اليمنيات في قلب المونديال

13 يوليو 2018
تشارك الفتيات الحديث حول المونديال (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن الظروف التي يمر بها اليمنيون منذ أكثر من ثلاثة أعوام والحرب الدائرة على أرضهم لم تجعلهم ينسون اهتمامهم وشغفهم بكرة القدم. كما لم تمنعهم الأحوال الاقتصادية القاسية التي يعيشونها وانقطاع التيّار الكهربائي وتأخر صرف الرواتب منذ نحو عامين، لم تمنعهم تلك الأحوال من متابعة بطولة كأس العالم المُقامة حالياً في روسيا؛ حيث يتفننون في اختراع وسائل تتيح لهم تلك المتابعة ومنها المشاهدة الجماعية في صالات واسعة وتوفير مولدات كهربائية.

لكن المفارقة اللافتة خلال بطولة هذا العام، تحوّل فيسبوك لمساحة استعراضية من قبل فتيات يمنيات كثيرات، وقد أظهرن اهتماماً واسعاً بالبطولة ومتابعة أخبارها ساعة بساعة وكتابة التعليقات واستعراض معلوماتهن الخاصة حول كل مباراة. ليس هذا فقط. بل وتعمّد البعض منهن نشر صور خاصة بهن وهن يرتدين قمصان المنتخبات المفضلّة لديهن وتلوين وجوههن بألوان تلك المنتخبات أو تلوين شعرهن ممن لا يرتدين غطاء الرأس. كان حضورهن لافتاً في تلك المقاهي التي خصصت لزبائنها شاشات كبيرة لعرض مباريات المونديال.
وتبدو حالة الناشطة فيروز صالح لافتة في نشاطها الفيسبوكي الخاص بالمونديال، وقد صارت صفحتها مساحة تعكس حالة المناخ الذي يحيط بها في بيئتها الخاصة أو في الأماكن التي تتنقل فيها لتكتب عن مشاعر الناس الذين تصل كلماتهم إلى مسامعها. فمثلاً هي سجلّت، في مرّة، رغبة البعض منهم في أخذ إجازة من وظيفته يوم المباراة النهائية للمونديال كي يكون متفرغاً تماماً للمباراة.
تبدو فيروز عارفة على نحو واسع بالثقافة الرياضية، ويظهر ذلك في دقة المعلومات التي توردها وهي تعلق على كل مباراة على حدة مستعرضة حالة كل منتخب ولاعبيه وربط ذلك بالفرق الأصلية التي يلعبون لصالحها.
بدورها، تحدثنا الروائية حنان الوادعي، المقيمة في صنعاء، عن حالة الانشغال العامّة بالمونديال وقد كانت المرة الأولى التي تنتبه فيها لانشغال النساء بحضور القاعات الكبرى، خصوصا المجانية منها، وقد وضعت فيها شاشات ضخمة لعرض المباريات بدعم من شركات تجارية خاصة، موضحة: "لم يكن غريباً أن تجد الأمهات مع أزواجهن وأولادهن وقد افترشن المساحة المخصصة لمتابعة مجربات اللعب". ما تزال الوادعي تكتب يومياتها الكروية الخاصة بالمونديال على نحو منتظم على صفحتها الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي.

تقول لنا الناشطة المدنية امتنان عبد القدوس إنها كانت مهتمة بمتابعة بطولات كرة القدم، "لكن هذا المونديال على وجه التحديد فتح لي باباً واسعاً من خلاله تعرّفت إلى فتيات يمنيات كثيرات لم أكن أعرف أن لديهن هذا الاهتمام الكبير باللعبة وأن لديهن تلك المعرفة الواسعة بتفاصيلها وتاريخها".

من جهتها، لم تتردد الإعلامية أبها عقيل بالحديث عن علاقتها الظاهرة بكرة القدم لتخبرنا بأنها علاقة قديمة لا تعرف على وجه التحديد متى كانت بدايتها: "أعشق كرة القدم على الرغم من كوني لا أفضل الارتباط بتشجيع فريق بعينه وذلك حفاظا على صحتي، أعشقها لأنها ﻻ تقبل الخرافات وﻻ التمايزات البشرية. ﻻ شأن لها بتاريخك العريق معها وﻻ تقبل اﻻحتكار". وتخبرنا عقيل بحقيقة كون كرة القدم ﻻ تعترف بحديث وقديم وﻻ غني أو فقير وﻻ خبير ومبتدئ، كما أنها ترفض الرموز تماما. وتضيف أن اهتمامها بهذه اللعبة أتى أيضا لكونها لعبة ﻻ تقبل بأي إخلال في شروطها، خاصة اﻻرتجال أو اﻻتكال أو التقيد، فهي تريدك أن تكون شابا بذهنية كهل له من العمر 100 عام.
المساهمون