مهرجان كانّ: السينما تُشيّد مسارحها

17 مايو 2019
تحلّ كانّ ثانية في عدد الزوّار (ألف/ Getty)
+ الخط -
انطلقت الثلاثاء، الدورة الـ72 من مهرجان "كانّ" السينمائي الدولي (14 - 25 مايو/ أيار 2019)، في المدينة الساحلية الفرنسية، التي يحمل المهرجان اسمها. موعد يتجدّد سنويًا، في الشهر الخامس تحديدًا، منذ عقود بعيدة. ينتظره مهتمّون بالشأن السينمائي. بسببه، تكتظّ المدينة، فيتضاعف عدد سكانها مرة واحدة على الأقلّ، على نقيض بقية الأشهر، رغم التظاهرات والمؤتمرات والنشاطات غير السينمائية التي تُقام فيها.

يظنّ البعض أن مسابقات وبرامج مهرجان "كانّ" تنعقد كلّها في "قصر المهرجانات" الضخم، الكائن في شارع "لا كروازيت". هذا ليس صحيحًا، فالقصر يحتضن أهمها، كالمسابقة الرسمية، ومسابقة "نظرة خاصة"، وحفلي الافتتاح والختام، وسوق الفيلم، وهو الأكبر دوليًا، وبعض المسابقات الفرعية.

منذ عام 1949، كان يُقام المهرجان في "قصر الكروازيت"، الذي صمَّمه السير أوبير بينيت، قريبًا من موقع القصر الحالي. هُدم القديم، وحلّ مكانه فندق "جي. دبليو. ماريوت"، حيث تُعرض أفلام برنامج "نصف شهر المخرجين" أو "أسبوعا المخرجين"، في سينما قائمة في طابق تحت الأرض. هذا البرنامج بدأ عام 1969، بإشراف "نقابة المخرجين الفرنسيين"، بشكل مستقلّ تمامًا، إداريًا وماليًا، عن مهرجان "كانّ". اختير للبرنامج هذا الاسم لانعقاده في مرحلةٍ كان المهرجان يمتد على 14 يومًا.


مهرجان كانّ عام 1949 (كيستون فرانس/Getty)

أما التظاهرة الأقدم، "أسبوع النقاد"، فتخضع بالكامل لإشراف "نقابة نقّاد السينما الفرنسيين" وتنظيمها، منذ تأسيسها عام 1962، وتُقام نشاطاتها وعروضها في فندق "قصر ميرامار"، على بُعد أمتارٍ قليلة من مكان انعقاد "نصف شهر المخرجين". هذا يعني أن البرنامجين يُقامان في مكان يبتعد عن "قصر المهرجانات" نحو كيلومتر. لكلّ منهما نظام خاص يختلف عن الآخر، وجداول عروضهما مُستقلّة. فعليًا، تُعتبر التظاهرتان بمثابة مهرجانين منفصلين عن مهرجان "كانّ"، إذ تتقاطع عروضهما معه، وأحيانًا كثيرة، تتفوّق أفلامهما على الأفلام المختارة رسميًا للمهرجان.

في عام 1979، ونظرًا إلى زيادة نشاطات المدينة وعدد زائريها، بدأت أعمال البناء في ما سيُعرف لاحقًا بـ"قصر المهرجانات" و"قاعة مؤتمرات مدينة كانّ". القصر الجديد، الذي صمّمه المعماري فرانسوا درويه، انتهى تشييده عام 1982، العام الذي شهد افتتاحه أيضًا. منذ ذلك الحين، يُقام المهرجان السينمائي فيه، بالإضافة إلى نشاطات ومهرجانات وفعاليات أخرى متنوّعة. تبلغ مساحته 30 ألف متر مربع تقريبًا، وهو مُؤلّف من ستة طوابق، ويضمّ خمس صالات، يراوح عدد مقاعدها بين 150 و2300. هناك مساحة شاسعة في الطابق الأرضي وحول القصر، تُقام فيها فعاليات وعروض سوق الفيلم.


الممثلة الفرنسية ماري فرانس بيزييه في "كانّ" سنة 1979 (رالف غاتي/فرانس برس)

رغم عمليات "التوسعة" التي شهدها القصر عام 1999، بإضافة 10 آلاف متر مربع إلى مساحته السابقة، خضع ـ منذ عام 2010 ـ لأعمال صيانة وتطوير وتوسعة ضخمة، امتد بعضها لثلاثة أعوام (2013 – 2015). الجزء الأكبر من عمليات الترميم والتجديد والتطوير كان من نصيب الصالة الكبرى، المعروفة باسم "مسرح لوميير"، فارتفع عدد مقاعدها إلى 2309. هي الصالة الأكبر في القصر. شاشتها من أكبر شاشات العالم. تستأثر بانتباه وسائل الإعلام واهتمامها، لكونها الصالة الرئيسية التي تشهد عرضي الافتتاح والختام، وتوزَّع فيها الجوائز. على درجاتها الـ24، يصعد أهم المخرجين والنجوم وأشهرهم، وتُلتَقط لهم الصُوَر التذكارية.

يلي "مسرح لوميير"، من حيث الأهمية والمساحة، "مسرح كلود دوبوسّي" (1068 مقعدًا)، ثم "لوي بونويل" (452 مقعدًا)، و"أندريه بازان" (280 مقعدًا). في جانب من القصر، تُنصب خيمة "صالة الـ60" منذ عام 2007، المتّسعة لـ500 مقعد، والمُجهّزة بأحدث تقنيات العرض. تُفكَّك لاحقًا بعد انتهاء كلّ دورة، وتنصَب مجدّدًا قبل الدورة الجديدة بأيامٍ قليلة.
في هذه الصالات، تُعرض أفلام المسابقات الرئيسية والفرعية ("سيني فونداسيون" و"الأفلام القصيرة" مثلاً). بنية تحتية مجهّزة بأفضل التقنيات الخاصّة بالعروض والمُشاهدة والخدمات الصحافية، فالمهرجان يحظى بتغطية أكثر من 4500 صحافي، وهذه أكبر تغطية إعلامية يحظى بها حدثٌ دوليّ في العالم، بعد "أولمبياد".

هذا كلّه وضع مدينة كانّ في المرتبة الثانية بعد باريس، في لائحة المدن الفرنسية جذبًا لأعداد هائلة من الزوّار، القادمين لأسبابٍ ثقافية وسياحية وتجارية. فالمؤتمرات والنشاطات تُقام في القصر نفسه، على امتداد العام: موسيقى، مسرح، ورش عمل، معارض فنية، بالإضافة إلى السينما طبعًا.


ريانا في "كانّ" عام 2017 (تريستان فوينغ/Getty)


هناك أيضًا مهرجان "كانّ ليونز" الدولي للإبداع، وأهمّ معارض العقارات والسياحة واليخوت والطعام والتسويق الفندقي. وأُضيف إلى القائمة أخيرًا "مهرجان كانّ للمسلسلات"، الذي انعقدت دورته الثانية بين 4 و11 إبريل/ نيسان 2019.
دلالات
المساهمون