دمشق التاريخية.. ثكنة عسكرية

14 أكتوبر 2014
شارع دمشقي (Getty)
+ الخط -
لم أدرك مسبقاً السبب الذي جعل من دمشق توحي إليّ أنّها ثكنة عسكرية! لم يمحُ الياسيمن الهشّ الأثرَ الأسودَ، فيما المشاهد من حولي تحوّلني إلى جندي صغير كئيب!

قبيْل الوصول إلى مدخلها الجنوبي، قادماً من تخوم النبك والقلمون كانت "البانوروما" تستقبلني بعدما قطع بي الباص مسافة 800 كلم من أقصى شمال شرقي البلاد. البانورما نصب كبير يذكّر أيّ زائر أنّ المدينة مقيمة على فم الحرب. صخور وبادية واسعة، تكاد لا ترى فيها شيئاً سوى قطع عسكرية، ثمّ مشهد عريض يخبئ العاصمة خلفه بخُوذ ومقابض مرفوعة وبنادق حمت المدينة في حرب لم نشهدها.

ثمّة أماكن كثيرة ظلّت على حالها من الكتمان والانغلاق. تبدّلت دمشق على نحو جذري بعدما اتصلت حوافّها الفقيرة بمركزها المغلق واتّسع ريفها بفقرائها، وصار من المألوف كما في مدن الصفيح، رؤية مشرّدين ينامون في مواقف باصات.

يمكنك السير من قرب البرلمان مروراً بنادي الضباط، وعلى يسارك سينما الزهراء تعرض أفلاماً قديمة. وإذا عبرت "جسر السيد الرئيس" سترى لافتة تحمل اسم "جامعة دمشق، فرع الحزب البعث العربي الاشتراكي". لكنّك إذا نظرت إلى الأسفل، ترى المتحف الحربي وقربه مياه سوداء قذرة. أشجار حور بيضاء على الطريق المؤدّي إلى "دمّر" و"الهامة". فيما تحتك، نهر يرمز إلى ماض لا وجود له أبداً. على الجسر جندي كئيب، في بلد بلا جيش وبلا رئيس!
المساهمون