انتخابات ساخنة للصحافيين المصريين: منافسة سياسية أم نقابية؟

11 فبراير 2017
أداء مجلس النقابة الحالي كان ضعيفاً (العربي الجديد)
+ الخط -
تُجرى انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحافيين المصرية كل عامين في أول جمعة من شهر مارس/آذار، على أن يُعقد مجلس النقابة قبل الموعد المحدد للانتخابات للإعلان عن فتح باب الترشح وقبول أوراق المرشحين الجدد قبل موعد إجراء الانتخابات بخمسة عشر يومًا على الأقل، بحسب قانون النقابة.
وبحسب لائحة النقابة، فإن الانتخابات تُجرى بعد اكتمال النصاب القانوني للجمعية العمومية 50% زائداً أحد أعضاء النقابة الذين يحق لهم التصويت، وفي حالة عدم اكتمال النصاب تؤجل أسبوعين بنصاب قانوني 25% زائداً أحد الأعضاء الذين يحق لهم التصويت، ثم تؤجل للمرة الثانية لمدة أسبوعين بنصاب قانوني 25% زائداً واحداً.
كانت أزمة حادة قد نشبت بين وزارة الداخلية المصرية، ونقابة الصحافيين، على خلفية اقتحام قوات من الشرطة المصرية، مقر نقابة الصحافيين المصرية في منطقة وسط القاهرة، للقبض على الصحافيين المعتصمين بداخلها، عمرو بدر ومحمود السقا، على خلفية مواقفهما الرافضة لاتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية في الثامن من إبريل/نيسان من العام الماضي، وبموجبها تم نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.
وتطورت الأزمة بدعوة مجلس نقابة الصحافيين لاجتماع جمعية عمومية طارئ، شارك فيه آلاف الصحافيين، ورفعوا مطالبهم وهي اعتذار من الرئاسة، وإقالة وزير الداخلية، والإفراج عن الصحافيين المعتقلين وغيرها من المطالب التي أصرّ عليها الصحافيون الغاضبون، فيما لم تلتزم بها المؤسسات الصحافية إلا بضعة أيام، بعد ممارسة ضغوطا عليها من قبل رجال الأعمال المالكين لها والحكومة.
ثم تفاقم الأمر بإحالة نقيب الصحافيين يحيى قلاش، وعضوي مجلس النقابة، جمال عبد الرحيم وخالد البلشي للمحاكمة، بتهمة إيواء مطلوبين للعدالة، وصدر حكم من الدرجة الأولى بالسجن المشدد عامين وكفالة 10 آلاف جنيه لكل منهم في الثالث والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.
على هذه الوتيرة، ظل تعامل السلطة مع نقابة الصحافيين المصرية، ما ينذر بانتخابات شرسة، خاصة بعدما باتت ملامح الانتخابات واضحة إلى حد ما بعد بروز أسماء المرشحين لخوض المنافسة على مقعد النقيب.
فالكاتب الصحافي والنقيب السابق، ضياء رشوان، أعلن رسميًا خوضه انتخابات النقابة على مقعد النقيب.


وقال في بيانٍ له إن قراره بالترشح يأتي استجابة وتقديراً لدعوات واتصالات كريمة من مئات الزميلات والزملاء الصحافيين من مختلف المؤسسات القومية والخاصة والحزبية وبخاصة من شبابهم استمرت معه خلال الشهور الماضية، لكي يقوم بما يجب عليه يداً بيد مع جموع الصحافيين المصريين لإنقاذ المهنة والنقابة من المآزق الخطيرة التي أوصلت إليها، من جهة مواقف افتقدت لأي حكمة بدعوى المبدئية، ومن جهة أخرى سياسات أخطأت في تقديرها للصحافيين ونقابتهم العريقة.
وأكد رشوان أن "إعادة هيبة النقابة واحترام الصحافي ومهنته"، وهو العنوان العريض الذي حملته تلك الدعوات والاتصالات، وهي "التزام نقابي وأخلاقي عليه سيحمله على كاهله حتى يتحقق كاملاً".
وكان رشوان قد خسر أمام النقيب الحالي، يحيى قلاش في الانتخابات التي أجريت في 20 مارس/آذار 2015، بعد منافسة ساخنة، بفارق 869 صوتًا لصالح قلاش الذي حصل على 1948 صوتًا، مقابل حصول رشوان على 1079 صوتًا.
وأجمع صحافيون ومراقبون للوضع الصحافي في مصر، أن انتخاب قلاش في انتخابات 2015، كان بمثابة "تصويت عقابي" لرشوان، عن فترة رئاسته للنقابة والتي شهدت حبس عشرات الصحافيين والتنكيل بهم في أعقاب الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو/تموز 2013، خاصة أن رشوان بخلفيته السياسية كان من مؤيّدًا النظام الحاكم وسياساته.
واعتبر صحافيون آخرون، أن إعلان رشوان خوض الانتخابات رسميًا، بمثابة مفاجأة، أراد أن يقطع بها الطريق على النقابة والسلطة، بعد طرْح اسمه من قبل النقابة، عضوًا في الهيئة الوطنية للصحافة، التي تحل محل المجلس الأعلى للصحافة في قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام الجديد الذي صدّق عليه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وكان مجلس نقابة الصحافيين، قد أعلن عن ترشيح أربعة من أعضاء النقابة لعضوية المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، يختار رئيس الجمهورية اثنين منهم، وفقًا للقانون الجديد وهم: عبد الفتاح الجبالي، جمال فهمي، صالح الصالحي، ومجدي حلمي. فضلاً عن اختيار ستة صحافيين لعضوية الهيئة الوطنية للصحافة، يختار رئيس الجمهورية ثلاثة منهم وفقاً للقانون، وهم: ضياء رشوان وخليل رشاد ومحمد الهواري وعبد الله حسن وأحمد البرديسي وأحمد مختار.
وضياء رشوان، هو سياسي وصحافي مصري، عُيّن مديراً لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عام 2011. ورشح نفسه لمنصب نقيب الصحافيين في انتخابات مارس/ آذار 2013 والتي أسفرت عن فوزه بمنصب نقيب الصحافيين بعد حصوله على 1280 صوتًا بنسبة 55% مقابل 1015 صوتا لمنافسه عبد المحسن سلامة.
عبد المحسن سلامة، ابن مؤسسة الأهرام أيضًا، كضياء رشوان، لكنه من خلفية سياسية مختلفة تمامًا، طالما كانت هي محور التسويق الانتخابي لهم. فعبد المحسن سلامة، كان عضوًا في الحزب الوطني المنحل، في عهد الرئيس المخلوع، محمد حسني مبارك، ولا يزال ولاؤه للنظام الحاكم الحالي، هو الذريعة التي يبني عليها قرار ترشحه، رغم إعلانه مرارًا وتكرارًا أن "علاقته بالسلطة الحاكمة مرتبطة باستجابتها لمطالب الجماعة الصحافية"، وهي نفس الذريعة التي يستخدمها ضده منافسوه.
حتى الآن؛ لم يعلن سلامة رسميًا خوض الانتخابات على مقعد النقيب، رغم تصريحاته المواربة، ودعمه من مؤسسة الأهرام التي ينتمي لها، ودعمه أيضًا من قبل السلطة الحاكمة.
أما النقيب الحالي، يحيى قلاش، فيتحفّظ على إعلان موقفه من الترشح حتى الآن، رغم تأكيد مقربين له أيضًا أنه سيخوض المنافسة من جديد.
ويبدو صمت قلاش منطقيًا بحسب تصريحاته بأنه "يمارس مهام عمله كنقيب للصحافيين حتى انتهاء مدة ولايته كاملة"، إلا أن مقربين يبررون هذا الصمت بـ"البعد عن صراعات المنافسة الانتخابية، حتى آخر لحظة ممكنة".
وكان قلاش قد خسر منصب نقيب الصحافيين في أول انتخابات بعد ثورة يناير في 2011 أمام منافسه مرشح جماعة الإخوان المسلمين، ممدوح الولي.
سابقًا انتخب عضواً لمجلس نقابة الصحافيين لأربع دورات متتالية. وشغل منصب سكرتير عام النقابة لمدة 8 سنوات، وهي أكبر مدة يقضيها نقابي في هذا الموقع.
يرى كثير من الصحافيين، أن أداء مجلس النقابة الحالي، كان ضعيفًا في مواجهة قضايا بعينها، مثل موجه فصل الصحافيين تعسفيًا من مؤسساتهم، على خلفية الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها تلك المؤسسات، فضلاً عن موقف المجلس المتخبط إزاء قضايا سياسية كبرى، نتيجة انقسام المجلس بتشكيله الحالي، الأمر الذي دفع معارضون لقلاش باتهامه بأنه "يدير شلة داخل النقابة لتحقيق مكاسب سياسية لا نقابية"، وهو ما قد يُثار لاحقًا على لسان منافسيه، بعد إعلانه رسميًا عن ترشحه.

المساهمون