فنان "الآركت" في غزة

07 مايو 2018
إياد الصوالحي في مركز عمله الفني (عبدالحكيم أبورياش)
+ الخط -
ليس سحراً أن يتم تحويل الأخشاب الصماء إلى لوحات فنية تروي قصصاً جميلة، وتحكي حكايات إبداعية، إذ يطلق على هذا الفن عالمياً اسم "فن الآركت"، والذي يتم خلاله نقش وحفر تلك الألواح بعبارات مكتوبة بلغات مختلفة أو رسوم تحمل دلالات فنية.

إياد الصوالحي (44 عاماً) من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، يعتبر واحداً من أبرز مدربي وفناني "الآركت" في قطاع غزة، إذ بدأت حكايته معها مصادفة.

ويقضي الفنان الفلسطيني الصوالحي وهو خريج تربية لغة عربية وقته بين أدواته، وقطع الخشب الضخمة والصغيرة، وأصناف الدهان التي اعتاد على رائحتها داخل الورشة، وصوت نحتها وحفرها منذ ما يزيد عن العقدين.

ويقول الصوالحي وقد ارتدى سترته البيضاء والتي تشبه سترة الأطباء لـ "العربي الجديد" إنه صادف فن "الآركت" للمرة الأولى حين كان في زيارة لجمهورية مصر العربية عام 1994، وشاهد واحدة من اللوحات الخشبية وقد نقشت عليها آية قرآنية شَدّت انتباهه، وأشعلت فضوله.


يشرح الصوالحي "قمت بشراء الأدوات الأساسية، وهي المنشار، وريشة القص، وتركتهم عدة أشهر بعد عودتي إلى قطاع غزة، حتى حان وقت البدء بتشكيل أول لوحة، وكانت أيضاً عبارة عن آية قرآنية، أتقنها بشكل لافت حظي بإعجاب أصدقائي، إذ كنت في الفصل الأخير من الجامعة حينها".

إعجاب الصوالحي بفن "الآركت"، وشغفه زاد بعد نجاحه في اللوحة الأولى، فبدأ البحث عن أصناف الأخشاب السهلة في النحت والحفر والقص، وأنواع الدهان المناسبة، مضيفاً: "استخدمت في البداية خشب (الأبلكاج) وهو خشب رقيق، إلى أن وصلت لاستخدام أخشاب الزيتون، MDF، وأخشاب القشرة الطبيعية.

انقطع الفنان الصوالحي عام 1998 عن ممارسة فن "الآركت" بسبب سفره للعمل في إحدى الدول العربية، لكنه عاد مجدداً عام 2000، والتحق في جمعية الثقافة والفكر الحر بمدينة خان يونس، وبدأ العمل معها كمنشط في قسم الفن التشكيلي في مركز بناة الغد التابع للجمعية.

حُلم فن "الآركت" وإنشاء ورشة خاصة به كان يراوده، إلى أن بدأ عام 2004 بتكوين نواة لتلك الورشة داخل الجمعية، حتى أصبحت ورشة رسمية تابعة للجمعية، تحتوي على المواد الخام اللازمة، من أخشاب، مقصات، مناشير، مضخة هواء كبيرة، وغيرها من الأدوات اللازمة للعمل، وفيها جدول عمل ودوام رسمي كامل، وافتتح فيه مؤخراً قسماً لتدريب طلبة الفنون الجميلة.



ويبين فنان "الآركت" لـ "العربي الجديد" أنه شارك في أربعة معارض خارجية، في فرنسا واليونان، لكنه لم يتمكن من حضور أي من تلك المعارض نتيجة الإغلاق المتواصل لمعابر قطاع غزة، كذلك شارك في ثمانية عشر معرضاً داخلياً، إلى جانب معرضه الخاص، والذي نظمه عام 2009، على الرغم من انقطاع الأخشاب في ذلك الوقت نتيجة اشتداد الحصار الإسرائيلي، إذ قام بتجميع القطع الصغيرة من المناجر، وصناعة "معرض فني من لا شيء" حسب وصفه، احتوى على قطع فنية، معلقات خشبية، مرايا، شمعدان، صناديق، أباجورات، ساعات خشبية، وغيرها.

ويشير إلى أنه بدأ بتدريب أول مجموعة لطلبة الفنون الجميلة عام 2013، تلتها عدة مجموعات، وقام باختيار ثلاث طالبات للعمل معه ضمن فريق خاص بفن الآركت، وتم تنظيم معرض خاص بهن بعنوان "مجرد توضيح" وضم نحو عشر مجموعات فنية، تتحدث عن العنف ضد المرأة، وتوضح قدرة النساء على مواجهة العقبات.
دلالات
المساهمون