صورة المرأة في الدراما الرمضانية

10 يونيو 2018
نيكول سابا في الهيبة (تويتر)
+ الخط -
تكاد حالة العنف أن تكون سمة غالبة على معظم الأعمال الدرامية التي شغلت الشاشات لشهر رمضان الحالي على نحو غير مسبوق. فحيثما وجّه الواحد بصره لقى عنفاً وأسلحة ونيراناً تُطلق هنا أو هناك. ولو أخذنا مجرد أمثلة سنجد عناوين مختلفة لكن يبقى العنف جامعها الوحيد: "كلبش" إخراج بيتر ميمي وبطولة أمير كرارة، "فوق السحاب"، رؤوف عبد العزيز/ هاني سلامة، "رحيم" محمد سلامة / ياسر جلال، "نسر الصعيد"، ياسر سامي / محمد رمضان، "أبو عمر المصري"، أحمد خالد موسى / أحمد عز. كذلك سنجد سمات غالبة في تلك الأعمال كونها تسير في سياق تمجيد الدولة والمخابرات المصرية عبر تلميع رجالاتها والبطولات التي يفعلونها كل واحد في مجاله. مِن رجالات عهد مبارك إلى العهد الحالي. مِن الشرطة إلى الأمن القومي إلى المخابرات وصولاً إلى الشرطي البسيط، ولكنهم جميعهم يعملون من أجل مقاومة الإرهاب وبسط الأمن ومساندة المواطن العادي الذي يبدو ضحية كل ذلك. 

لهذا ظهرت المسلسلات وكأن كاتبها شخص واحد أو لجنة واحدة قامت بالتنسيق والعمل على إنتاج تلك الأعمال في توقيت واحد ولهدف بعينه، وقد تمّ كل ذلك على نحو استعجالي أدى لظهور أخطاء فادحة في قلب هذا الإنتاج الرمضاني العنيف.

لكن، مع ذلك، قد يبدو ذلك العنف بسيطاً وقليلاً أمام عنف مسكوت عنه وقد تم تمريره بهدوء على الشاشات، عنف يخص المرأة وكيف تمّت عملية إظهار شخصيتها وطريقة تعامل الشخصية الذكورية في حقها. مع ضرورة التنويه هنا بكون ذلك العنف الذكوري إنما جاء في داخل إطار عام احتكرته صورة الرجل "السيّد" والبطل الذي تدور القصة كلها حوله تمجيداً ومدحاً. والمرأة هنا تظهر كمجرد عنصر هامشي عابر، مضروب ومُذّل ومُهان طوال الخط ولا أحد يسأل عنه.


ولنا أن نجد في مسلسل "الهيبة" (إخراج سامر البرقاوي وبطولة تيم الحسن) في موسمه الثاني مُضافاً إليه اسم "العودة"، يبدو هذا مثالاً صارخاً يشير باتجاه ذلك العنف الذكوري. سنجد دائماً شخصية جبل "تيم الحسن" الذي ما أن ينطق بكلمة حتى يُطاع مِن قِبل رجال عصابته كما أهل بيته، الشقيقة كما الزوجة. ما أن ينطق بحرف حتى يسير الكل خلفه. لا قدرة لأحد على كسر كلمة تخرج منه. 

لكن مع هذا تبدو صورة زوجته سميّة (نيكول سابا) الأشد قتامة في العمل والأكثر مهانة، هذا إلى جوار إضافة فكرة جديدة للجزء الثاني من "الهيبة" حتى يقدر العمل على إتمام حلقاته الثلاثين، وهي فكرة إضافة بيت للدعارة فيه مجموعة من الفتيات النازحات من سورية، أو مختطفات وهنّ فعلاً في حالة اختطاف كما يبان في وجودهن في بيت مقفل ومُحاط برجال مسلّحين، حيث تبدو صورة سميّة واضحة كحالة تتعرّض للعنف الجسدي مِن قِبل ذكر العمل الوحيد "جبل". نراها تتعرض لضرب قبيح وغير مسبوق على الشاشة لمجرد شبهة اتهامها بإفشاء سر من أسرار بيت "الجبل"، وقبل أن يتأكد الذكر يذهب لإخراج رباط بنطاله الجلدي ويروح في سلخ جسدها، وحدث ذلك وسط صمت نساء البيت، والدة جبل على وجه الخصوص (منى واصف)، كأن سميّة استحقت ما يحصل لها، كأن الضرب علاجها وهو الأمر الوحيد الذي سيعمل على ترطيب سلوكها تجاه زوجها. 

مع هذا والمشاهد لا يجد تبريراً لذلك العنف غير المنطقي سوى أنه يأتي لتضخيم صورة ذلك الذكر. مع هذا لن نشاهد سوى النتائج الطيّبة التي أحدثها ذلك العنف الكثير، سنرى "سميّة" وهي تعود صاغرة لـ"بعلها"، ستروح إلى المطبخ لأول مرّة، في مرحلة أولى بغية إرضاء "الجبل"، مع هذا لن يقبل الأكل من يدها. "إحنا عيلة واحدة لازم ناكل على الطاولة نفسها ومع بعض" يقول لها في إهانة مُضاعفة. لكنها مع ذلك لن تتوقف على إهانة نفسها، ستقوم، في كل لحظة، بمحاولة اختراع طريقة لكسب رضاه. حتى التزيّن والروائح العطرة التي تضعها على نفسها لن تغفر لها، هي غير موجودة من الأساس في عينيه، هو لا يراها ولا حتى يقوم بلمسها في فراش الزوجيّة.
دلالات
المساهمون