بحث إسرائيلي يرصد مظاهر فشل المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية

20 يوليو 2024
مستوطنون في مسيرة استفزازية بالبلدة القديمة في الخليل، 6 يوليو 2024 (عامر شلودي/Getty)
+ الخط -

كشفت ورقة بحثية إسرائيلية عن فشل المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية في تحقيق هدفه المتمثل في تعزيز الثقل الديموغرافي لليهود على حساب الفلسطينيين. وأشارت الورقة الصادرة عن "مجموعة تمرور للأبحاث" التي تعنى بدراسة الأوضاع في الضفة الغربية ونشرتها صحيفة هآرتس العبرية، إلى أنه على الرغم من الاستثمارات الضخمة التي خصصتها حكومة اليمين المتطرف في دولة الاحتلال بقيادة بنيامين نتنياهو لدعم المشروع الاستيطاني وحرصها على إضفاء صبغة قانونية عشرات البؤر الاستيطانية "غير القانونية"، وعلى الرغم من الاعتداءات الإرهابية التي ينفذها المستوطنون ضد الفلسطينيين، فإن نسبة تمثيل اليهود الديموغرافي في منطقة "ج"، التي تشكل أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية، تراجعت مقارنة بالفلسطينيين. 

واستندت الورقة، التي أعدها العقيد المتقاعد شاؤول أرئيل والبرفسوران سيون هلفر وجلعاد هيرشبرغر، إلى المعطيات الصادرة عن "مكتب الإحصاء المركزي" الإسرائيلي التي صدرت مؤخراً وتعلقت بالميزان الديموغرافي في الضفة الغربية ,أظهرت أن نسبة المستوطنين اليهود تمثل 14% فقط من الذين يقطنون في الضفة الغربية، في حين يمثل الفلسطينيون 86%. وأظهرت الدراسة أن المشروع الاستيطاني تلقى ضربة قوية على الصعيد الديموغرافي في منطقة "ج"، التي يروج العديد من قادة الحكومة الحالية لضمها،  كشفت أن تمثيل المستوطنين اليهود في هذه المنطقة تراجع من 82% في 2010 إلى 55% فقط في 2023. وترسّخ هذا الواقع على الرغم من مرور 57 عاماً على احتلال الضفة الغربية ورغم الاستثمار المادي الضخم في دعم المشروع الاستيطاني وفي ظل القمع الممارس ضد أصحاب الأرض الأصليين.  

وشددت الدراسة على أن الواقع الديموغرافي يجعل أي مخطط لضم الضفة الغربية لدولة الاحتلال ينطوي على تحديات هائلة، حيث يرى معدو الورقة أنه في حال ضم الضفة وموافقة إسرائيل على منح الفلسطينيين حقوقاً سياسية فإن هذا يهدد الطابع اليهودي للدولة، وفي حين أنه في حال تم الضم من دون منح حقوق سياسية للفلسطينيين، كما يطرح وزير المالية وزعيم "الصهيونية الدينية" بتسلئيل سموتريتش، فهذا يعني تحول النظام السياسي في إسرائيل إلى نظام فصل عنصري رسمياً. 

ولفتت الورقة إلى أنه عند التدقيق في هوية اليهود الذين ينتقلون إلى الاستيطان في الضفة الغربية فإنه يتبين أن هذا لا يخدم مصالح دولة الاحتلال، بسبب تعاظم التمثيل الديموغرافي لليهود المتدينين الحريديم، الذين لا يؤدون الخدمة العسكرية ولا يساهمون في سوق العمل، مقارنة بتمثيل اليهود العلمانيين والمتدينين القوميين في المستوطنات اليهودية في الضفة. وبحسب الورقة تراجع تمثيل العلمانيين الديموغرافي في مستوطنات الضفة من 35 % في 2010 إلى 26% في 2024 بينما يمثل الحريديم 37% في حين يمثل أتباع التيار الديني القومي والتيار التقليدي المحافظ 37%. وبسبب مستويات التكاثر الطبيعي الكبيرة في أوساط التيار الحريدي تتوقع الورقة تعاظم تمثيل أتباع التيار الحريدي في الميزان الديموغرافي. 

وأبرزت الورقة أن تعاظم تمثيل اليهود الحريديم الديموغرافي في مستوطنات الضفة يمثل تحدياً اقتصادياً كبيراً لدولة الاحتلال لأنه يفاقم مشكلة الفقر، حيث إن المستوطنين الذين ينتمون إلى التيار الحريدي يشغلون المستوى 1 في السلم الاقتصادي الاجتماعي في حين يشغل العلمانيون المستوى 6 في هذا السلم، وهذا يُلزم حكومة الاحتلال زيادة حجم الموازنات المخصصة لهذه للمستوطنات الحريدية. ومن أجل المقارنة أوضحت الورقة أن نسبة المستوطنين اليهود في الضفة الغربية الذين ينتمون إلى المستوى 1 في السلم الاقتصادي الاجتماعي ضعف نسبة الذين ينتمون إلى هذا المستوى داخل حدود دولة الاحتلال. 

وأدى تدهور الأوضاع الاقتصادية للمستوطنين في الضفة الغربية إلى إجبار الحكومة على الإسهام بـ 63% من الموازنات العادية المخصصة للمستوطنات و60% من الموازنات غير العادية، في حين يبلغ إسهام الحكومة في موازنات المدن والبلدات العادية داخل إسرائيل 42% من الموازنات العادية و39% من الموازنات غير العادية. ولفتت الورقة إلى أن المدن الاستيطانية التي يقطنها العلمانيون، مثل "أرئيل" شمال غرب الضفة الغربية ومعاليه أدوميم" شمال شرق القدس المحتلة، لا تشهد زيادة في عدد السكان رغم التكاثر الطبيعي، وأشارت إلى أن نسبة المستوطنين الذين تقل أعمارهم عن 19 عاماً في هذه المدن تراجع إلى أقل من ربع عدد المستوطنين. 

ودللت الدراسة على أن أوضح مظاهر فشل المشروع الاستيطاني في تعزيز التمثيل الديموغرافي لليهود يتجسد في مستوطنات "غور الأردن"، التي يقطنها يهود علمانيون وتندرج في منطقة "ج"، مشيرة إلى أن إجمال عدد المستوطنين هناك لم يتجاوز عشرة آلاف مستوطن رغم الدعم الحكومي. وعلى الرغم مما تقدم، تشير الورقة إلى أن المستوطنات تعد خزاناً انتخابياً للأحزاب الدينية الحريدية والقوى الدينية المتطرفة الأخرى، حيث تحوز هذه الأحزاب وتلك القوى جميعَ الأصوات في المستوطنات تقريباً. 

واستدركت الورقة أن الواقع الديموغرافي في الضفة الغربية قد يتغير في المستقبل في حال رأت قطاعات اجتماعية يهودية تعيش داخل إسرائيل أنه من الأفضل لها الانتقال إلى الإقامة في المستوطنات بالضفة الغربية للاستفادة من مخصصات الضمان الاجتماعي والمساعدات الجمة التي تقدمها حكومة دولة الاحتلال.