تحقيق أميركا
11 مارس 2024
+ الخط -

بلا أوراق رسمية يعلق ملايين المهاجرين غير القانونيين في أميركا، إذ يدفعون ثمن تحقيق أحلامهم من صحتهم، خاصة أنهم يقبلون الاستغلال من أجل عمل يوفر لقمة العيش، مهما كانت مغمسة بالإساءة التي لا يمكنهم الشكوى منها.

- اضطر الثلاثيني التونسي أحمد محفوظي إلى التداوي بالأعشاب والطرق البدائية، بعدما عجز عن دفع 1400 دولار قيمة الكشف الطبي والتحاليل اللازمة لعلاجه، في مستشفى بولاية أريزونا جنوب غربي أميركا، من التهاب أصابه في الجهاز التناسلي، إذ يفتقر إلى تأمين صحي كونه مقيماً غير قانوني منذ أن دخل إلى البلاد قبل أربعة أعوام كسائح، وقرر عدم المغادرة.

وفي كل يوم يدفع محفوظي ثمن قراره بالهجرة غير الشرعية كما يقول، إذ عليه القبول بأي عمل حتى ولو كان في ظروف صعبة وبأجر متدنٍ، محتملاً جميع الآلام النفسية والجسدية، ولا تنفصل معاناته عما يكابده المهاجرون المقيمون بشكل غير قانوني، إذ تتعقد حياتهم وبشكل خاص في حالة المرض، بحسب ما يوثقه تقرير صدر في 17 سبتمبر/أيلول 2023، عن منظمة Kaiser Family Foundation (مختصة بالأبحاث في مجال السياسات الصحية)، بعنوان حقائق مفتاحية عن التأمين الصحي للمهاجرين.

ويعيش 21.2 مليون مهاجر في أميركا بلا أوراق، ومن بين الرقم الإجمالي 50% ليس لديهم تأمين صحي، بحسب التقرير السابق، كما يصطدمون بمصاعب تُقيد حصولهم على عمل، إلى جانب انعدام حريتهم في التنقل بين الولايات وإلى خارج أميركا، وهو ما يؤكده ديبو غاندي، والذي شغل سابقاً منصب كبير مستشاري الهجرة باللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، ويعمل حالياً مديراً في قسم سياسات الهجرة في مركز التقدم الأميركي (بحثي مقره واشنطن)، مؤكداً أن الظروف الحقيقية التي يعيشها هؤلاء تتناقض كلياً مع الاعتقادات الشائعة وسط المجتمع الأميركي بأن المهاجرين يستفيدون من امتيازات عديدة، لأن شرائح واسعة منهم لا تحصل على أية مساعدات.

وتتفق مع رأي غاندي، الأميركية من أصل عراقي لحاظ نجم الربيعي، التي عملت مسؤولة توظيف في عدة منظمات مختصة بمساعدة المهاجرين، آخرها الخدمات اللوثرية في فلوريدا Lutheran Services Florida LSF (غير ربحية تساعد الفئات الأكثر هشاشة)، قائلة بأن الاستفادة من المساعدة في الحصول على عمل، ومكان للسكن، والإعانات المتعلقة بالطعام وغيرها تقتصر على اللاجئين، بينما من دخلوا بطرق غير شرعية لا يستفيدون من تلك الإعانات ولا يقصدون المنظمات خوفا من الترحيل.

 

تباين المواقف والإحصائيات تجاه المهاجرين

تختلف تسمية المقيمين بطرق غير قانونية باختلاف توجه مراكز الدراسات والمنظمات الحقوقية أو البحثية، إذ تطلق عليهم المتعاطفة مع حالتهم وظروفهم تسمية "المهاجرين غير المسجلين Undocumented immigrants"، بحسب توضيح غاندي، بينما تختار المنظمات المحافظة مثل اتحاد إصلاح نظام الهجرة الأميركية FAIR، وهي منظمة تهدف للحد من تدفقات الهجرة، تسمية "الأجانب غير الشرعيين Illegal aliens".

88 ألف أمر ترحيل بحق مهاجرين غير قانونيين منذ مطلع 2024

وينعكس الاختلاف بين التوجهين الليبرالي والمحافظ على إحصائيات أعداد المهاجرين، كما يوضح إيرا ميهلمان، مدير الإعلام في اتحاد إصلاح نظام الهجرة الأميركية لـ "العربي الجديد"، قائلاً إن "العدد الموثق للأجانب غير الشرعيين فاق 16 مليوناً خلال عام 2023، بينما كان العدد في تقرير نشره مركز التقدم الأميركي، في 14 يونيو/ حزيران 2021، بعنوان الجنسية للمهاجرين غير الشرعيين من شأنها أن تعزز النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، نحو 10.4 ملايين مهاجر غير مسجل في عام 2021، بمن فيهم الأطفال".

في المقابل قدر تقرير حول حجم وأصول السكان المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة الأميركية، والذي صدر في 13 سبتمبر/ أيلول 2023، عن معهد سياسات الهجرة MPI (يدعم سياسات الهجرة الليبرالية)، العدد بـ 11.217 مليون مهاجر في 2021، من بينهم 7.426 ملايين، أي 66% من إجمالي العدد، ينحدرون من المكسيك ودول أميركا الوسطى، و1.204 مليون، أي ما نسبته 11% من قارة آسيا، و1.050 مليون، ما يشكل 9% ينحدرون من دول أميركا الجنوبية، بينما قدر عدد القادمين من أستراليا وكندا وأوروبا بـ 780 ألفاً، أي ما يعادل 7%، وعدد القادمين من دول الكاريبي 436 ألفاً، أي 4% من إجمالي العدد، في حين بلغ عدد المهاجرين من الدول الأفريقية 321 ألف مهاجر، أي 3% من إجمالي العدد.

إعانات أم ضرائب؟

يرى غاندي أن لدى الملايين من مخالفي قوانين الهجرة مؤهلات تسمح لهم بالمساهمة في بناء الأمة، وأن تجنيسهم فيه فائدة لهم وللاقتصاد الأميركي كذلك. "فالمهاجرون غير النظاميين شكّلوا 4.6% عام 2021 من القوة العاملة في البلاد"، وفق ما رصده تقرير: "ما نعرفه عن المهاجرين في الولايات المتحدة" الذي نشره مركز بيو للأبحاث في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023.

"علاوة على ذلك، فإن المهاجرين غير الشرعيين يزيدون القوة الشرائية كونهم من المستهلكين، وتسهم أسرهم بدفع 79.7 مليار دولار من الضرائب الفيدرالية، و41 مليار دولار من ضرائب الولايات والضرائب المحلية، ويملكون 1.6 مليون منزل ويدفعون سنوياً 20.6 مليار دولار لأقساط الرهن العقاري، ويساهمون بـ 49.1 مليار دولار في سوق إيجارات المنازل"، بحسب تقرير نشره مركز التقدم الأميركي في الأول من فبراير 2022 بعنوان: لماذا إغاثة المهاجرين مهمة؟ ويضيف التقرير أن العمال غير القانونيين ورغم عدم أهليتهم للاستفادة من برامج الضمان الاجتماعي إلا أنهم يدفعون تكاليفها السنوية.

هذه المساهمة تنفيها منظمة اتحاد إصلاح نظام الهجرة الأميركية والتي تشير بياناتها إلى أن المهاجرين غير النظاميين يدفعون سنوياً 31.4 مليار دولار فقط ضرائب محلية وفيدرالية، وفي المقابل تنفق عليهم الحكومة ما قيمته 182.1 مليار دولار من عائدات دافعي الضرائب الأميركيين، بخسارة حكومية سنوية 150.7 مليار دولار، وهو ما يعبر عنه ميهلمان بقوله: "دفع المهاجر غير القانوني بعض الدولارات ضريبة لا يبرر وجوده ولا يخدم الاقتصاد، إذ يستفيدون من الإعانات الحكومية ويدخل أولادهم المدارس العامة مجاناً".

 

خطر الترحيل

يتجنّب المقيمون بشكل غير قانوني في أميركا الوقوع في مخالفات قد تؤدي لترحيلهم، لأن أي أمر من قبيل القيادة بدون رخصة، وغيرها من المخالفات التي قد تؤدي لتدخل الشرطة، يمكن أن تسفر بالنهاية عن ترحيلهم، "لكن إن حافظوا على التزامهم فعلى الأغلب لا أحد سيعترض طريقهم"، بحسب ما يوضحه المحامي أشرف العليان والذي يدير مكتب السيف لخدمات الهجرة في ولاية شيكاغو.

غير أن ظروف حياتهم والاستغلال والإساءة التي يتعرضون لها، أثناء عملهم بشكل غير قانوني، قد تؤدي إلى وقوع حوادث تستدعي تدخل الشرطة، كما حدث مع الموريتاني محمد الذي طلب الاكتفاء بذكر اسمه الأول تجنباً لأي إشكاليات قانونية، إذ دخل في مشادة مع صاحب عمله في محطة لبيع المحروقات في ولاية ميسيسيبي جنوب البلاد، بسبب المعاملة السيئة والسب والشتم، كما كان رب عمله يدفع له 8 دولارات كأجر يومي بدلاً من 12 دولاراً في الساعة، وهو الحد الأدنى وفق قوانين الولاية، على الرغم من كونه من أصول عربية، وانتهى الحال إلى اشتباك الطرفين، ما استدعى حضور عناصر من الشرطة وهو من بين زبائن المحطة، وعلى دراية بوضعية العاملين فيها، وتدخلوا لحل القضية ودياً كما يروي محمد لـ"العربي الجديد"، مؤكداً عدم إمكانية تقديم شكوى كونه مقيماً بشكل غير شرعي.

معاناة تبدد الحلم الأميركي

بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، يجد المخالفون لقوانين الهجرة صعوبة كبيرة في كراء البيوت بشكل فردي، لأن ملاكها لا يثقون في المهاجرين غير النظاميين، ويرفضون طريقتهم في الدفع النقدي (دون اللجوء إلى البنوك) الذي يعتمدونه بحكم عملهم غير النظاميـ وهو ما وقع للثلاثيني المصري محمود الديب الذي دخل الولايات المتحدة هو الآخر كسائح قبل سنتين، وقرر البقاء، ويتحدث لـ"العربي الجديد" عن صعوبة الشعور بالراحة وانعدام الخصوصية في شقة من غرفتين، يعيش فيها برفقة 7 أشخاص آخرين، أغلبهم من المخالفين لقوانين الهجرة، ويُقر الديب الذي كان يعيش في المملكة العربية السعودية وغادرها بسبب سوء معاملة مُشغله، بصعوبة حياة المخالفين لقوانين الهجرة في الولايات المتحدة، واختلافها عما وصفه بأنها بوابة للنجاح وتحقيق الثراء فيها سهل.

الصورة
عمل
يستغل أرباب عمل المهاجرين غير النظاميين ويهضمون حقوقهم (Getty)

ويرجع الخبير والمحلل السياسي خليل جهشان، مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في اشنطن (بحثي مستقل)، سبب الإبقاء على ملايين من المهاجرين في الولايات المتحدة رغم إقامتهم بشكل غير قانوني، إلى أسباب تتعلق بنهج سلكته البلاد منذ تأسيسها، يتمثل في قبول كل من يأتي إليها طلبا للحماية، أو بحثا عن حياة أفضل، و أخرى ذات بعد أيديولوجي، تتمثل في وجود تيار مرحب بالمهاجرين وهو الحزب الديمقراطي، وآخر غير متعاطف معهم يتمثل في الحزب الجمهوري، الذي تعالت وسطه أصوات متطرفة ازدادت قوتها في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وأصبحت تدعو إلى الإلغاء التام للهجرة، مضيفا أن هناك أبعادا اقتصادية متصلة بالأمر، فحين يتأثر الوضع الاقتصادي تتزايد الدعوات لترحيل الأجانب المقيمين بطريقة غير قانونية، مثل ما حدث في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، الذي رُحل في فترة حكمه 3 ملايين مهاجر غير نظامي، ومن الناحية السياسية، تستغل القضية لاستمالة الناخبين، وفي هذا الإطار يرى جهشان أن القول إن الحزب الديمقراطي يتعاطف مع المهاجرين غير النظاميين للاستفادة من أصواتهم بعد تجنيسهم، مجرد ادعاءات من قبل المعادين للمهاجرين لم تثبت حقيقتها.

وعلى الصعيدين، اللوجستي والقانوني، فإن تأخر الفصل في طلبات اللجوء على مستوى المحاكم لسنوات طويلة يؤدي إلى ازدياد عدد أفراد العائلة، ويصبح بعضهم عاملين يدفعون الضرائب ويساهمون في الاقتصاد، وينتج ما يسمى الأسر المختلطة، التي تتكون من والدين غير نظاميين وأطفال يحملون الجنسية الأميركية، وهنا تُطرح إشكالية ترحيل الأبوين وترك الأطفال، أو ترحيل الجميع بمن فيهم الأطفال الذين بحكم ولادتهم على أراضيها يعتبرون مواطنين أميركيين، و لا يسمح القانون الأمريكي بترحيلهم، وفق توضيح جهشان.

ويبلغ عدد العائلات التي تعيش مع أطفالها دون وثائق 806 آلاف عائلة، كما يصل عدد من لديهم على الأقل طفل واحد عمره أقل من 18 عاما، ويحمل الجنسية الأميركية 3.521 ملايين أي 33℅ من إجمالي العائلات المقيمة بالولايات المتحدة بطريقة غير قانونية، ويُسمَح للأطفال المقيمين بطرق غير قانونية، الاستفادة من التعليم حسب بيانات معهد سياسات الهجرة المنشورة على موقعه بعنون ملف تعريف السكان غير النظاميين في الولايات المتحدة، إذ يقدر عدد الملتحقين بالمدارس وتتراوح أعمارهم بين 3 و17 عاما بـ 651 ألف طفل، كما يلتحق بالجامعات والمعاهد الأميركية 1.411 مليون طالباً تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 سنويا.

 

ولايات قوانينها تحمي المهاجر وأخرى ترفضه

تختلف الولايات الأميركية من حيث القوانين المتعلقة بالهجرة، ويُقسمها مركز المصادر القانونية للمهاجرين Immigrant Legal Resource Center (منظمة مستقلة مقرها واشنطن) إلى ولايات تتبع قوانين تحمي المهاجرين غير النظاميين Protective laws مثل واشنطن، كاليفورنيا، أوريغون و إلينوي، وولايات تتبنى قوانين ترفض المهاجرين Harmful laws أي تشدد الرقابة عليهم، مثل فلوريدا، تكساس، فرجينيا الغربية وأيوا، وولاية أريزونا، التي سنت عام 2010 قانون SB 1070، والذي سُمي أيضا بقانون Show me your papers أو أرني أورقك، والذي يسمح لجهاز الشرطة المحلية بالعمل كذراع لإنفاذ قوانين الهجرة، وينص على أنه "يجب على أي فرد يتم إيقافه أو احتجازه بسبب شكوك بأنه لا يحمل وثائق أن يُثبت وضعه كمهاجر لسلطات إنفاذ القانون..".

تتباين المخاطر التي يتعرض لها المقيمون بشكل غير قانوني على حسب الولاية

ويصف ميهلمان تسمية (أرني أوراقك) بأنها صنيعة المعارضين للقانون رافضا هذه التسمية، ويدافع عن محتواه قائلا : "إن رجال الشرطة يتدخلون بناء على شكوك مؤسسة وقوانين وهذا لا يعني أن الأميركيين يروا المهاجرين أشرارا، بل هم كأي أمة يريدون حماية حدودهم من الملايين الذين يتدفقون إلى الولايات المتحدة لاعتقادهم أن وضعهم فيها سيكون أفضل من بلدانهم، لكن هذا لا يعني أن يُسمح لهم بالمجيء و أخذ وظائف الأميركيين"، على حد قوله.

ومن الأمثلة على القوانين التي تستهدف المهاجرين أيضا القانون SB 1718  الذي وقعه حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، وبدأ العمل به في يوليو/تموز 2022، ووفق القانون يُطلب من المستشفيات جمع معلومات حول وضعية المرضى إن كانت إقامتهم قانونية أم لا، ويبطل رخص القيادة التي حصل عليها المهاجرون غير النظاميين من خارج الولاية، كما يفرض عقوبات جنائية على نقل المهاجرين غير الشرعيين إلى الولاية.

وتعد ولايتي أوريغون و إلينيوي الأكثر أمانا بالنسبة للمهاجرين بطرق غير قانونية، لاعتمادهما أكثر القوانين حماية لهذه الفئة، إذ وسعت ولاية إلينوي عام 2021 برنامج التأمين Medicaid الذي تموله الدولة ليشمل كبار السن من ذوي الدخل المنخفض دون النظر إلى وضعية الشخص القانونية، بحسب خريطة إنفاذ قوانين الهجرة بالولايات State Map on Immigration Enforcement، والتي يحدّثها مركز الموارد القانونية للهجرة Immigration Legal Resource Center (منظمة تهدف لتعزيز حقوق المهاجرين مقرها سان فرانسيسكو بكاليفورنيا).

ما هي حقوق المقيم بشكل غير قانوني؟

يحق للمقيم بطريقة غير قانونية أن يلتزم الصمت، ويتجنّب الخوض في تفاصيل وضعيته، في حال تم توقيفه من طرف رجال الشرطة، أو مصالح الهجرة، إلا في حال كان التوقيف على الحدود أو في المطارات، وإذا طلب أحد أعوان الهجرة رؤية وثائقه الثبوتية فعلى المهاجر تقديمها، أما في حال عدم حيازتها، فيكتفي بالقول بأنه لا يملكها، وإذا طُلب منه الخضوع للتفتيش، يمكنه أن يرفض ذلك، لأن أعوان الهجرة ليس لديهم الحق في تفتيش الأشخاص أو أغراضهم دون موافقتهم، وفي حال توقيف المعني أثناء القيادة، يمكنه الاكتفاء بتقديم رخصة السياقة، ووثيقة تسجيل السيارة وتأمينها، والاحتفاظ بحق عدم الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بوضعيته القانونية، بحسب مقال بعنوان: "اعرف حقوقك - حقوق المهاجرين بغض النظر عن وضعيتك كمهاجر فإنك تتمتع بالحقوق المكفولة بموجب الدستور"، والمنشور على الموقع الرسمي للاتحاد الأميركي للحريات المدنية (منظمة حقوقية مستقلة).

واتجهت بعض الولايات إلى منح المقيمين بشكل غير قانوني تسهيلات، إذ قررت خمس عشرة ولاية، بينها نيويورك ونيوجيرسي، في ديسمبر/ كانون الأول عام 2019، منح المقيمين بشكل قانوني بطاقة هوية تستخدم في سائر أنحاء البلاد، وكانت واشنطن أول ولاية تمنح رخص قيادة لغير الحائزين على أوراق إقامة قانونية منذ عام 1993، واتبعت 14 ولاية الإجراء ذاته، من بينها ولاية نيوجيرسي التي صادق حاكمها الديمقراطي فيل مورفي على قانون يتيح الأمر عام 2019.

ورغم بعض التسهيلات، يبقى شبح الترحيل يطارد المقيمين بشكل غير قانوني، إذ سجلت محاكم الهجرة الأميركية 844.333 قضية جديدة منذ مطلع يناير/ كانون الثاني 2024، وأصدر قضاة الهجرة أوامر الترحيل والمغادرة الطوعية في 34.4% من القضايا المكتملة، بإجمالي 88.015 أمر ترحيل، وجاءت أوامر الترحيل في 0.29% من القضايا فقط بناء على نشاط إجرامي تزعم السلطات أن المهاجر ارتكبه، بحسب بيانات غرفة تبادل معلومات الوصول إلى سجلات المعاملات TRAC، وهي منظمة لجمع البيانات، تابعة لجامعة سيراكيوز في نيويورك.

ورغم أن سياسة ترحيل المخالفين لقوانين الإقامة أثبتت عدم فاعليتها، بحسب ما يراه غاندي، إلا أن أميركا مستمرة فيها، "والأجدى هو إعادة النظر في قوانين الهجرة التي لم تُعدل منذ صدور قانون إصلاح ومراقبة الهجرة عام 1986، وليس ترحيلهم"، بينما يخالفه في ذلك ميهلمان، والذي يرى أن السماح للمهاجرين غير القانونيين بالبقاء في البلاد والتكفل بمساعدتهم يشجعان آخرين على عبور الحدود الأميركية بطرق غير شرعية.