هذا التلاعب الكبير بالألفاظ والمصطلحات مردود عليه بسهولة، إذ إن ما يحكم المشهد الإعلامي والسياسي في مصر حالة الطوارئ، وقانون الإرهاب، باعتبارها المظلة الكبرى التي تندرج تحتها كافة القضايا السياسية في مصر خلال السنوات الماضية، والتي أدت للزج بأكثر من 70 صحافيًا وإعلاميًا في السجون بنهاية عام 2019، وفقًا لآخر حصر صادر عن المرصد العربي لحرية الإعلام (منظمة مجتمع مدني مصرية).
بل أبعد من هذا، إذ قال رئيس المجلس الأعلى للإعلام، مكرم محمد أحمد، في تصريحات صحافية على هامش إصدار التقرير السنوي، إن "الإعلاميين يتمتعون بالحرية والاستقلالية والحماية في أداء عملهم ويفتخر المجلس بأنه جنب الإعلاميين والصحافيين مغبة الوقوف في ساحات المحاكم من خلال اللوائح والإجراءات التي طبقها".
ورأى المجلس أن حرية الرأي والتعبير "مكفولة للمصريين عبر وسائل الإعلام المختلفة وذلك طبقاً للمعايير الإعلامية العالمية من خلال مئات المقالات اليومية بالصحف الورقية القومية والخاصة والإلكترونية وفي الشاشات والإذاعات ومن خلال 101 مليون حساب على موقع التواصل الاجتماعي".
وأكد التقرير أن الرأي الآخر يمثل مساحات في الصحف المعارضة والخاصة وفي الصحف القومية بدرجات مختلفة، كما أن رموز المعارضة يظهرون في وسائل الإعلام في مناسبات عديدة تأكيداً على أهمية الرأي والرأي الآخر.
وتضمن التقرير فصلاً عن المخالفات الإعلامية في الصحف والشاشات وأشار إلى انخفاض حجم المخالفات بنسبة نحو 30% في 2019 عن 2018، وذلك للسنة الثانية على التوالي، وتركزت المخالفات حول معيار خلط الإعلان بالتحرير في الشاشات والأخبار مجهولة المصدر في الصحف.
لكن التقرير لم يذكر، بالطبع، أن عدد المواقع المحجوبة في مصر وصل إلى 546 موقعاً على الأقل، بعد الهجمة التي صاحبت مظاهرات سبتمبر/ أيلول الماضي، من بينها 103 مواقع صحافية، وفقًا لحصر مؤسسة حرية الفكر والتعبير.
ولم يذكر التقرير أيضًا تصنيف مصر عالميًا في حرية الصحافة، إذ أشار التصنيف العالمي لحرية الصحافة لمنظمة مراسلون بلا حدود لعام 2019، إلى تتراجع مصر إلى المرتبة 163 عالمياً، بتراجع مركزين عن العام الماضي، من أصل 180 بلداً، ووفقاً للأرقام الصادرة عن لجنة حماية الصحافيين، تحتل مصر المرتبة الثالثة كأسوأ بلد من حيث سجن الصحافيين.
وتصدرت الصين وتركيا والسعودية ومصر وإيران قائمة البلدان التي تسجن أكبر عدد من الصحافيين في العالم، وفق تقرير للجنة حماية الصحافيين الدولية، نشر في منتصف ديسمبر/كانون الأول.
ولم يتطرق التقرير، بالطبع، إلى أن مصر تعد أكثر دولة تستخدم تهمة نشر "أخبار كاذبة" لاعتقال الصحافيين، وفق تقرير للجنة حماية الصحافيين الدولية.