس الأبيض وتعيش في المتوسّط، بينما في المغرب يدلّل الأبيض على الموت. الأمر يتعلّق بالخيارات، إما أن نختار الحياة أو الموت، ويعتمد ذلك على الطريقة التي نرى بها الحياة، وهنا في طنجة يوجد جانبان يظهران الحياة".

البرزخ بالنسبة للفنانتين زينب بنجلون وليلى حدو كان مختلفاً، ذهبتا فيه إلى الشارع وهناك تساءلتا، مع الناس، رجالاً ونساءً، حول ثيمة "الليمبو"، ليعدنَ ويرسمنَ ويكتبنَ كلّ ما جئن به من الميدان، بحيث يتاح لكلّ زائر للمهرجان أن يكون كتابه الخاصّ من إجابات الناس حول البرزخ.

اقرأ أيضاً: طنجة التي لا تتوقّف عن إبهارك

تقول بنجلون: "حاولنا خلق توازن بين الكلمات والرسم لتشكيل مفهوم جديد حول البرزخ في مدينة تقع بين قارّتين. مدينة رمزية"، بينما أشارت حدو إلى أنّ البحث عن البرزخ "هو عمل غير منتهٍ"، قائلة: "لقد وجدنا بالفعل أنّ البرزخ لدى أغلب الناس الكبار تتشكل عبر الدين".

أما الشعر فكان يرفل برقص معاصر قدّمه فنان إسباني. وقصيدة "الهنا والهناك" قال منها حسني المخلص من ديوانه "الشمس تتحرك": "كنّا نسبح الهنا.. حين انتشله الهناك، تركت جسدي مع القطيع .. وصرخت يا الله مبدع الهنا والهناك، يا مارج البحرين، ثمة حبيبان لا يلتقيان، بينهما برزخ".

لن يتوقّف "البرزخ" في "بوردر" طنجة. فبعد ثلاثة أيام من العرض نُظّم جزء في مكتبة "دي كولون" في المركز اللغوي الأميركي.. وهو سيتجاوز الحدود وينتقل إلى عوالم جديدة في مدن جديدة مثل فاس، ومراكش، والرباط وأخرى خارج المغرب، لعلّ الفنّ بحريته المعهودة يبقى متجاوزا لكافة الـ"بوردرز".

اقرأ أيضاً: ضريح ابن بطوطة..أثر ضائع في أزقة طنجة

المساهمون