بيع الكتب في شوارع كابول: رزق الأيتام والأرامل

15 مارس 2018
ينتشر باعة الكتب في كافّة أرجاء كابول (Getty)
+ الخط -
الباعة الجوالون ظاهرةٌ تعمُّ كافّة أرجاء العاصمة الأفغانيّة كابول، وجميع المدن المشهورة. لا تكاد تجد شارعاً أو زقاقاً، إلا وفيه أعدادٌ كبيرةٌ من الباعة الجوالين. وفي الأيام الأخيرة، ازداد عدد بائعي الكتب الجوالين. نساء وأطفال وشباب يحملون الكتب، ويبيعونها على المارة. الكتب تكون دينية وتاريخية أو كتب حكايات وقصص.

يرى معظم سكان العاصمة بأنها مهنة جيدة في كسب بعض الرزق، وهي وسيلة لنشر ثقافة الكتب والقراءة. ويرى البعض أن الأطفال والنساء جعلن الظاهرة وسيلة للتسول، إذ إن الكثير من الناس لا يشترون الكتب، ولكنهم يساعدون هؤلاء، خاصة إذا كان البائع طفلاً أو امرأة.

في هذا الصدد، يقول، ملك محمد أصفر، صاحب محل في منطقة "السوق الجديد" لـ"العربي الجديد": "أفرح عندما أرى هؤلاء يحملون في أحضانهم كتباً كثيرة، يبيعونها لأصحاب المحلات والمارة. وبطبيعة الحال، ثمَّة زبائن لهم، الأمر الذي يدل على حبنا للكتاب". كما يزعم ملك أن بيع الكتب بهذه الطريقة، هي وسيلة لكسب الرزق لدى الكثيرين، خاصة الأطفال اليتامى، والنساء الأرامل.



يعرف ملك أرملة شخصيّاً، تأتي في الصباح، وتحمل الكتب في حضنها لتبيعها للناس في أزقة سوق "شهر نو". "نعم، ثمة من يساعدها، ولكنها لا تطلب من أحد المساعدة. بل هي تسعى بنفسها من الصباح حتى العصر لأن تبيع الكتب. وهي تكسب يوميًا ما بين 300 أفغاني (4 دولارات أميركية) و500 أفغاني (سبعة دولارات أميركيّة)".

ويشير ملك إلى أنَّ مهنة بيع الكتب أنقذت الكثير من النساء من العمل في بيوت الناس والتسوُّل. وهي الآن تستطيع بفضل هذه المهنة، الشاقّة نوعاً ما، أن تحمل الكتب في حضنها طيلة النهار، إذْ إنّها وسيلة رزقٍ لإطعام أولادها، وتحميها من المهن غير اللائقة.

هيله (45 عاماً) حصلت على الطلاق من زوجها قبل عامين، عاشت مع أولادها الثلاثة في بيت أخيها لمدة سنة. وبسبب المشاكل الكثيرة، تركَت ذلك البيت، وحاولت أن تجد أيّ عمل، لكنّها لم تستطع ذلك، إلى أن توجهت إلى مهنة بيع الكتب.



تخرج هيله في الصباح من المنزل مع أولادها الثلاثة، هم يبيعون الأقلام في وسط الشوارع على السيارات عندما تقف لدى إشارة المرور، وهي تأخذ كتبها لتبيعها للناس. تواصل الأمّ وأولادها مهنتهم من الصباح حتى قبيل المغرب. مساءً تجمع الكتب، وتضعها في أحد المحلات، ثم تأخذ معها من السوق ما تحتاج إليه، قبل أن تجمع أولادها، وتسير بأقدام ضعيفة صوب منزلها.
تقول هيله لـ "العربي الجديد": "الحياة صعبة للغاية. أعيش فقط لأجل أولادي. وإلا فالحياة باتت مملة بالنسبة لي، وبلا معنى. الآن، أنا وحيدة وأمامي أولاد أفكر في عيشهم، في دراستهم وصحتهم، وعندما يواجهون أي مشكلة لن أرتاح في حياتي". 

يقول، خان محمد، صاحب مطعم في سوق "شهر نو"، بأن بيع الكتب بهذه الطريقة، ربّما كانت مهنة لدى البعض، فهو كذلك وسيلةٌ للتسوُّل لدى الآخرين. "هنا يأتي الكثيرون من هؤلاء الباعة كي يحصلوا على بعض الأموال من الزبائن. كما أننا نعطيهم الطعام مجاناً. ونراهم لا يبيعون في اليوم ولو حتّى كتاباً واحداً. بالتالي، أعتقد بأنها وسيلة للتسول لدى الكثيرين، والتسول كذلك مهنة في بلدنا".


المساهمون