سماء لندن ملبدة بالطائرات

26 ابريل 2015
وصل عدد المسافرين في العام الماضي إلى 70 مليوناً(Getty)
+ الخط -

بينما كنت أرقب الطريق المؤدي من وسط لندن إلى مطار هيثرو، وأحاول الهرب بذهني من زحمة السيارات المكدسة على جانبي الطريق، لفتني ما هو أكثر إثارة من زحمة السيارات، عندما رأيت سرباً من الطائرات تتوالى تباعا على طول الممر الجوي المؤدي من شرق لندن الى مدرج الهبوط في مطار هيثرو.

في أعالي السماء أستطعت أن ألمح عشرات الطائرات التي تحوم في سماء مدينة لندن في جولات متتابعة بانتظار تلقي إشارة الهبوط من برج المراقبة. طائرات من مختلف الألوان والأحجام تهبط تباعاً، بينما تقلع من الجهة الغربية مئات الطائرات المتجهة إلى كل أصقاع الأرض من أستراليا إلى الولايات المتحدة ومن السويد إلى جنوب أفريقيا.

هذا المشهد المثير للاهتمام في سماء لندن قادني الى مطار هيثرو، وعلى خلاف المرات السابقة، لم أحمل معي حقائب أو جواز سفر، بل كنت محملاً بالفضول، والكثير من الأسئلة التي قد تكشف معرفة أجوبتها، عن جوانب مثيرة في هذا المطار الذي تهبط على مدرجيه أو تقلع منهما 1920 رحلة يومياً، بمعدل طائرة تقلع أو تهبط كل 45 ثانية.

من حيث العمر الزمني يمكن اعتبار مطار هيثرو حديث العهد، إذ إنه بني في العام 1946، وكان آنذاك يربط لندن بـ 18 محطة وكانت طاقته القصوى لا تتجاوز استقبال عدة طائرات تقوم بـ9000 رحلة سنويا.

وخلال ستين سنة تمدد مطار هيثرو في مساحته وشهد نشاطه نمواً غير عادي، ما استدعى بناء صالة خامسة الى جانب الصالات الأربع التي شيدت في فترات متفاوتة، وتخوض هيئة الطيران البريطانية حاليا معركة قاسية مع الحكومة ومنظمات حماية البيئة وسكان الأحياء المجاورة للمطار، من أجل بناء مدرج ثالث، أو مد طول المدرجين الحاليين لاستخدام كل منهما لهبوط الطائرات وإقلاعها في الوقت نفسه، بحيث يصبح المطار قادراً على خدمة الأعداد المتزايدة من المسافرين الذين وصل عددهم في العام الماضي الى 70 مليون مسافر.


مطار أم مطعم
تصل مساحة المطار الى 12 كلم مربع، تشغل المحلات التجارية (340 محلاً) حوالي 52 الف متر مربع من إجمال مساحة صالات الاستقبال والمغادرة الخمس، وهي تتنوع بين محلات تجارية ومطاعم ومكاتب خدمات. ولا تتهاون السلطات البريطانية عندما يتعلق الأمن بسلامة المسافرين وأكثر من 76 الف موظف يعملون بالمطار، لذلك وضعت 6500 كاميرا لمراقبة جميع مرافق المطار ومحيطه.

اقرأ أيضا:عين لندن.. رحلة بين الغيوم

ومن أطرف ما يذكر في هذا السياق، أن مطاعم ومقاهي هيثرو تبيع أكثر من 26 ألف كوب شاي، و35 ألف فنجان قهوة يومياً، وحوالي 5 ملايين بيضة و 974 طناً من شرائح البطاطا المقلية سنوياً. في متاجر هيثرو تجد كل ما يمكن أن يحتاجه المسافر من ملابس وعطور وأدوية وهدايا، ويمكن للمسافرين شراء أرقى الماركات العالمية من فروع محلات ومتاجر مثل "نيكست" و"ماركس اند سبنسر" و"هارودز" وغيرها. كما هناك محلات لبيع الكتب والمجلات، ويقدر عدد السلع والمنتجات التي تباع في متاجر مطار هيثرو بحوالي 17 الف سلعة ومنتج، ما يجعل مداخيل هيثرو السنوية تصل الى 2.3 مليار جنيه استرليني موزعة بين الخدمات الجوية والأرضية.


الزحمة واللخمة
بمجرد دخولك الى قاعات الوصول أو المغادرة، يشدك صوت التحذير القادم من مكتب الإرشادات "لا تنسَ أمتعتك، لا تحمل أمتعة الآخرين، بلغ الشرطة عن أي أمتعة متروكة"، ومع كل هذه الإرشادات يكثر الضياع أوالتضييع الذي يسجل يوميا في مطارهيثرو، ولا يعرف بالضبط من هو المسؤول الحقيقي عن فقدان مئات الحقائب والأمتعة، هل هي كمية الكحول التي تقدم للمسافرين يومياً؟ أم أنها زحمة المسافرين؟ أم هم قناصو الفرص من اللصوص الذين يقيمون في هيثرو بانتظار الإيقاع بمسافر تائه أو اصطياد حقيبة ضالة.

يتلقى مكتب الأمتعة في مطارهيثرو يومياً مئات الشكاوى، إذ يبلغ المسافرون عن حوالي 250 حالة فقدان للأمتعة يوميا، أو عن فقدان حوالي 30 هاتفاً جوالاً يومياً. وقد تبدو هذه الأرقام بسيطة، عندما نعلم أن أحزمة نقل الحقائب في هيثرو تنقل حوالي 200 ألف حقيبة ومتاع يومياً.

ويقول مسؤول في مطار هيثرو: "من أغرب الأشياء التي عثر عليها في هذا المطار، حقيبة مليئة بالسمك الميت، قدم صناعية، ومقدمة سيارة فورد. ومن أغلى الأشياء التي فقدت ولكن - لحسن حظ صاحبها - تم العثور عليها، حقيبة تحتوي على جهاز كمبيوتر شخصي وأكسسوارات ذهبية بقيمة 37 ألف جنيه استرليني".

اقرأ أيضا:ناظم زهاوي في البرلمان البريطاني
المساهمون