هل سقطت أسطورة "تحرر" النساء الكرديات؟

21 مايو 2015
من أطلق النار عليها؟ (صحيفة حريات)
+ الخط -
من أراد قتل المغنية التركية الشابة موتلو كايا؟ لا يزال تحديد المجرم الذي أطلق النار على رأسها في يد السلطات التركية المختصة، لكنّ قصة موتلو أعادت فتح ملف العنف المتزايد ضد النساء في تركيا في السنتين الأخيرتين.
مطلع الشهر الحالي وجدت مغنية تركية شهيرة، ديغير دنيس، مقتولة في منزلها، وها هي موتلو تدفع ثمن مشاركتها في برنامج "مواهب" تلفزيوني، هو النسخة التركية من AMERICA'S GOT TALENT. إذ بعد إطلالتها الأولى في البرنامج، وبينما كانت في منزلها في منطقة دياربكر، تتمرّن على الغناء، دخل مجهول حديقة المنزل وأطلق النار من النافذة مباشرة على رأسها.

إقرأ أيضاً: رصاصة في رأس التركية كايا... والسبب: الغناء

موتلو لم تمت، بل ترقد حالياً في المستشفى في حالة حرجة، في وقت تحوم الشبهات حول حبيبها السابق، الذي اعترف بأنه عارض بشدة مشاركتها في البرنامج، رغم دعم أهلها وإصرارهم على وصولها إلى النجومية. إلا أن الشاب نفى أن يكون هو من يقف خلف الجريمة. وكانت المغنية الشابة قد تقدمت بشكوى ضدّه، قبل أربعة أشهر، بسبب ما قالت، إنها تهديداته المستمرة بإيذائها في حال مشاركتها في البرنامج، ورفضه أن تدخل عالم الفن والغناء. كما أنها أبلغت فريق البرنامج التركي أن أقرباء والدها المحافظين هددوها أكثر من مرة، إن لم تبتعد عن الفن، وإن ظهرت في البرنامج، وقالت لهم بشكل واضح: "أنا خائفة". وتبيّن سريعاً أن مخاوف كايا في مكانها، وأنها كادت تدفع حياتها مقابل دخولها الخطوة الأولى من عالم الفنّ.
وبعد الحادثة دقت فنانات تركيات ناقوس الخطر، بسبب تراجع الحريات التي تتمتع بها النساء في البلاد، وتعرّضهن لمضايقات متزايدة. ويأتي ذلك، في وقت تكشف الأرقام أن أكثر من 300 سيّدة تركية قتلن العام الماضي، نتيجة أعمال عنف جندرية وعائلية. أما في عام 2013، أظهر استطلاع للرأي أن 34 في المئة من الرجال الأتراك يجدون أن العنف الأسري ضروري من وقت لآخر، فيما 28 في المئة من الرجال يجدون في ضرب المرأة وسيلة مقبولة لتأديب النساء.

إقرأ أيضاً: تركيات يلجأن إلى العنف في مواجهة الانتهاكات

جريمة موتلو كايا أثارت ردود فعل إعلامية وحقوقية وفنية كثيرة حول العالم. كما انتشرت قصتها بشكل سريع على مواقع التواصل الاجتماعي. فهل الجريمة هي بالفعل "جريمة شرف" للحفاظ على تقاليد منقطة دياربكر، التي يرفض القسم الأكبر من المجتمع فيها خروج المرأة عن الدور الاجتماعي التقليدي فيها؟
سؤال يطرح في وقت احتلت النساء الكرديات الصفحات الأولى للصفح خلال معارك عين العرب في سورية في مواجهة "داعش". يومها اعتبرت النساء الكرديات مثالاً لتحرّر المرأة. فقرأنا تقارير عن حياتهن، وعن نضالهن وعن مساواتهن مع الرجل. لكنّ حادثة كايا، تكشف وجهاً آخر لهذه الحياة. وجه يدعم المرأة سياسياً وعسكرياً، وفي موازاة ذلك تماماً، يرفض تخطي بعض التابوهات، والمحرمات الاجتماعية. وهذه هي حال كايا. وحال غيرها من النساء اللواتي سقطن نتيجة لما يعرف بـ"جرائم الشرف". الجرائم التي تعززها النساء اللواتي يسطع نجمهنّ سريعاً في مجالات لا تزال تعتبر "حراماً" على المرأة. وتزداد "جرائم الشرف" في المناطق الأكثر فقراً، حيث تسير الاوضاع الاقتصادية جنباً إلى جنب مع نمط حياة محافظ.
وأعادت الجريمة طرح ملف السياسات الحكومية التركية تجاه العنف ضد المراة، فيما استعاد ناشطون تصريحات مسؤولين أتراك رفضوا فيها اعتبار المرأة والرجل مواطنين متساويين. وهي التصريحات التي في رأي قسم كبير من الناشطين، ساهمت في رفع وتيرة الجرائم التي ترتكب ضد النساء، من دون أن يلقى المجرم العقوبة القانونية الرادعة.


المساهمون