"Miss USA 2014": تاج الجمال والحزام الأسود

09 يونيو 2014
سانشيز إثر فوزها بلقب MISS USA أمس (ستايسي ريفيريه/Getty)
+ الخط -

توّجت "ميس نيفادا"، نيا سانشيز، على عرش جمال الولايات المتحدة الأميركية أمس، في احتفال ضخم أقيم في قاعة "باتون روج" في لوزيانا الأميركية، لتحمل لقب "ميس يو أس أي" لعام 2014.

ولدت سانشيز، عام 1990 في كاليفورنيا، لأمّ ألمانية وأب مكسيكي، وانتقلت وهي في السادسة من العمر إلى نيفادا، واستقرّت فيها، ونالت لقب "ميس نيفادا" 2014، وأصبحت بعد شهور من هذا أوّل "ميس نيفادا" تحمل لقب "ميس يو أس أي".
سانشيز، هي رابع ملكة جمال أميركية من أصول لاتينية، بعد لورا هارينغ عام 1985، لينيت كول 2000، سوزي كاستيللو عام 2003.
وبعيداً عن ميزات الجمال اللاتيني المهجّن، والذي باتت الولايات المتحدة تبالغ في التفاخر به مؤخراً، وتصدّره كجزء من تنوّعها وتعدّديتها وثروتها البشرية، كما تفعل مثلاً مع أيقونتها الشهيرة، جينيفر لوبيز، فإنّ الشقّ اللافت في سيرة الجميلة سانشيز، يتعلّق بقضائها فترة من طفولتها في مأوى يُعنى بضحايا العنف المنزلي والتحرش الجنسي، وذلك إثر طلاق والديها وهي بعدُ في السابعة من العمر، فعانت من مخلفات التفكّك الأسري وعدم الاستقرار.

سؤال لجنة التحكيم الأخير، الذي يختبر ذكاء المتباريات وطرقهن في التعبير عن أفكارهن، أتى في صميم مأساة عاشتها الشابة في طفولتها، إذ سألها المحكّم عن معنى ارتفاع معدّل العنف الجنسي تجاه النساء اللواتي لم يحظين بتحصيل علمي جيّد، في تلميح للعلاقة بين العنف من جهة وتعلّم المرأة من جهة ثانية، وقد أجابت سانشيز، بحكمة مستقاة من تجربتها الشخصية، حين قالت في هدوء وتماسك: إنه بغضّ النظر عن مستوى التعليم، يجب أن تكون المرأة قادرة على الدفاع الجسدي عن نفسها، وقد سبق أن ترجمت سانشيز، إيمانها هذا باحتراف التايكوندو، وهي تحمل الحزام الأسود في هذه الرياضة القتالية.
تعطي لجنة التحكيم علامات عن إجابات المتباريات، وعلى مقاييس جمالهن، مثل الطول والخصر والوزن... ويعتبر السؤال الأخير الفيصل في المسابقة، ونادراً ما تنال متبارية علامة كاملة عليه، وإن لم تنلها سانشيز، إلا أنّها حقّقت معدلاً مرتفعاً أهّلها للفوز باللقب.

بين سؤال المحكّم وإجابة المتبارية وسيرتها وتجربتها، قد يلفتنا أن نعود إلى النسخ العربية من هذه المباريات، التي نسمّيها عربياً، مسابقة "ملكة الجمال"، وهو لقب لا يستعمله الغرب، مخترع هذه المنافسة، وذلك على الأرجح لولعنا الشرقي بالألقاب الملوكية والعروش والتيجان. وقد نتوقّف عند الاسم الرسمي الأصلي لهذه المسابقة "ميس كندا" أو "ميس فرانس"... أي "آنسة كندا" أو "آنسة فرنسا"، ما يعني أن الفائزة باللقب تجسّد شابات بلادها، وتحكي باسمهن، وتهتمّ بقضاياهن، وهي إثر حصولها على اللقب تعلن برنامج عمل لعام، تتبنّى فيه قضايا بيئية وإنسانية تعني مجتمعها. من هنا تأتي سانشيز، بغضّ النظر عن تفوّق مزاياها الجسدية الجمالية على منافساتها، تأتي مستحقّة للقلب، تنطق باسم ملايين الشابات الأمريكيات اللواتي عانين التفكّك الأسري وتعرّضن لعنف جنسي، واللواتي هن ثمرة هجينة لثقافتين وعرقين مختلفين، كما تقدّم رؤيتها الخاصة للدفاع عن نفسها، وهي احتراف الرياضات القتالية أو الدفاعية، إذاً هي تدرك الخطر الذي يتهدد بنات جيلها وتملك رؤية الحلّ، من وحي تجربة شخصية تمنحها المصداقية والجدّية.

الجمال ليس حصانة للمرأة، بل أحياناً كثيرة يكون نقطة ضعف، تحديداً حين تكتفي به وتهمل قواها وقدراتها الأخرى، ثم يجب على مثل هذه المسابقات أن تأخذ المتباريات على محمل الجدّ وليس الشكل، أن تدرك من أي خلفية يأتين وأي ماضٍ يلاحقهن وأي حاضر صنعن لأنفسهن... ثم ما الضير من جمع التاج مع الحزام الأسود؟
نيا سانشيز إجابة بعلامة كاملة.

المساهمون