أوروبا: عين الإعلام على الشارع

22 نوفمبر 2015
(Getty)
+ الخط -
يعتبر استقبال القوات المسلحة الألمانية للقادمين على متن الطائرات عادياً في فترة ترزح فيها أوروبا تحت وطأة الإرهاب والتهديد. في مطار فرانكفورت، تتفقد عناصر أمنية جوازات سفر المسافرين خلال خروجهم من باب الطائرة، تليها مرحلتا تفتيش في المطار نفسه. وفي مطار بروكسل، حتى بطاقات الصحافة لا تشفع للواصلين، تفتيش آخر قبل الخروج، ليلاحظ الواصل المزيد من القوات العسكرية المسلحة.

هي أوروبا بعد أيام من هجمات باريس. الخوف يسود بعض شوارع بروكسل فيما تواصل شوارع أخرى الروتين السياحي المعتاد. العاصمة الهادئة بطبعها لم تعتد أن يخترق صمت الليل طنين سيارات الإسعاف والشرطة المتجهة إلى ضاحية "مولانبيك". وفي "مولانبيك"، التي شهدت حملات متكررة من التفتيش بحثاً عن مشتبه بهم، الإعلام متواجدٌ ومتأهّب لمواكبة التطوارت. المحطات التلفزيونية المحلية أيضاً استمرت باستقبال مداخلات مراسليها المتكررة حتى ساعات متأخرة من ليل الأربعاء/ الخميس.

تفادى الصحافيون مداخلات السكان العشوائية التي قد تحمل بطياتها بعض العنصرية، بحسب آلن، الطالب الجامعي البلجيكي من أصول جزائرية. وبعد انحسار المداهمات، سيطر حال من الترقّب على الشارع.

تقول آنا، وهي ناشطة بلجيكية تابعت التطورات الأخيرة عقب مداهمات سان دوني في فرنسا ومولنبيك في بروكسل: "ساهم الإعلام بنقل صورة واقعية ودقيقة جداً عن حياة الأشقاء الإرهابيين، لم يروّج لأي نوع من التنميط الذي كان يسيطر سابقاً على تفكيرنا كأوربيين، خاصة في فرنسا وبلجيكا".

تستذكر آنا تداعيات الهجوم على صحيفة "شارلي إيبدو" خلال يناير/ كانون الثاني الماضي وتقول: "لمست في تلك الفترة عنصرية وتنميطاً مخيفيْن، على الرغم من محاولات الصحافيين المستمرة تهدئة النفوس هنا، سيطرت نظرة شمولية سببها انتماء المهاجمين آنذاك، دعا كثر إلى ترحيل الشبان من أصول عربية كونهم يشكلون "خطراً محتملاً"، وهو أمر لم يكن مقبولاً لأنه تنميط غير مبرر". تداول الإعلام المحلي لقصة منفذي هجمات باريس خلال الأيام الماضية ساهم بنشر ثقافة الوعي لدى المواطنين. التقارير الإخبارية سلّطت الضوء على حقيقة أنّ منفذي الهجوم ولدا وترعرعا في أوروبا وبلجيكا تحديداً، كانا يملكان حانة محلية في "مولانبيك" ولم تظهر لا "معالم" التديّن ولا الانغلاق عليهما. هي وقائع ساهم الإعلام بنقلها للمشاهد كما هي، أمر نتجت عنه حالة من التفهّم فابتعد الجمهور عن إطلاق الأحكام المسبقة التي تصب بخانة الإسلاموفوبيا.

وعلى قناة "لا أون" La Une التي استمرت بتغطية ما بعد مداهمات "مولامبيك"، شاركت امرأة عرّفت عن نفسها كـ"جارة المهاجمين" ما تعرفه عنهما، فكشفت أنهما كانا يعملان في الحانة بشكل يومي، وكان حضورهما في الشارع عادياً ولم يُثر أي شكوك.

أما آنا فتقول: "هم بلجيكيون، أوروبيون، وقرروا تنفيذ الهجوم بصفتهم تلك. وهو أمر فهمه معظم البلجيكيين، أمرٌ لاحظته من خلال التغريدات التي انتشرت ودعت إلى الحذر ومتابعة التقارير الإخبارية التي تشرح اندماج المهاجمين في المجتمع البلجيكي بعيداً عن توصيفهم بـ"العرب المسلمين"، وأعتقد أن بلجيكا ستنجح بالتخلص من الإسلاموفوبياً كلياً إنْ استمر الإعلام بتسليط الضوء على الحقائق كاملة".


اقرأ أيضاً: أسوأ 15 تصريحاً لدونالد ترامب