حمقى إبريل

01 ابريل 2015
أفكار متنوعة للمقالب (Getty)
+ الخط -
ما نعرفه بكذبة الأوّل من نيسان/إبريل، يُعرف إنكليزياً بـ April fools، أي حمقى أو مغفّلي إبريل، إذ تحتفل به المملكة المتحدة عبر تحضير المقالب الظريفة للأصدقاء، وإيقاعهم في فخّ مبتكر، فإذا ما انطلى الأمر عليهم، عرفوا بـ "حمقى إبريل".

وفي إيرلندا يرتبط اليوم بـ"الرسالة السرّية" التي طلب شخص ما من صديقه إيصالها إلى شخص ثالث، وحين فعل وقرأ المرسل إليه الرسالة يعيد إغلاقها، ويطلب من الرسول إرسالها إلى شخص رابع، وهكذا دواليك، فتبين في النهاية أن الجملة الوحيدة المكتوبة في الرسالة هي التالية: "أرسل الأحمق أبعد". وقد تابع الايرلنديون إيقاع أصدقائهم في الخدعة، حتى لم تعد تنطلي على أحد، فصاروا يلعبونها على سبيل الترفيه واستعادة لتقليد تراثي.

وفي فرنساً يعرف الأول من إبريل بـ poisson d'Avril، أي "سمكة إبريل"، وتقتضي خدعة هذا اليوم بصنع سمكة من الورق المقوّى، ولصقها على ظهر أحدهم من دون أن يشعر، فإذا مشى بين أصدقائه، ضحكوا من غفلته، وسمّوه "سمكة إبريل".

وفي بولندا تخصّص المناسبة لإطلاق النكات الجديدة واختيار أفضلها، كما كانت تحظر أي أعمال جدّية، فيتوقف أهل البلاد عن العمل، في عطلة رسمية وشعبية، كما يحظر أي نشاط اجتماعي مثل خطوبة أو زواج، كون هذا اليوم مخصصاً للمزاح فقط.

وبالعودة إلى جذور هذا التقليد الاجتماعي، لا نعثر على حكاية واحدة، إلا أنّ المراجع التاريخية تثبت أن الرومان احتفلوا بيوم الحمقى في الربيع، عبر مهرجان هيلاريا، تبعتهم شعوب أخرى مثل الهنود والمتوسطيين...

أما الرواية الأكثر شيوعاً، فهي العائدة إلى أواسط القرن السابع عشر، حين اعتمد التقويم الغريغوري الأول من يناير/كانون الثاني بداية للعام، بدلاً من أوّل إبريل، وقد ثابر كثيرون على الاحتفال في هذا اليوم كأول أيام السنة "الكاذبة"، وكعيد كاذب لرأس السنة، ومن هنا ارتبطت المناسبة بالكذب.

في بلادنا العربية تنحصر هذه المناسبة بعبارة عريضة هي "الكذب". أما المقالب المضحكة، التي درج الإعلام العربي على تخصيص برامج لها، مثل "الكاميرا الخفية" وأشباهها من البرامج، فقد استنفدت نفسها ونضب خيال معدّيها، حتى لم تعد جاذبة للجمهور، فتمّ حصرها ببرنامج او اثنين في شهر رمضان، وتمّ ربطها مؤخراً بمقالب تهدد حياة الضحية وتثير رهابه وجنونه، كما أثارت الدعاوى القضائية بين الضحية والمعدّ.

صحيح أنّ أي نوع من الكذب والمقالب لم يعد جديداً وملفتاً اليوم، وصحيح أن الكذب اليومي الذي نغرق في محيطه يجعلنا لا نشتاق إلى المزيد من الأكاذيب، إلا أنّ العودة إلى جذور هذه المناسبة القديمة، قد يكون ملهماً لمن يبحث عن فسحة مرح، كي يبتكر لعبة طريفة تثير الفرح والدهشة السعيدة لمن يراهم بحاجة اليها، لنرجع إلى الطرق العجيبة التي احتفلت فيها الشعوب الغابرة بأول أيام إبريل، شهر الربيع والطبيعة والهواء الطلق، وأن ننافسهم في ابتكار ألعاب أكثر تسلية وطرافة من ألعابهم، لا أن نغلبهم ببراعتنا في الكذب، فهذا أمر لا جدال فيه، وهذا هو الحمق بعينه.
المساهمون