حكواتي: رسمتُ وطني سوريا على البلاط.. ونمت

13 مايو 2014
لحق بي السجّان إلى الحلم.. وأيقظني بين القضبان
+ الخط -
هويّة
 

أخي الكبير ترك بطاقة هويته في بيتنا قبل أن ننزح منه وبقي بلا هوية.

أختي أضاعت بطاقة هويتها عندما كانت في مخيم الزعتري منذ سنة تقريباً.

أخي المراهق قام بكسر بطاقة هويته متحمساً عندما صاح جارنا "أبو كَاعود": "حريّة... حريّة". وندم بعد خمس دقائق، وما زال إلى الآن كلّما تذكر بطاقة هويّته يردّد :"يلعن أبوك يا أبو كَاعود". 
أنا اضعت بطاقة هويّتي في بيروت مع محفظة نقودي.. (حزنت على النقود).

منذ فترة اتصلت بأخوتي واقترحت عليهم أن نصنع بطاقات هويّة لنا، فقمنا بإحضار قطعة كرتون صغيرة لكلٍ منّا وبدأنا بتدوين معلوماتنا عليها.

كانت فرصة لي لأتخلّص من اسمي، الذي رافقني طيلة سنوات عمري، فاخترتُ اسماً جديداً. أما أختي فقالت لنا: "أريد أن أكون من مدينة أخرى، فقد مللت من سماع النكات التي تسخر منّا".

ثم دوّنتْ اسم مدينة مختلفة.

أخي الكبير غيّر تاريخ ميلاده ليصبح أصغر بعشر سنوات.

أخي المراهق وضع صورة شاب أشقر بدلاً من صورته.

وعندما التقينا... لم نتعرّف على بعضنا بعضاً .

 

 

رسمة وطن

 منذ فترة، رسمت خريطة كبيرة للوطن على أرضية غرفتي باستخدام قطعة فحم، وذلك لأتسلّى بالخروج منه والدخول إليه متى أردت.

صرت بخطوة واحدة مثلاً أكون في الداخل، داخل الخريطة، وأتنقّل بين المحافظات كما أريد.
في اليوم الواحد، كنت أدخل وأخرج عشرات المرات دون أن يوقفني أحد، ولم يحدث معي شيء هناك، مما جعل الأمر يفقد متعته مع الوقت.
رغبة في التغيير قمتُ برسم جنود حول الخريطة، وتركتُ بعض الفراغات. ثم بدأتُ أتسلّل من خلالها كلّما أردت الدخول والخروج. وكنت أشعر بأنّ الأمر حقيقي إلى درجة أنّني كنت أقوم به بحذر وخوف، خصوصا بعد أن رسمتُ الكثير من الجنود داخل الخريطة.
البارحة، بعد سهرة داخلها، لم أرغب في الخروج. أردت أن أنام ليلة داخل البلد. فتمدّدت حتّى غطّى جسدي المحافظات كلّها... ونمت.
عندما استيقظت في الصباح، لم أستطع النهوض. فوجئتُ بأحد الجنود، الذين رسمتـُهم، يقف إلى جانبي ممسكا بقطعة فحم، وقد رسم حولي الكثير من القضبان.

 

دلالات
المساهمون