جون ويك 2... نجاح يتجاوز الجزء الأول

01 مارس 2017
سحرتهم مشاهد الحركة والمطاردات(TOBIAS SCHWARZ/AFP/Getty)
+ الخط -

في عام 2014، صدر فيلم حركة يسمى John Wick. كل عناصره كانت تشير إلى أنه "مجرد فيلم حركة آخر": ميزانية صغيرة (20 مليون دولار فقط)، مخرج مثل تشاد ستاهلسكي يخرج فيلمه الأول بعد سنوات قضاها كمصمم معارك وبديل للممثلين في مشاهد الحركة، بالإضافة إلى كيانو ريفز، وهو ممثل انتهت أيام نجوميته منذ سنوات طويلة. حتى قصة الفيلم التي تدور حول انتقام قاتل محترف من عصابة كبرى بعد قتل كلبه وسرقة سيارته تبدو شديدة التقليدية.

لكن كان من المدهش تحقيق الفيلم نجاحا كبيراً، ليس فقط على المستوى الجماهيري، ولكن أيضاً على المستوى الفني والنقدي، حيث سحرتهم مشاهد الحركة والمطاردات والقتل المنفذة بشكل حقيقي/كلاسيكي ولا تعتمد على ألاعيب الكمبيوتر أغلب مشاهدي الفيلم، لينال تقديراً كبيراً وغير متوقع على الإطلاق.


أمام هذا النجاح، قرر مخرجه وبطله ومنتجوه إنتاج جزء ثان، ومرة أخرى كانت كل المقومات توحي بمجرد استثمار لنجاح غير منتظر ناله الجزء الأول، وسينتهي الأمر كأغلب أفلام السلاسل، نحو عمل كارثي. لكن للمرة الثانية، أتى John Wick: Chapter Two مخالفاً للتوقعات، في عملٍ يتفوق حتى على جزئه الأول، ويحقق حالياً نجاحاً أكبر، ويخلق الكثير من التفاؤل حول سلسلة حركة تتحول إلى كلاسيكية مع مرور الزمن كـDie Hard أو Mission: Impossible.



يبدأ "جون ويك: الفصل الثاني" بعد أيام قليلة من نهاية الجزء الأول، حيث "ويك" يحاول استعادة سيارته الكلاسيكية، ويتلقى بعدها زيارة غير متوقعة من "دانتونيو"، زعيم إحدى العصابات الإيطالية، الذي يطلب منه تنفيذ إحدى المهمات، والمتمثلة في قتل أخته جيانا حتى يحصل على كرسيها في مجلس زعماء الجريمة في العالم. يرفض "ويك" في البداية لأنه ببساطة "تقاعد"، ولكن الكثير من الضغوطات التي تُمارس عليه، ومن بينها عدم رغبته في إخلال عهد قطعه قبل سنوات بأن يسدي لـ"دانتونيو" أي خدمة يطلبها رداً على مساعدة أسداها له الأخير قبل ذلك تجعله يوافق، وهكذا يذهب "ويك" وراء "جيانا"، وسط الكثير من المخاطر وتداخلات المصالح وتغيّر خريطة الأعداء والأصدقاء.


أقوى ما في هذا الفيلم هو قدرة مخرجه "ستاهيلسكي" ومؤلفه ديريك كولستاد على إدراك ما هي عوامل نجاح الجزء الأول التي يمكن البناء عليها، وما هي العوامل التي سيكون من السيئ جداً محاولة استثمارها من جديد. وهو الفخ الذي تقع فيه أغلب أفلام السلاسل التي تنشأ بناءً على نجاح الجزء الأول، حيث يقرر صناعها استخدام كافة العناصر الناجحة، مما يجعل العمل الثاني مجرد نسخة باهتة ومشوهة للعمل الأول. "جون ويك 2" لا يقع في هذا الفخ. القرار الموفق جداً ببداية الفيلم بعد أيام من الجزء الأول صنع وصلاً رائعاً يزيد من تصديقنا لحقيقية العالم الذي تدور فيه الأحداث، وأن ما يجري الآن سيكون استمراراً لشيء سبق أن رأيناه وليس تقليداً له، وبالتالي لن نتتبع الشخصية في رحلة انتقام، ولن تُمارس نفس الحيل السردية، ولكن تفاصيل أخرى كالدَين القديم، والتداخل بين المصالح، والأصدقاء والأعداء والعلاقات المضطربة.


في المقابل، هناك العنصر الحقيقي الذي أحبه الناس في الجزء الأول، وهو "حقيقية المطاردات ومشاهد الحركة"، "ستاهيلسكي" يستثمر مرة أخرى سنوات عمره الطويلة، وربع القرن الذي قضاه في تمثيل اللقطات الخطيرة أو تصميم مشاهد الحركة في أفلام أخرى، يمنح فيلمه طوال الوقت ذلك النفس الكلاسيكي الرائع بأنك تشاهد شيئاً أصيلاً من التسعينيات أو الثمانينيات، مع الكثير من المطاردات والقتل والاشتباكات والمشاهد التي لا ينقطع نفسها وتظل محتفظة بصلابتها بفضل قوة الحركة والتصوير بدلاً من مشاهد الغرافيك الجوفاء. الأمر الآخر الذي استمر فيه "ستاهيلسكي" هو شكل العالم الذي تدور فيه الأحداث، وبعد تفاصيل قوية من قبيل التعامل بسبيكات ذهبية، الحانوتي الذي ينظف وراء القتلة، الفندق الذي يجمعهم، وغيرها.



دلالات
المساهمون