"فيسبوك" ينظر بأكبر اختراق لمعلومات مستخدميه من قبل شركة عملت لصالح ترامب

18 مارس 2018
(سكوت ألسون/Getty)
+ الخط -

أعلن "فيسبوك" أنّه علّق حساب شركة "كامبريدج أناليتكا" الأميركية لتحليل المعلومات التي عملت لصالح حملة الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال الانتخابات الرئاسية عام 2016، وذلك بعد تقارير عن جمع الشركة لمعلومات من الصفحات الشخصية لملايين الناخبين الأميركيين على الموقع الأزرق بدون موافقتهم.

وقالت صحيفتا "نيويورك تايمز" الأميركية وصحيفة "الأوبزرفر" البريطانية، أمس السبت، إن شركة "كامبريدج أناليتكا" لتحليل البيانات جمعت معلومات خاصة عن أكثر من 50 مليون مستخدم لموقع فيسبوك من دون موافقتهم، من خلال تطوير تقنيات لدعم الحملة الانتخابية لترامب في عام 2016، في أكبر خرق من نوعه لموقع التواصل الاجتماعي الأكبر في العالم، لاستخدامها في تصميم برامج بامكانها التنبؤ بخيارات الناخبين والتأثير عليها في صناديق الاقتراع.

كما تم تعليق حساب منظمة "ستراتيجيك كوميونيكيشن لابوراتوريز" التي تتبع لها الشركة، إضافةً إلى حسابي عالم النفس من جامعة كامبريدج، ألكسندر كوغان، وكريستوفر وايلي الذي يدير مؤسسة "يونويا تكنولوجيز".

وتعتبر شركة "كامبريدج أناليتكا" الوحدة الأميركية لشركة "أس سي أل" البريطانية التي تُعنى بالتسويق السلوكي. وبرزت على الصعيد العالمي بعد أن استأجرت خدماتها مجموعة داعمة لبريكست من أجل جمع المعلومات واستهداف الجمهور. والشركة تخضع لتحقيق في البرلمان البريطاني حول الطريقة التي تتعامل بها مع المعلومات.

تطبيق الاختراق
وفي التفاصيل، أنه تمت عملية جمع معلومات مستخدمي "فيسبوك" عبر تطبيق أنشأه كوغان يحمل اسم "this is your digital life" (هذه هي حياتك الرقمية)، بشكل منفصل عن عمله في جامعة كامبريدج، والذي قدم خدمة إجراء اختبار للتنبؤ بشخصية المستخدم، وأدرج التطبيق على "فيسبوك" تحت وصف "تطبيق بحثي يستخدمه علماء النفس".

وقام 270 ألف شخص بتحميل التطبيق ما سمح لكوغان بالدخول إلى معلوماتهم الشخصية مثل المدينة التي يقيمون فيها كما هو مدون على صفحتهم، إضافةً إلى المواد التي حازت إعجابهم.
وقالت الأوبزرفر أنه على الرغم من التعاون بين شركة كوغان "غلوبال ساينس ريسيرش" وكامبريدج أناليتكا فإن مئات الآلاف من المستخدمين حصلوا على مبالغ للخضوع لاختبارات شخصية، ووافقوا على جمع بياناتهم للاستخدام الأكاديمي.

وبحسب الصحيفة أيضاً، فإن التطبيق استخدم كذلك لجمع معلومات عن أصدقاء هؤلاء الأشخاص على "فيسبوك" مما أدى إلى تجميع بيانات عشرات الملايين من الأشخاص. وأشارت إلى أن سياسة "فيسبوك" تسمح فقط بجمع بيانات الأصدقاء، لتحسين تجربة المستخدم في التطبيق ومنع بيعها أو استخدامها في الإعلانات.

وقالت أوبزرفر إنه "مع ذلك فإن التطبيق جمع معلومات أيضاً عن أصدقاء الذين أجروا الاختبار، ما أدى إلى مراكمة قاعدة معلومات تشاركية قوية عن عشرات ملايين الأشخاص".

إلى ذلك، نقلت الصحيفتان عن موظفين سابقين بشركة كامبريدج أناليتكا، ومساعدين ووثائق أن هذه الواقعة تعد واحدة من أكبر عمليات خرق البيانات في تاريخ فيسبوك.



وقالت "الأوبزرفر" إن "كامبريدج أناليتكا"، استخدمت البيانات التي حصلت عليها بدون تفويض في أوائل عام 2014 لعمل برنامج كمبيوتر للتنبؤ والتأثير على خيارات الناخبين في مراكز الاقتراع.

ونقلت الصحيفة عن الشخص الذي قام بالتبليغ عن المخالفات من كامبريدج أناليتكا، ويدعى كريستوفر ويلي، الذي عمل مع أكاديمي في جامعة كامبريدج للحصول على البيانات، قوله إن البرنامج يستطيع أن يقدم معلومات عن الناخبين لاستهدافهم بإعلانات سياسية شخصية.

وأضافت الصحيفة أن الأشخاص الذين تم استهدافهم والحصول على بياناتهم، وعددهم أكثر من 50 مليون مستخدم على فيسبوك، يمثلون نحو ثلث المستخدمين النشطين للموقع في أميركا الشمالية، وتقريباً ربع الناخبين الأميركيين المحتملين في ذلك الوقت.

وقال ويلي لصحيفة الأوبزرفر "قمنا باستغلال فيسبوك لجمع بيانات عن ملايين الأشخاص. ووضعنا نماذج لاستغلال ما عرفناه عنهم واستهداف ما يدور بخلدهم. كان هذا هو الأساس الذي استندت إليه الشركة كلها".

وتابع وايلي الذي كشف القضية لاحقاً من تلقاء نفسه في حديث مع الصحيفة "لقد استغللنا "فيسبوك" لحصد الصفحات الشخصية لملايين الأشخاص، وبنينا نماذج لاستغلال ما عرفناه عن هؤلاء الاشخاص واستهداف "شياطينهم الداخلية". هذه هي الأسس التي قامت عليها الشركة بأكملها".


وعلى الرغم من أنّ كوغان حصل على المعلومات بطريقة مشروعة إلا أنه "خرق سياسات المنصة" عبر تمرير المعلومات إلى "كامبريدج أناليتكا" ووايلي، وفق فيسبوك.

بدورها، ذكرت "نيويورك تايمز" أن مقابلات أجريت مع نحو ستة موظفين سابقين في كامبريدج أناليتكا ومتعاقدين ومراجعة لرسائل البريد الإلكتروني للشركة، ووثائق كشفت أنها لم تعتمد فحسب على بيانات خاصة على فيسبوك، بل إن معظم هذه البيانات أو كلها لا تزال بحوزتها".

وأشارت أيضاً إلى أنّ نسخاً من البيانات التي تم جمعها ما زالت على شبكة الإنترنت وأنّ فريقها تمكن من الاطلاع على بعضها.



ردود فيسبوك
في المقابل ردّت "فيسبوك" يوم الجمعة بأنها قررت تعليق حساب شركة كامبريدج أناليتيكا بعد أن تأكدت من انتهاك سياسات خصوصية البيانات. لكن "فيسبوك" تراجعت لاحقاً عن الادعاء بسرقة المعلومات، وأصدرت بياناً جديدًا، أمس السبت، اعتبرت فيه أن البيانات التي تمت إساءة استخدامها انحصرت بهؤلاء الذين أجروا بشكل تطوعي الاختبار الذي يقدمه التطبيق حول الشخصية. 

وكتب نائب رئيس "فيسبوك" بول غريوال على الموقع "عام 2015 علمنا (...) بأن كوغان كذب علينا وانتهك سياسات منصتنا، عبر تمرير معلومات من تطبيق متصل بفيسبوك لكامبريدج أناليتكا، وهي شركة تتعاطى العمل السياسي والحكومي والعسكري حول العالم"، مضيفاً أن كوغان تقاسم المعلومات المسروقة مع كريستوفر وايلي.

وأوضحت "فيسبوك" التي لم تذكر كيف تم استغلال المعلومات أنها أزالت التطبيق عام 2015 عندما تم اكتشاف عملية اختراق المعلومات، إلا أن كوغان أبلغهم بان البيانات التي تم الحصول عليها قد تم إتلافها.

وكتب غريوال "قبل عدة أيام تلقينا تقارير بأنه على عكس الشهادات التي أعطيت لنا، لم تتم ازالة كل البيانات"، مضيفاً "نحن نعمل بكثافة لتحديد دقة هذه الادعاءات. وإذا كانت صحيحة فإن هذا خرق آخر غير مقبول للثقة والالتزامات التي قطعوها". وتابع "قررنا تعليق صفحات "كامبريدج اناليتكا/أس سي أل" وصفحتي وايلي وكوغان في موقع فيسبوك بانتظار معلومات أكثر".

وأضافت فيسبوك "سنتخذ إجراء قانونياً إذا دعت الضرورة لتحميلهم المسؤولية ومحاسبتهم عن أي سلوك غير قانوني"، مؤكدةً أنها ستواصل التحقيق في الاتهامات.




وأعلنت شركة "كامبريدج أناليتكا" أنها على اتصال مع فيسبوك "من أجل حل هذه المسألة بأسرع ما يمكن". وألقت باللوم على كوغان في عملية إساءة استخدام البيانات وقالت إنها قامت بإلغاء كل البيانات التي تلقتها من شركة قام هو بتأسيسها وتحمل اسم "جي أس آر" (غلوبال ساينس ريسيرتش).



تحقيقات
وفي سياق التحقيقات، قالت النائبة العامة بولاية ماساتشوستس الأميركية، ماورا هيلي، السبت إن مكتبها فتح تحقيقاً بعد نشر التقارير الإخبارية. وكتبت هيلي على تويتر "مواطنو ماساتشوستس يستحقون الحصول على إجابات فورية من فيسبوك وكامبريدج أناليتكا. لقد فتحنا تحقيقاً". وأرفقت هيلي التعليق برابط خاص بتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز عن هذه القضية.

كذلك، علّقت مفوضة الاتصال البريطانية اليزابيث دينهام السبت بالقول "نحن نحقق في الظروف التي قد يكون تم من خلالها الحصول على بيانات فيسبوك واستخدامها بطريقة غير شرعية".

وأضافت "إنه جزء من تحقيقاتنا المستمرة في مسألة استخدام تحليلات البيانات لأهداف سياسية، وهذا التحقيق تم فتحه للنظر في كيفية استخدام الأحزاب السياسية والحملات والشركات ومنصات التواصل الاجتماعي في بريطانيا للمعلومات الخاصة للأشخاص وتحليلها بهدف استهداف الناخبين".

حملة ترامب
وحصلت "كامبريدج أناليتكا" على تمويل يقارب 15 مليون دولار من صندوق استثماري للملياردير روبرت ميركر الذي يعد من اكبر المتبرعين للحزب الجمهوري. كما أفادت بيانات اللجنة الانتخابية الاتحادية أن حملة ترامب استأجرت كامبريدج أناليتكا في يونيو/ حزيران 2016 ودفعت لها أكثر من 6.2 ملايين دولار. وأوردت "الأوبزرفر" ان رئيس الشركة في ذلك الوقت كان ستيف بانون الذي تم طرده من وظيفته كمستشار لترامب الصيف الماضي.

وقال مسؤول من حملة ترامب إن الحملة استعانت باللجنة الوطنية الجمهورية للحصول على بيانات الناخبين في 2016 وليس شركة "كامبريدج أناليتكا". وقال المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته "أي ادعاءات عن استخدام بيانات الناخبين من مصدر أخر لدعم انتصارنا في 2016 هي ادعاءات كاذبة".

وكان براد بارسكيل الذي أدار حملة الإعلانات الرقمية لترامب في 2016 ومدير حملته الانتخابية لعام 2020، قد صرّح في أحاديث سابقة لـ"رويترز" بأن شركة كامبريدج أناليتكا لم تلعب سوى دور محدود كمتعاقدة في حملة 2016.

وأشار إلى أن الحملة استخدمت بيانات الناخبين من منظمة تابعة للحزب الجمهوري وليس من كامبريدج أناليتكا. وقالت كامبريدج أناليتكا على موقعها الإلكتروني إنها "زودت حملة الرئيس دونالد جيه ترامب بالخبرة والرؤى مما ساعده في الوصول إلى البيت الأبيض. ولم تذكر فيسبوك حملة ترامب بالاسم أو أي حملات أخرى في بيانها.




(رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون