الطائرات الورقية تحلّق بأطفال غزة بعيداً عن الحصار

23 يوليو 2015
متنفس للهروب من الحصار (الأناضول)
+ الخط -
في سماء قطاع غزة، المحاصر إسرائيلياً منذ عام 2007، ترتفع عشرات الطائرات الورقية متعددة الأشكال والألوان، في مشهد أشبه بلوحة فنية، يتنافس الأطفال والفتية في كل صيف على تشكيلها.

وفوق صخرة بالقرب من شاطئ بحر غزة، يقف الطفل مهند حبوش (11 عاماً)، ممسكاً بطائرة ورقية على شكل نجمة سداسية، حملت اللونين، الأصفر والأزرق. وكلما ارتفعت الطائرة الورقية إلى الأعلى، بفعل الهواء الشديد، شعر حبوش بـسعادة غامرة. يضيف بمرح: "بدي (أريدها) إياها تطير، وتصل لأبعد مدى، كل حياتنا حصار ومعابر مغلقة".

ويرافق حبوش عدد من أقاربه الذين يتنافسون على إطلاق الطائرات الورقية، والتسابق في مسافات ارتفاعها وبلوغها عنان السماء. ولأن وسائل الترفيه التقليدية تغيب في ظل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، يرى حبوش أن الطائرات الورقية تشكل لصغار وفتية غزة متنفساً حقيقياً للهروب من الحصار.

وتقول سوسن نعيم (36 عاماً)، وهي أم لأربعة أطفال، إن صغارها يطالبون يومياً بالذهاب إلى شاطئ البحر، لشراء الطائرات الورقية، واللعب بها. وتضيف: "في الإجازة الصيفية، الطائرات الورقية لا تفارقهم، ويشعرون بسرور كبير، وهم يمسكون بخيوطها".

ويتحول شاطئ بحر غزة، في فصل الصيف، إلى ما يشبه "مهرجان للألوان"، جراء تحليق المئات من الطائرات الورقية، التي تأخذ أشكالا وألوانا عدة، منها العلم الفلسطيني، والرسوم الكرتونية، ونجمات خماسية وسداسية الشكل.

ويعدّ شاطئ غزة الذي يبلغ طول ساحله 40 كيلو مترا، المتنفس الوحيد لأكثر من 1.8 مليون فلسطيني. وفي حي الشجاعية، شرقي مدينة غزة، وبالقرب من المنازل المدمرة بفعل الحرب الإسرائيلية الأخيرة، يركض 5 أطفال خلف طائرات ورقية حلقت عالياً في السماء، وتشابكت بعض خيوطها.

يقول أحدهم، ويدعى مؤنس أبو عسكر (12 عاماً) للأناضول، إنه يشعر بالفخر لأن طائرته الورقية حلّقت بعيداً وتجاوزت طائرات أصدقائه الآخرين. ويضيف: "في عصر كل يوم أذهب برفقة أصدقائي للعب بالطائرات الورقية، نقوم بصناعتها عن طريق الورق الملون المقوى، والخيوط وخشب النخيل، ونفرح كثيراً برؤيتها وهي تطير عالياً".

وإن كانت الطائرات الورقية قد شكلت لكثير من الأطفال متنفساً للهرب من الحصار، فإنها بالنسبة لسعدي النبيه (45 عاماً) العاطل من العمل، تشكل مصدراً للرزق. ويقول النبيه، إنّه يقوم بصناعة الطائرات الورقية من أجل بيعها بعد جلب أدواتها التي يعتبرها غير مكلفة. ويضيف: "لا أحتاج سوى إلى ورق مقوى ملون، وخيوط، وأخشاب رفيعة خاصة، لأبدأ بصناعة الطائرات التي تأخذ أشكالاً للعلم الفلسطيني، أو الرسوم المحببة للأطفال، أقوم ببيعها على شاطئ البحر بما يعادل دولارا إلى دولار ونصف الدولار".

ومن وراء بيع الطائرات الورقية يستطيع النبيه أن يوفر لعائلته المكونة من سبعة أبناء لقمة العيش، ويجني وفق قوله يومياً من وراء هذه الطائرات ما يعادل 20 دولاراً أميركياً. وفي ظل إقبال الأطفال والفتية على شراء واقتناء الطائرات الورقية، بدأت محال مخصصة لصناعتها وبيعها في الانتشار في قطاع غزة، وتأخذ أشكالاً وأحجاماً متعددة. أنور سمعان (30 عاماً) قام بفتح محل لصناعة وبيع الطائرات الورقية، ويقول: "هواية الصغار في الصيف مصدر رزق لنا في ظل البطالة والحصار".



اقرأ أيضاً: لا شيء فوقَ ضحكات الأطفال
المساهمون