ومنذ إعلان حالة الطوارئ في فلسطين، التزم الأيوبي بيته احترازاً من انتقال عدوى فيروس كورونا إليه وعائلته. ومع مرور الأيام كان الملل سيد الموقف كحال معظم الأسر الملتزمة في بيوتها.
يبتسم الأيوبي، وهو ينظر إلى أطفاله وسط بيته المتواضع، ويقول لـ"العربي الجديد" "لا أدري متى ستنتهي هذه الأزمة، ومتى سنتمكن من الخروج من منازلنا. لذلك لجأت إلى صب كل اهتمامي على تشجيع أطفالي على ممارسة هواياتهم بكل أريحية، إذ يعشقون العزف على آلات موسيقية مختلفة".
ويعمل الأيوبي في الحقل الموسيقي منذ أكثر من 20 عاماً، ويتخذ الموسيقى مهنة، إذ يعمل موزعاً موسيقياً في أحد الاستوديوهات بمدينة غزة المحاصرة.
أما نجله حمزة (11 عاماً) فتحدث لـ"العربي الجديد" عن هوايته وممارستها في ظل الحجر المنزلي الإلزامي الذي يُشعره بحالة من الملل مع غيابه عن المدرسة من جهة، وغيابه عن معهد تعليم الموسيقى الذي التحق به منذ أكثر من عامين، بصحبة شقيقه بشير من جهة أخرى.
يتمتع حمزة بسلاسة العزف على آلة القانون، لكن مع شغفه بها، وممارسته الدائمة للعزف عليها، أصبح الطفل متقناً للعزف على الآلة بشكلٍ لافت حتى لأصعب الجُمل الموسيقية.
وخلال الحديث مع حمزة، بدأ شقيقه الأصغر بشير (9 أعوام) العزف على الناي. وبدأ بشير يداعب ثقوب الناي، متهيئاً لعزف مقطوعة موسيقية جديدة، وهو الذي اختار واحدة من أصعب آلات العزف الشرقي.
يبتسم بشير ليخبرنا بنبرته الخافتة بأنّه كان يستعد في منتصف مارس/ آذار المنصرم للمشاركة في مسابقة كبيرة في مدينة القدس، بعد أن تأهل للفوز بالمرتبة الأولى في مركز إدوارد سعيد للموسيقى بغزة، إلا أنّ الوباء أعاقه من المشاركة، مستدركاً ببراءته وهو يضع يداً على الأخرى "لعله خير".
يُبدي الوالد الأيوبي حزنه الشديد على تعليقات بعض الناس التي عابت عليه اهتمامه بهواية أطفاله المفضلة التي تتمثل بالعزف على الآلات الموسيقية، لكّنه يطمح إلى إيصال رسالته بأنّ الموسيقى هي لغة العالم التي تفهمها كل اللغات، وهي هواية كأي هواية يمارسها أي طفل بالعالم، كلعب الكرة والقراءة والسباحة والرسم وغيرها.
ويطمح الأيوبي إلى أن يخرج أبناؤه من الحجر المنزلي متقنين لعزف مقطوعاتٍ موسيقية أكثر صعوبة، ومستعدين أكثر لمواجهة متاعب الحياة بكثير من الحب والتسامح والمودة.