معركة التلفزيون الرسمي التونسي: لمن الغلبة؟

11 أكتوبر 2017
(کيم بدوي/Getty)
+ الخط -
يبدو الصراعُ داخل التلفزيون الرسمي التونسي مرشحاً للتصعيد، خاصة في ظل صمت الحكومة التونسية عن هذه التجاذبات واكتفائها إلى حدّ الآن بدور المشاهد ظاهرياً.
إذ تستمرّ مفاعيل وتبعات البيان الذي أصدرته الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري التونسيّة (الهايكا)، نهاية الأسبوع الماضي، بعدما تحدثت فيه عن توظيف سياسي للتلفزيون العمومي (الرسمي) من قبل السلطة الحاكمة، مستشهدة بتغطية زيارة الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، إلى محافظة سوسة الساحلية، معتبرةً التغطية بمثابة "الدعاية السياسية التي تفتقر للشروط المهنية في مثل هذه التغطيات الإخبارية".

ودعت الهايكا، الحكومة التونسية بشكل واضح، بعد أن كان الأمر يتداول فى الأروقة الخلفية لأماكن صنع القرار، إلى تعيين مدير عام جديد من الكفاءات التونسية ليعوض المدير العام بالنيابة الحالي عبد المجيد المرايحي.

واعتبر كثيرون البيان مؤشراً على حالة عدم الانسجام التي تسود المشهد الإعلامي التونسي، وبروز مراكز قوى تحاول كلّ منها فرض اختياراتها وفقاً لميولها المهنية وحتى السياسية، وذلك من خلال فرض أشخاص معينين في إدارة التلفزيون التونسي الرسمي والإذاعة التونسية الرسمية، باعتبار أن الفصل 16 من المرسوم 115 المنظم لقطاع الإعلام في تونس يفرض على الحكومة التونسية اقتراح أسماء لإدارة هذين المؤسستين شريطة موافقة "الهايكا" على هذا الاسم، وهو ما تعمل الحكومة التونسية على تجنبه من خلال تسمية مديرين عامين بالنيابة مثلما حصل مرتين في التلفزيون الرسمي.

حالة عدم الانسجام والصراع داخل التلفزيون الرسمي التونسي لم تعد تجلياتها خافية عن أحد، فإضافة لعدم تطابق الرؤى بين الحكومة والهايكا، برز عدم تطابق الرؤى بين الهايكا والنقابة العامة للإعلام (المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل، كبرى المنظمات النقابية وواحد من الفاعلين الرئيسيين في المشهد السياسي والاجتماعي التونسي).

وعبَّر الكاتب العام للنقابة العامة للإعلام، محمد السعيدي، عن حالة "عدم التطابق" تلك، بعدما ردّ على بيان "الهايكا" بالتوظيف السياسي للتلفزيون الرسمي، موجّهاً الاتهام للأخيرة بأنها هي الأخرى تمارس في لعبة التوظيف الشخصي. وقال "الهايكا هيئة تعديلية كان من المفروض أنها تراسل مؤسسة التلفزة التونسية مثلما تفعل مع كل المؤسسات الإعلامية وليس من دورها إصدار بيانات ضد المرفق الحكومي. والحقيقة البيان هو بيان تصفية الحسابات بامتياز ولا علاقة له بالتعديل وبعض من جماعة الهايكا أرادوا فرض بعض الأشخاص للعمل بمؤسسة التلفزة في الشبكة الجديدة ووقع رفضهم ولهذا السبب بدأت عملية الضغط وتصفية الحسابات". أي أنّ السعيدي يتهم بعض أعضاء الهايكا بالرغبة في فرض اختيارات معينة داخل برمجة التلفزيون الرسمي التونسي وهو اتهام يترجم حالة الصرع الموجودة داخل أروقة التلفزيون الرسمي.

من جهتها، حاولت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين من خلال فرعها بالتلفزيون الرسمي النأي بنفسها عن هذا الصراع. إذ أصدرت رئيسة الفرع هدى الورهاني بياناً بدا وأنه يحاول تجنب الانزلاق للانتصار لهذا الطرف أو ذاك، أكّدت فيه تمسك الصحافيين بضرورة النأي بالمرفق العمومي عن كل توظيف سياسي أو حزبي ويجدد دعوته لصحافيي المؤسسة بضرورة حماية مكتسبات حرية الصحافة والتعبير وفق الضوابط المهنية والأخلاقية".

وجدد الفرع مطالبته بضرورة توفير أجواء مهنية ملائمة للصحافيين لإنتاج مضامين إخبارية ترتقي لتطلعات المشاهد وتقطع مع أي ارتداد إلى مربع السلطة والأحزاب" مستغرباً صمت إدارة التلفزيون عن بعض مطالب الفرع، معرباً عن استغرابه من مماطلة الإدارة في إصدار محضر الجلسة التفاوضية المنعقدة، وجمعت أعضاء الفرع ووفداً عن المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والقاضية بفتح باب الترشح لخطة رئيس تحرير مستقل وفق معايير واضحة".


المساهمون